نهاية تجربة التناوب

مذكرات مستشار اليوسفي 8 نخبة العهد الجديد لم تكن تريد استمرار شخص بوزن اليوسفي وشرعيته التاريخية والنضالية يعد كتاب عبد العزيز النويضي، مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، دروس من تجربة « التناوب» وما بعدها، الصادر في 2022، غنيا بالوقائع والأحداث التي عرفها المغرب المعاصر. ويتطرق فيه النويضي، لجملة قضايا أثار بعضها اهتمام الرأي العام لحظتها، وقدم لها تفسيرا يختلف عما راج، وأخرى لم تكن متداولة. وننشر حلقات من هذا الكتاب القيم، بموافقة المؤلف الذي زكى عملية النشر مشكورا لإفادة قراء « الصباح». إعداد: أحمد الأرقام عندما عين الملك إدريس جطو، وزيرا أول، في أكتوبر 2002، فوجئ اليوسفي، واعتبر أنه، حتى وإن كان دستور 1996 يمنح للملك صلاحية تعيين من يشاء وزيرا أول، فالقرار يعتبر خروجا عن المنهجية الديمقراطية، كما جاء في بيان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بعد ذلك، خاصة أن الحزب احتل الرتبة الأولى في انتخابات شتنبر 2002. ومعلوم أن اليوسفي كان يكن احتراما كبيرا لإدريس جطو، ولم تكن ردة فعله مرتبطة بالشخص كما عبر عن ذلك بنفسه حينها. تم تبرير إعفاء اليوسفي بجملة مبررات، منها أنه سبق أن عبر هو نفسه عن أنه زاهد في المنصب، وإن كان يرى أن يؤول إلى قائد آخر من حزبه، وأن الاستقلال يطالب بأن تؤول إليه الوزارة الأولى بدوره في إطار "مولا نوبة" التي كان على وشك الحصول عليها في 1994، خاصة أن نتيجته في 2002 (48 مقعدا) كانت قريبة من نتيجة الاتحاد الاشتراكي (50 مقعدا)، وأنه ظلم في انتخابات 1997 ظلما فادحا. وفي نظري، فإن الأسباب الرئيسية لإعفاء اليوسفي تتمثل في ثلاثة أسباب، الأول، أن نخبة العهد الجديد ومحيطه كانت لا تريد استمرار شخص بوزن اليوسفي وشرعيته التاريخية والنضالية، خاصة أنه رغم اعتداله، فهو يصر على السير قدما بتدرج في الإصلاحات الكبرى رغم العراقيل التي يصادفها. ولم يكن محمد السادس ملكا مطوقا بأي التزام سياسي أو إكراه دستوري لتعيين اليوسفي من جديد. لقد أوفى اليوسفي بوعده للملك الراحل الحسن الثاني بعد أن قبل تشكيل حكومة التناوب في 4 فبراير 1998، وهو مضمون القسم الذي بالغ البعض في إعطائه تفسيرا سلبيا بعد أن كان اليوسفي من صرح به. وبالنظر إلى أخلاقه وشرعيته الداخلية، وسمعته الدولية، لم يكن بإمكان اليوسفي، في ظل موازين قوى اختلت بعد الخلاف مع الشبيبة الحزبية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل وانسحابهما من مؤتمر 2001، فرض ترسيخ تقاليد ديمقراطية لا يزال الملك الجديد لم يقتنع بها كلية أو هو يقدر أن مصلحة الملكية لا تدعو الآن إلى تقاسم السلطة أو السير قدما في ذلك الاتجاه. وقد تدخل الحملة التي شنتها مصالح متعددة ضد حكومة اليوسفي في الداخل والخارج بعد مجيء الملك محمد السادس، حسب الأستاذ عبد الله العروي، في إطار تخويف الملك من نوايا الجميع خاصة من الأحزاب اليسارية. وربما ندم أصحاب القرار على عدم تعيين اليوسفي إثر انتخابات حصل فيها حزبه على الدرجة الأولى، ويفسر هذا العناية الكبيرة التي أحاط بها الملك محمد السادس اليوسفي، وهو بالمستشفى. ضعف الاتحاد وهزيمة جوسبان يكمن السبب الثاني في ضعف الحزب بعد خروج ذراعه القوي وضميره المتقد، أي المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والشبيبة الاتحادية بعد المؤتمر السادس، والسياسة ميزان قوة وتضارب مصالح، فوزير أول بحزب ضعيف لم يعد من الممكن أن يفيد في التعبئة لفائدة السياسات العمومية أو على الأقل أن يحيد تلك القوى من أي صراع ضد المؤسسات والحكومة وضد السياسات التي يرغب فيها النظام. والسبب الثالث قد لا يدركه الكثيرون، هو خروج القائد الاشتراكي ليونيل جوسبان من سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية في الدور الأول قبل الأوان في ماي 2002، ليقتصر السباق نحو قصر الإليزيه في الدور الثاني على جاك شيراك وجون ماري لوبين. فلو أن الاشتراكي جوسبان بقي إلى الدور الثاني، فمن المرجح أن تكون له حظوظ كبيرة للفوز برئاسة فرنسا. ومن جهة نظر التحليل السياسي فإن حاجة القصر إلى اليوسفي كانت ستكون مؤكدة في حال وجود جوسبان رئيسا لفرنسا، أما جاك شيراك فهو أكثر من صديق للمغرب، إنه صديق العائلة الملكية. أتذكر أنني دخلت غداة خروج جوسبان من السباق، مكتب سي عبد الرحمن، فوجدته حزينا للغاية، وبدا وجهه كلون تراب لا شك أنه تأسف لخسارة صديق كبير إنسانيا وسياسيا، ولست أدري إن ربط ذلك أيضا بمصيره في الوزارة الأولى..

نهاية تجربة التناوب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

النظام الغذائي غير المتوازن يسبب التوتر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات