“ضربة معلم” تحسم الحساب الإداري للبيضاء

الصباح تنقل كواليس دورة فبراير المؤجلة وأسرار تصويت جرت وقائعه خارج القاعة الكبرى لعبت الكواليس وتوافقات الساعات الأخيرة دور البطولة في فيلم دورة فبراير لمجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء الذي بدأ عصر أول أمس (الخميس)، وأنهى أهم لقطة فيه في حدود الساعة العاشرة مساء بالمصادقة على وثيقة الحساب الإداري وبرمجة الفائض برسم السنة المالية 2013. ست ساعات من "الأشغال" التي كانت تجري على قدم وساق في الممرات القريبة من القاعة الكبرى ولاية جهة الدار البيضاء الكبرى (وليس داخلها)، كانت كافية لقلب الكفة لصالح ما تبقى من الأغلبية الجماعية التي وجهت ضربة معلم إلى حزب العدالة والتنمية، أولا بتأجيل دراسة والمصادقة على مشاريع شركات التنمية المحلية ومجموعة التجمعات الحضرية إلى دورة أبريل، وثانيا بإقناع عدد كبير من المستشارين من الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار الذين صوتوا، سياسيا، لصالح السنة مالية 2013. ترتيب مسبقهذا الترتيب لم يفاجئ كثيرا إخوان عبد الإله بنكيران الذين بدوا متفقين على جوهر اللعبة، خصوصا حين نطق عضو بالمكتب المسير من أعلى منصة التسيير أن إرجاء المصادقة على شركات التنمية المحلية كان فقط لإرضاء حزب العدالة والتنمية، وضمان عدم تشويشه على النقطة المتعلقة بالحساب الإداري، كما فضحه شفيق عبد الحق ، منسق الحركة الشعبية بالبيضاء، الذي قال بدارجة حرشة مخاطبا مستشاري العدالة والتنمية "البارح كنا نحسمو في هاد شي بلا صحافة بلا والو، نتوما لي بغيتو هاد شي"، في إشارة إلى اللقاء/ العشاء الذي دعا إليه شفيق بمقر عمله بمديونة وحضره الجميع.لكن من أجل إخراج جيد للعبة، كان على عبد الصمد حيكر، العقل المدبر بفريق مستشاري العدالة والتنمية، أن يواظب على طلب الميكرفون المتجول ونقاط النظام لإبداء عدد من الملاحظات الشكلية واحترام مسطرة "الاتفاقات السابقة"، والتحذير من بعض الانزلاقات التي يمكن أن تقع أمام كاميرات وعيون الصحافيين وأعضاء المجلس الذين تابعوا إلى دورة كانت قاب قوسين أو أدنى من التأجيل للمرة الثانية على التوالي.ورغم كثافة الحضور التي شهدتها القاعة الكبرى، في سابقة من نوعها (حضر 104 مستشار من أصل 147 وعدد كبير من الصحافيين والموظفين والمواطنين)، كانت الأشواط الحاسمة لدورة فبراير تجري خارجها، أو على أسلاك الهواتف المحمولة، حيث كانت الأعصاب مشدودة على آخرها، خوفا من تغييرات و"غدر" اللحظات الأخيرة، خصوصا مع ارتفاع حدة النقاشات والانتقادات، اللاذعة أحيانا، في النقطة الأولى من جدول الأعمال المتعلقة بـحصيلة أنشطة مجلس المدينة خلال السنة الماضية والجزء الأول من السنة الجارية، وضمنه المخطط الاستعجالي الذي حاز حصة الأسد من التقريع.حذر وجس نبض من الدقائق الأولى لانطلاق الدورة في الساعة الرابعة عصرا، بدا أن لقاءات واجتماعات و"هواتف" الليلة السابقة أعطت أكلها في ضبط إيقاع الاجتماع المصيري في الاتجاه الذي يرضي جميع الفرقاء دون غالب أو مغلوب، كما بدت الفرق الحزبية منضبطة سياسيا، إلى أبعد الحدود، بالتوجيهات والمواقف المتمخضة عن مشاوارتها مع قياداتها المحلية بالمدينة، أو الوطنية، استحضارا لدقة المرحلة التي تمر منها الدار البيضاء التي تنتظر، خلال الأيام القليلة المقبلة، زيارة ملكية، للإطلاع على ما أنجز حقيقة في مدينة قدمها الملك، في خطاب أمام ممثلي الأمة، نموذجا سيئا في الحكامة الجماعية.حزب الاستقلال بخبرته الطويلة في إدارة مثل هذه المحطات كان سباقا إلى التعبير عن موقفه السياسي بوضوح كبير، حين أعلن عدم مشاركته في عملية التصويت على الحساب الإداري، والتصويت على برمجة الفائض، والمشاركة في باقي نقاط جدول الأعمال التي وصلت إلى 36 نقطة.مسوغات موقف حزب الاستقلال أملتها المرحلة الانتقالية التي تمر منها الدار البيضاء، ورغبة أعضائه في إعطاء إشارة إيجابية بعدم عرقلة العمل الجماعي ودفع الأمور إلى الأمام، تغليبا للمصلحة العليا للمدينة، وعدم السقوط في الحسابات الحزبية الضيقة والمكاسب الذاتية، وهو ما التقطه الحضور الذي ثمن النضج السياسي الكبير الذي أبانه الحزب في التعاطي مع راهن المدينة ومعضلاتها، سواء مستويات التعبير عن الموقف، أو نوعية الحضور، إذ حضر الفريق بكامل أعضائه تقريبا تتقدمهم ياسمينة بادو، رئيسة مقاطعة أتفا، وأحمد القادري، رئيس مقاطعة المعاريف. شفيق يكشف الغطاءفي الجهة المقابلة، كانت القاعة تتباين بين ثلاثة مواقف أساسية، موقف "اللاموقف" الذي عبر عنه بعض المستشارين يمثلون أقلية صغيرة جدا وغير مؤثرة داخل المجلس، وثانيا موقف فرق أحزاب الأغلبية الجماعية (الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار)، وهو موقف منسجم لصالح تثمين التجربة، ثم موقف ثالث مرتبك لفريق العدالة والتنمية الذي بدا أنه "موافق" و"معترض" و"ممتنع" و"غاضب" و"متسامح" و"متعصب" و"مهادن" و"مندفع" و"هجومي" و "خاضع"... في الوقت نفسه.وحسب ملاحظين أن حزب العدالة والتنمية دفع ثمن تسرعه في قراءة المرحلة التي تمر منها الدار البيضاء، حين قرر وضع مسافة بينه وبين تجربة جماعية كان من المشاركين فيها منذ 2009، مباشرة بعد نزع التفويض الذي كان ممنوحا لمصطفى الحيا، النائب الخامس لرئيس الجماعة، بسبب حادث "محطة تصفية المنطقة الجنوبية"، وازداد هذا الموقف حدة بعد الخطاب الملكي الذي حمل المسؤولين الجماعيين، بمن فيهم العدالة والتنمية مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المدينة، وقد ترجم هذا الموقف سياسيا في بيان ناري اتهم إخوان عبد المالك الكحيلي عمدة المدينة بالانفراد بالتسيير خلال السنة الماضية، وعدم إشراكهم في التجربة التي لا يمكن أن يتحملوا تبعاتها.هذا الموقف السياسي، الذي يخفي رغبة الحزب في استعادة التحكم والتفويض على واحد من أهم قطاعات الجماعة (الأشغال)، استمر خلال الدورة من خلال عدد من المداخلات الموجهة التي كانت تهدف إلى بعث رسالة إلى الرأي العام المحلي والوطني، مفادها أن حزب رئيس الحكومة يستطيع أن يقول دائما "إن هذا منكر" حتى من داخل التجارب التي يشارك فيها، وكان مسؤولا عن صرف أموال فيها في عدد من المشاريع والصفقات.وحتى بعد التصويت على الحساب الإداري (60 مع وصوتان ضد)، كان حزب العدالة والتنمية يصر على توضيح موقفه، كي لا يسجل عليه أحد أنه صوت ضد تجربة شارك فيها، بل انحاز إلى موقف الامتناع الذي يحفظ ماء وجهه بين الفرقاء السياسيين بالمدينة، لكنه لن يحافظ بالتأكيد على مقعده في الأغلبية الجماعية في مستقبل الأيام..نلتقي مع هذه الحلقة في عدد لاحق. "ترونت سيس" تضمن جدول أعمال الدورة 36 نقطة، وزعت على محاور كبرى مثل المالية والميزانية والقرارات البلدية المستمرة وشركات التنمية ومجموعة التجمعات الحضرية "البيضاء"، والاتفاقات وبقايا الطرق واتفاقيات التوأمات والممتلكات وقرارات التصفيف.وتعتبر مشاريع التنمية المحلية المؤجل الحسم فيها أهم نقطة في جدول الأعمال إلى جانب وثيقة الحساب الإداري، ويتعلق الأمر بـ شركة «البيضاء مراقبة»، وشركة «البيضاء للتراث»، وجمعية «الدار البيضاء-ذاكرة»، ثم شركة «البيضاء للتنمية»، وشركة «البيضاء للتنشيط». يوسف الساكت

“ضربة معلم” تحسم الحساب الإداري للبيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

والي القنيطرة تقترب من كشف لغز الغبار الأسود

حريق في محل تجاري بتطوان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات