“أكوا بيبا”… رعب بشواطئ الشمال

خلل في اصطياد سلاحف بحرية تقتات عليها وراء انتشارها وجمعيات تدق ناقوس الخطر ارتفعت وتيرة انتشار قناديل البحر أو ما يسميها سكان الشمال ب"أكوا بيبا" التي تكون لسعاتها خطيرة أحيانا، ما يتطلب من الجهات المعنية التدخل لإيقاف هذا الانتشار الكبير، من خلال نهي الصيادة عن اصطياد السلاحف البحرية أو أسماك القمر التي تقتات على قناديل البحر... مياه شاطئ «كابونيكرو» هادئة تغري كل زائر بالسباحة، رجال ونساء وأطفال قدموا من مناطق مختلفة من المغرب، من أجل الاستمتاع بالجو الجميل والمنعش بالشاطئ، الذي يعد أجمل الشواطئ بمدن الشمال. جلست أنيسة رفقة زوجها وطفليها، فشرعوا في الاستعداد لملامسة مياه شاطئ "كابونيكرو»، وما يسبق ذلك من ارتداء ملابس السباحة ووضع "كريمات" واقية من الشمس، نصحتها امرأة كانت تجلس على مقربة منها من أن تنتبه لقنديل البحر، أو كما يسميه السكان المحليون «أكوا بيبا"، فلسعاته أصابت عددا من المصطافين. بعد حوالي نصف ساعة من ولوج زوج أنيسة البحر رفقة طفله، البالغ من العمر حوالي خمس سنوات، قدم الطفل نحو أمه وهو يصرخ ويبكي من شدة الألم، لم تفهم الأم ما أصاب ابنها، قبل أن يتحلق حولهما المصطافون، ليتبين أن الطفل تعرض للسعة قنديل البحر. استمرالطفل في البكاء فنصح بعض المصطافين الأم بأن تقوم بفرك مكان الإصابة بالرمل بشدة، فدخلت امرأة مسرعة وهي تحمل قارورة «الخل» لتصبه على رجل الطفل التي تورمت. لم تتوقع أنيسة أن يكون طفلها ضحية لقنديل البحر، فتملكها الخوف والفزع، وأخذت تسأل عما إذا كان الأمر يستدعي نقل طفلها إلى المستشفى، فكان جواب مختلف المتحلقين حولها أنه لا داعي لذلك، وأنه يتعين عليها انتظار ردة فعل الطفل، الذي استمر في الصراخ والبكاء طويلا. فزع من اللسعات لم تكن حالة إصابة هذا الطفل الوحيدة في هذا اليوم، بل لسع قنديل البحر حوالي خمسة أشخاص، منهم امرأة في الأربعين من عمرها، حيث أصيبت في ذراعها، لتقوم بالعملية نفسها فرك مكان الإصابة بالرمل ورشها بالخل، لكنها اعتبرت في تصريح لـ"الصباح" أن الأمر عاد لأن إصابتها خفيفة، ولم تصل لدرجة عدد من المصابين. الإصابات المتكررة للمصطافين بلسعات قنديل البحر، عكرت صفو عدد من الشباب الذين قدموا للسباحة، فاختاروا لعب الكرة بالشاطئ خوفا من أي إصابة، لاسيما بعدما تراءت لهم هذه الرخويات الشفافة وسط الماء، فقام بعضهم باصطيادها ودفنها تحت الرمل. يحكي أنور، 18 سنة، عن تجربته مع لسعات "أكوابيبا» قائلا «في السنة الماضية لسعني قنديل البحر على ظهري، وكأنني صعقت بالكهرباء، فشعرت بآلام حادة لم تخف إلا باستعمال بعض الأدوية التي جلبتها لي أمي من الصيدلية، ومنذ ذلك الحين وأنا أخشى قنديل البحر». وأضاف هذا الشاب، الذي قدم من الخميسات، في حديثه لـ"الصباح» أنه يفضل شواطئ البحر الأبيض المتوسط لهدوئها ونظافتها، لذلك يصحب أسرته سنويا إلى المضيق، لكن ما يزعجه هو قنديل البحر، الذي عرف هذه السنة تزايدا كبيرا، مقارنة مع سابقتها. وحسب ما عاينته "الصباح" في شاطئ "كابونيكرو»، الواقع بين مارتيل والمضيق، فإن أغلب المصطافين في هذا اليوم اختاروا عدم السباحة، خاصة بعد ورود أخبار متتالية عن إصابات عديدة بهذا الكائن الرخوي، الذي يزحف على عدد من شواطئ مدن الشمال. خلل بيولوجي تعمل جمعيات المجتمع المدني على توعية المصطافين حول طريقة التعامل مع لسعات قنديل البحر، حيث قال يونس البغديدي، رئيس جمعية أبطال الفنيدق للصيد الرياضي تحت الماء وحماية البيئة، في تصريح لـ"الصباح" "نقوم بحملات تحسيسية في صفوف المصطافين نشرح فيها طريقة التعامل مع هذه الكائنات البحرية، عبر تنظيف مكان الإصابة بماء البحر أو الليمون أو الخل، وفي حالة الإصابة الخطيرة ينبغي التوجه للمستشفى، وهي نصائح نستند فيها إلى الأطباء". وينصح الأطباء عموما، عند الإصابة بلسعات "أكوا بيبا" بغسل مكان الإصابة بماء البحر أو الخل، واستعمال المرطبات المضادة للحريق وتناول دواء ضد الآلام للتخفيف من شدته، مع الحرص على زيارة الطبيب في حال ظهور أعراض أخرى بالجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي. ولا تقتصر توعية جمعية أبطال الفنيدق على المصطافين، بل يتعداهم إلى الصيادين، الذين تعتبرهم الجمعية المسبب الرئيسي في ظهور قناديل البحر، حيث أكد البغديدي أن تكاثر "أكوابيبا" راجع إلى وجود خلل في نظام البيئة البحري، موضحا أن "بفعل استخدام الشباك في طريقة الصيد فإنه يتم اصطياد السلاحف البحرية وأسماك القمر التي تقتات على قناديل البحر، مما أدى إلى تكاثرها". وتدعو الجمعية على لسان رئيسها الصيادين إلى إرجاع السلاحف البحرية أو أسماك القمر، في حال ما إذا علقت بشباكهم، حفاظا على التنوع البيئي والسلسلة البيولوجية. `إعداد: خديجة عليموسى

“أكوا بيبا”… رعب بشواطئ الشمال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قالوا

ضغوط هولندية على موهبة مغربية

مقالات ذات صلة