نبض الشارع

"اللي خاف نجا" "اللي خاف نجا" من الأمثال المغربية التي اعتدنا منذ الصغر سماعها سواء داخل الأسر أو أثناء الخروج إلى الشارع. ولهذا أصبح الخوف بمثابة ثقافة أو سلوك يشعر به أي شخص قبل أن يقوم بأي خطوة، مادام دائما يستحضر مواقف أو نصائح للآباء أو أشخاص محيطين به بشأن أمر ما. وفي كثير من المواقف، يبدي بعض المغاربة نوعا من الشجاعة، لكن بمجرد الوقوف أمام الأمر الواقع، يكون رد فعلهم مغايرا تماما لما وعدوا أن يقوموا به، لأن هاجس الخوف يتملكهم بشكل كبير وأصبح بطريقة غير مباشرة يقف وراء جميع خطواتهم. وتختلف المواقف التي ينبغي أن يبدي فيها الشخص الخوف عن تلك التي تقتضي الشجاعة منه، فإذا كان سيتعلق الأمر بآثار سلبية سواء صحية أو مالية أو غيرها فيفضل أخذ الحيطة وعدم الانسياق وراء أشخاص قد يرغبون فقط في الزج به وسط مشاكل لا حصر لها. عثمان القاسمي (مستخدم) حكمة وتبصر إن المغربي شخص حكيم لا يتسرع في اتخاذ قراراته وليس ميالا للمواجهة، لأنه ببساطة يفكر بالعواقب التي سيجنيها بعد اتخاذ أي قرار، سواء كان جيدا أو سيئا. (يحسبها بالقلم والمسطرة). فمثلا في ظل الأزمة السياسية بين الجزائر والمغرب، كانت الحكمة والتريث طاغيين على قرارات الدولة وتصرفات الشعب المغربي تجاه نظيره الجزائري رغم المناوشات في كل وسائل التواصل الاجتماعي. وأيضا في ظل زوبعة الربيع العربي ومخلفاته، كان هناك نوع من الترقب والتريث عندنا جميعا، كأننا نقول دعونا نرى ماذا سيقع؟ وفعلا كانت تجارب فاشلة. شخصيا لا أعتبر مثل هذه التصرفات نوعا من الجبن أو الخوف، بل ذكاء وحكمة. وفي حياتي الخاصة أميل للتعقل وللهدوء والحكمة وعدم التسرع في اتخاذ قراراتي وأستشير مع المقربين مني لأنه في الأخير، ما خاب من استشار، كما أن الخوف يعتبر مفيدا في كثير من الأحيان. مريم الشاذلي (موضبة في شركة إنتاج) "سبق الميم ترتاح" إن سؤال "واش حنا خوافة؟" موضوع أثارني فعلا لأنني عشت تجربة حين كنت عضوا في إحدى النقابات، وكنا حين نلتقي لا يتوانى كثير من الأشخاص عن الكلام والتوعد بالقيام بكثير من الأمور المرتبطة بالجانب النضالي، لكن حين يأتي اليوم المحدد لتنظيم وقفة أو اجتماع يتم طرح فيه ما تمت مناقشته مع المسؤولين، يتغيب عدد كبير منهم، وكل واحد يحاول إيجاد عذر لغيابه. فمنهم من يقول إن ابنه مريض أو زوجته أصيبت بمكروه ما. ولهذا كلما تعلق الأمر ب"الخروج إلى المعقول" يرجع كثير من المغاربة ألف خطوة للوراء ويبدون خوفا كبيرا، فنجد أفعالهم لا علاقة لها بأقوالهم ووعودهم. وتعتبر هذه ظاهرة متفشية في المجتمع المغربي، وبالتالي فالشخص الذي يقول الصراحة ولا يخاف، يكون له كثير من الأعداء ويكون مرفوضا من قبل المحيطين به، وينظر له دائما نظرة على أنه يشكل الاستثناء. وترجع أسباب الخوف إلى عوامل التربية في الطفولة، حيث كانت أغلب الأسر تدعو أبناءها إلى الابتعاد عن المشاكل والعمل بالمثل القائل "سبق الميم ترتاح"، خاصة إذا تعلق الأمر بالإدلاء بشهادة ما. وأذكر أنه خلال تفشي الجائحة تطوعت رفقة العديد من الأساتذة للعمل رغم أنه لم نكن نتلقى أجرا بسبب ظروف كثير من الأسر، لكن الإدارة رفضت منحنا إياه بعد تحسن الوضع، فقررنا تنظيم وقفة، وإذا بنا نتفاجأ بأن من كانوا وراء الفكرة لم يشاركوا في ذلك اليوم واختلقوا أعذارا مختلفة، وأن عددنا كان أربعة فقط بدلا من 35 أستاذا أبدى اعتراضه وامتعاضه من الأمر. خالد بوستة (أستاذ متقاعد) "دخل سوق راسك" أعتقد أن الخوف الذي يبديه المغاربة تجاه كثير من الأمور عندما يتعلق الأمر بالفعل، رغم أنهم كانوا يقولون عكس ذلك، يندرج في إطار النفاق الاجتماعي. وأغلب الأشخاص الذين يتصرفون بهاجس الخوف يرجعون الأمر إلى ظروف تنشئتهم والبيئة التي ترعرعوا فيها، إلى جانب الخوف من مواجهة مشاكل لا حصر لها، وبالتالي يعملون بمنطق "دخل سوق راسك". وكلما كان الشخص صريحا ولا يخاف، فإنه غالبا ما يواجه صعوبات مع محيطه بشكل عام ويدخل في صراعات قد تنتهي أحيانا بشكل مؤسف. وبالنسبة إلى الجيل الحالي، فإنه أقل خوفا من جيل الآباء والأجداد، فقديما كان المغاربة يخافون من رجل الأمن والأستاذ، بينما اليوم لم يعد هذا الإحساس ينتابهم. ومن جهة أخرى، ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في النقص من حدة الخوف عند بعض المغاربة من خلال منحهم إمكانية التعبير عن آرائهم بكل حرية وجرأة ودون الخوف من عواقب ذلك. عبد العالي حفيان (أستاذ مبرز) استقتها: أمينة كندي

نبض الشارع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بزنـاس" يسقـط دركييـن

بني مـلال... حـرارة تكتـم الأنفـاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات