الاقتطاع من المنبع يشكل 73 في المائة من الضرائب

نادير الباحث في الاقتصاد أكد أن الدولة مازالت مطالبة بلعب دور قاطرة التنمية أكد محمد نادير، الباحث في الاقتصاد والمالية، ضرورة تعزيز الرقابة البرلمانية، وإخضاع تدبير ميزانية المؤسسات العمومية للقواعد المنبثقة من القانون التنظيمي للمالية، واعتماد منهجية نجاعة الأداء وتكريس الشفافية. وأوضح نادير في حديث مع «الصباح»، أن الدولة مازالت مطالبة بلعب دورها الأساسي في التنمية، خاصة أن المغرب يعرف خصاصا في البنيات التحتية الأساسية، من طرق وسكك حديدية ووسائل نقل ومؤسسات تعليمية وصحية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني < لا بد من الإشارة إلى توسيع نطاق تطبيق القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية ليشمل المؤسسات العمومية التي تمارس نشاطا غير تجاري، وذلك لعدة أسباب منها، التبعية الكبيرة لمالية المؤسسات العمومية المعنية بالدعم المقدم من قبل الميزانية العامة (36 مليار درهم في 2021)، وعدم تمكين المؤسسة التشريعية من الاطلاع على البرمجة الميزانياتية المفصلة للموارد المحولة لتلك المؤسسات. وهنا وجب التأكيد على ضرورة تعزيز الرقابة البرلمانية وإخضاع تدبير ميزانية تلك المؤسسات للقواعد المنبثقة من القانون التنظيمي للمالية، خصوصا من حيث اعتماد منهجية نجاعة الأداء وتكريس الشفافية. < يستمد التعديل أسسه من أهداف القانون الإطار رقم 21.50 المتعلق بإصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية، عبر إعادة تحديد حجم القطاع العام وترشيد النفقات العمومية، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وضبط عملية إحداثها وتعزيز حكامتها وتحسين أدائها، ورفع نجاعتها الاقتصادية والاجتماعية. < من أهم التعديلات التي مست مقتضيات القانون التنظيمي، إخراج المؤسسات العمومية المستفيدة من موارد مخصصة من طرف الدولة في نطاق القانون التنظيمي لقانون المالية، وإخضاع تدبيرها الميزانياتي لمبادئ النجاعة وللبرمجة المتعددة السنوات، وبرمجة وتنفيذ نفقاتها وفق القواعد المطبقة على الميزانية العامة. < معلوم أن القطاع العام كان وما يزال هو محرك العملية الإنتاجية والنشاط الاقتصادي ومحقق التوازنات، والمشرف على ضبط التوازن بين العرض والطلب في كل دول العالم. والشيء نفسه بالنسبة إلى المغرب، إذ لعب القطاع العام منذ الاستقلال دور قاطرة الاستثمار الوطني، وكانت مساهمته تمثل الثلثين، مقابل الثلث للقطاع الخاص. < الدولة مازالت مطالبة بلعب دورها الأساسي في التنمية، خاصة أن المغرب يعرف خصاصا في كل ما يتعلق بالبنيات التحتية الأساسية، من طرق وسكك حديدية ووسائل نقل ومؤسسات تعليمية وصحية وخدماتية. وفي رأيي، لا يجب التذرع بحجج ذات طبيعة مالية وتخص الميزانيات، لتحجيم دور القطاع العام، والنقص من النفقات العمومية في هذه المرحلة التي تعرف تداعيات وباء «كوفيد 19»، والصراع الجيو إستراتيجي المرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها على مستوى ارتفاع الأسعار. < هناك العديد من المقتضيات والتعديلات الأساسية، منها إدراج استثناء بخصوص القاعدة الميزانياتية الذهبية التي تنص عليها المادة 20 من القانون التنظيمي لقانون المالية، والتي تقول» لأجل الحفاظ على توازن مالية الدولة المنصوص عليه في الفصل 77 من الدستور، لا يمكن أن تتجاوز حصيلة الاقتراضات مجموع نفقات الاستثمار وسداد أصول الدين برسم السنة المالية. ويمكن للحكومة القيام بالعمليات الضرورية لتغطية حاجيات الخزينة». إن عدم التقيد بالمادة 20 من القانون، سببه استحضار السياق الاقتصادي والاجتماعي الحالي، وإكراهات المالية العمومية الناجمة عن أزمة «كوفيد 19». وقد أعطت الحكومة مبررات كثيرة لهذا التعديل منها سياق الأزمة الصحية وتراجع معدلات النمو وارتفاع المديوينة عالميا، وأكدت أن عددا من الدول لجأ إلى تجميد أو عدم التقيد ببعض القواعد الميزانياتية المرتبطة بالدين. وكمثال على ذلك، نشير إلى قرار المفوضية الأوربية القاضي بمنح الدول الأعضاء حق الاستثناء المؤقت من قواعد الانضباط الميزانياتي (تفعيل بند الاستثناء العام). إن إدراج هذا الاستثناء، الذي يخص المادة 20 من القانون التنظيمي، يجب أن يؤخذ بكثير من الحذر، خاصة أن التوازنات المالية بالمغرب هشة، بسبب ارتفاع مستوى المديونية الوطنية الداخلية والخارجية ( 993 مليار درهم في أواخر 2021)، والارتفاع المهول للعجز التجاري المغربي (199 مليار درهم، بنسبة حوالي 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام)، الذي ارتفع، ليصل إلى 36.9 في المائة في نهاية ماي 2022. < الملاحظ أن الضريبة على الأجور والاقتطاع من المنبع يشكل 73 في المائة من الضرائب المحصلة، وهو ما يشكل ضربا للقدرة الشرائية، خاصة للطبقة المتوسطة وضعيفة الدخل، التي كانت تنتظر من قانون المالية 2022 أو جولات الحوار الاجتماعي، خلال أبريل الماضي، إعادة هيكلة أشطر الضريبة لموازنة الأجور وجعلها مواكبة للتصاعد الكبير للأسعار، وموجة التضخم النقدي، التي عصفت بالقدرة الشرائية للمواطنين، وأرهقت مختلف الطبقات الاجتماعية. وأكد القانون المالي 2022 أن الزيادة في الضريبة على الدخل ستبلغ 8 في المائة، ما يؤكد المنحى التصاعدي للاقتطاع من أجور الموظفين. تخفيف العبء < صحيح، التزمت الحكومة بإعادة النظر في جدول أسعار الضريبة على الدخل، كما نصت أحكام المادة 4 من القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، التي نصت على إعادة النظر في الجدول المذكور، بناء على توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، التي نظمت بالصخيرات يومي 3 و4 ماي 2019. كما نص النموذج التنموي الجديد على تعزيز الإنصاف الضريبي، عبر مراجعة اشطر جدول الضريبة على الدخل ومراجعة قواعد الاحتساب. والملاحظ أن التبريرات التي تقدمها الحكومة بخصوص الضريبة على الدخل، فهي غير موفقة، إذ تقول إن 60 في المائة من الأجراء و86 في المائة من أصحاب المعاشات غير خاضعين للضريبة، ما يعني أن أي تخفيف للعبء الضريبي لا يمكن أن يشمل إلا ذوي الدخول الأخرى. وأعطت مثالا عكسيا تؤكد فيه أن أصحاب الأجور التي تبلغ أو تتجاوز 15 ألف درهم شهريا، يمثلون 3 في المائة. وإذا عمقنا التحليل، سنجد أن أصحاب الأجور التي تبلغ أو تتجاوز 5 آلاف درهم شهريا، يمثلون 14.36 في المائة، ما يؤكد ضعف الأجور بالمغرب، إضافة إلى أن السياسة الأجرية لا تعكس حقيقة الأسعار الملتهبة، لأن مجموعة من الدخول والقطاعات الإنتاجية المهمة لا تحتسب في المحاسبة الوطنية، ما يجعل الأجور لا تعكس حقيقة الأسعار والإنتاج الوطني. في سطور - من مواليد 15 أبريل 1968 بالبيضاء - متزوج وأب لطفلين - متصرف من الدرجة الأولى بمديرية الضرائب - باحث في العلوم الاقتصادية والدراسات المالية - عضو متعاون مع منظمة العمل الدولي - نائب الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للمالية (ك د ش)

الاقتطاع من المنبع يشكل 73 في المائة من الضرائب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تعديلات للحد من عوامل "تعرية" الأجور

أزمة الثلج تحاصر مهنيي الصيد بالحسيمة

مقالات ذات صلة