محنة الانتخابات وقضية حفيظ

مذكرات مستشار اليوسفي 3 انتخابات 1997 شهدت تلاعبات لإفسادها وزرع ألغام في طريق التناوب يعد كتاب عبد العزيز النويضي، مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، دروس من تجربة « التناوب» وما بعدها، الصادر في 2022، غنيا بالوقائع والأحداث التي عرفها المغرب المعاصر. ويتطرق فيه النويضي، لجملة قضايا أثار بعضها اهتمام الرأي العام لحظتها، وقدم لها تفسيرا يختلف عما راج، وأخرى لم تكن متداولة. وننشر حلقات من هذا الكتاب القيم، بموافقة المؤلف الذي زكى عملية النشر مشكورا لإفادة قراء « الصباح». إعداد: أحمد الأرقام كانت الانتخابات مقررة في نونبر 1997، فأعددت مؤلفا بعنوان "العدالة السياسية: الانتخابات والقضاء الدستوري في المغرب"، سنة 1996، يكشف أهم عيوب النظام الانتخابي وحدود القضاء الدستوري آنذاك وأهم نقط الإصلاح الواجبة. وقد سلمت نسخته الأولى للأستاذ عبد الرحمن اليوسفي لكي يكون دليلا يستعين به الحزب وحلفاؤه في المفاوضات من أجل إصلاح القوانين التي ستؤطر انتخابات 1997. كان منطلق الكتاب حينما سلمني الأخوان محمد كرم، المحامي بالبيضاء، وعبد الله الولادي، الرئيس الأسبق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ملف الطعن أمام الغرفة الدستورية في نتيجة الانتخابات التي جرت بدائرة الحي الحسني يوم 25 يونيو 1993، وأعلن فيها عن فوز المعطي بوعبيد، الوزير الأول الأسبق، منافس كرم، من قبل التلفزيون المغربي، قبل نهاية فرز الأصوات، إذ قلبت النتيجة رأسا على عقب ولم يؤد الطعن إلى نتيجة. فكان الكتاب مرافعة من أجل إصلاح القوانين الانتخابية والمؤسسات والقضاء الدستوري. ورغم الجهود التي بذلت لإدخال الإصلاحات التي تتضمن النزاهة، ورغم الاتفاق على ميثاق شرف، شهدت انتخابات 1997، تلاعبات لإفسادها وزرع ألغام في طريق التناوب، كما حصل ضد الاستقلال الذي لم يحصل سوى على 32 مقعدا تماما كحزب محمود عرشان، حديث النشأة (آنذاك)، وكما حصل مع قضية محمد حفيظ. ورغم فوز الاتحاد الاشتراكي بالرتبة الأولى بالدور الأول فيها، فقد جرت محاولات لإفسادها، بإسناد بعض المقاعد لمناضلين اتحاديين أشهرهم محمد حفيظ، والذي طعن في التزوير الذي تم لصالحه، ورفض أن يكون برلمانيا مزورا كما جاء في رسالته الشهيرة إلى الكاتب الأول عبد الرحمن اليوسفي. وأريد بهذه المناسبة أن أبدد ما كتبته حديثا بعض الأقلام من أن اليوسفي كان متفقا على التزوير في انتخابات 14 نونبر 1997. لقد كان يعلم أن الاتحاد الاشتراكي ظلم في مناطق كثيرة، وتردد في البداية في نشر موقف حفيظ برفض المقعد المزور على صفحات جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، إلى أن يجتمع المكتب السياسي ويتخذ قرارا رسميا في الأمر. كان ذلك خلال لقاء جمعه يوم 16 نونبر 1997، بحفيظ الذي كان مرافقا بوفد من قيادة الشبيبة الاتحادية. كان اليوسفي يخشى أن يمنح ذلك لخصوم الحزب فرصة لضرب مصداقية كل النتائج، التي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي، بعد عقود من الصراع من أجل النزاهة. وخلال المناقشات التي شهدها ذلك اللقاء، استطاع حسن نجمي ببراعته الأدبية والخطابية، أن ينجح في تبديد تردد اليوسفي، وبين أنه لا يوجد أي تناقض في الأمر، بنشر قرار حفيظ اليوم، وبعدها يجتمع المكتب السياسي ويتخذ القرار الرسمي للحزب. كما أخبرني محمد حفيظ شخصيا أنه لم يتحكم لحظتها في دموعه التي انهمرت وهو يستعجل نشر موقفه، فوافق اليوسفي وخاطبه قائلا «حفظك الله يا حفيظ، إنك تذكرني بشبابي". كانت تلك المرة الأولى في تاريخ المغرب التي يطعن فيها شخص في نتيجة تعلن فوزه، ويتخلى عن مقعد برلماني، ورغم الطعن ورفض المقعد، فقد مرت أكثر من سنتين قبل أن يصدر قرار المجلس الدستوري بإبطال النتيجة. الاستقلال نال نصيبه من التزوير لقد تم تزوير الانتخابات أيضا ضد الاستقلال، من أجل منع أي مشاركة له أو تحالفه مع الاتحاد الاشتراكي في حكومة اليوسفي مستقبلا، ما أدى إلى عقد مؤتمر استثنائي في دجنبر 1997 أعلنت فيه اللجنة التنفيذية رفض الحزب لنتائج الانتخابات، وأكدت أن الخريطة السياسية كما رسمتها وزارة الداخلية، مزورة. كان هدف التلاعب تعميق تشتيت باقي أحزاب الكتلة الديمقراطية، إذ انشقت جبهة القوى الديمقراطية عن التقدم والاشتراكية، والحزب الاشتراكي الديمقراطي عن منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي تعرضت لحصار شديد بسبب موقفها من الدستور. وتدخل اليوسفي لدى الملك الحسن الثاني لرفع الحصار عن المنظمة، وبذل جهده لإقناع بوستة والاستقلال بالمشاركة في الحكومة المقبلة لإفشال مناورات إدريس البصري ومن معه.

محنة الانتخابات وقضية حفيظ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

8 سنوات لمتهم بالسرقة

تسولنا السجائر لأبناء الحي

مقالات ذات صلة