الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم أكد أن الدفاع عن تعليم عمومي مجاني وجيد أولوية مجتمعية أكد يونس فيراشين، الكاتب العام الجديد للنقابة الوطنية للتعليم، أن الدفاع عن تعليم عمومي مجاني وجيد لكافة أبناء المغاربة، يقتضي إرادة سياسية للإصلاح الشامل لمنظومة التربية والتكوين. وأوضح فيراشين، أن مسار خوصصة التعليم اتخذ منحى تصاعديا منذ بداية الألفية، بعد إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إذ انتقل عدد المسجلين في القطاع الخاص من 5 في المائة في 2000 إلى 16 في المائة في 2017. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني انعقد مؤتمر النقابة الوطنية للتعليم في ظرفية تتسم بتجربة الحوار مع الوزارة. هل يمكن أن نعرف أين وصلت المفاوضات بشأن النظام الأساسي؟ بالفعل المؤتمر الوطني جاء في ظرفية مطروح فيها علينا الاستمرار في الدفاع عن تعليم عمومي مجاني وجيد لكافة أبناء المغاربة، والذي يقتضي إرادة سياسية للإصلاح النسقي والشامل لمنظومة التربية والتكوين، إصلاح يجب أن يصل إلى الأقسام، ليمس التلاميذ والأطر التربوية والإدارية والمناهج والبرامج الدراسية، بالإضافة إلى البنيات والتجهيزات. ولابد لبلادنا من رؤية إصلاحية تكون محصلة مقاربة تشاركية بين كافة الفاعلين، لتحقيق تعبئة داخلية وتعبئة مجتمعية حول المدرسة العمومية. كما تتسم الظرفية كذلك بالحوار الجاري مع وزارة التربية بشأن النظام الأساسي الجديد، وهو ما يطرح علينا مسؤوليات جسيمة في تدبير الملف، بالإضافة إلى باقي الملفات المطلبية العالقة، خاصة أن هناك توجسا لدى الشغيلة التعليمية من مضامين النظام الأساسي المرتقب. وما يمكن أن أؤكد عليه أننا ننطلق من مبادئ أساسية في الحوار مع الوزارة حول النظام الأساسي، أولها لا تفريط في المكتسبات، التي يتضمنها النظام الأساسي الحالي، وثانيا معالجة الاختلالات التي يتضمنها، والتي أفرزت عدة إشكاليات فئوية، وثالثا ضرورة بناء نظام أساسي منصف ومحفز، وموحَد وموحد للشغيلة التعليمية بكل فئاتها، بمن فيهم الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، في إطار الوظيفة العمومية. ولابد أن نعيد الاعتبار للمدرس والإطار التربوي والإداري بتوفير كافة الظروف المادية والاجتماعية والمهنية اللائقة بنبل الرسالة التي يحملها رجال ونساء التعليم. أكدتم انخراطكم إلى جانب القوى التي تدافع عن المدرسة العمومية في ظل التوجه إلى المزيد من الخوصصة. كيف تعاطيتم في المؤتمر مع هذه القضية الشائكة؟ اعتبرت النقابة الوطنية للتعليم على الدوام أن من صميم مهامها الدفاع عن المدرسة العمومية والتعليم العمومي بشكل عام، ليكون مجانيا وجيدا ويحقق الإنصاف لكافة بنات وأبناء المغاربة. وخضنا لأجل ذلك معارك نضالية وساهمنا في تأسيس الائتلاف الوطني للدفاع عن التعليم العمومي والجبهة الاجتماعية في ما بعد، لأن التعليم العمومي قضية مجتمعية يجب أن نعبئ كافة الفئات والتعبيرات للانخراط في معركة الدفاع عنه. وسنستمر في هذا التوجه انسجاما مع الهوية الكنفدرالية التي تربط بين النضال في بعده الاجتماعي والنضال في بعده السياسي، من أجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، والتي يعتبر التوزيع العادل للمعرفة أحد شروطها الأساسية. إن بلادنا للأسف، منذ برنامج التقويم الهيكلي اختارت توجهات إستراتيجية اجتماعية، وتعمقت من خلال سياسات عمومية نيو ليبرالية متوحشة طبقتها الحكومات المتعاقبة بمختلف ألوانها الحزبية، تقوم أساسا على ضرب الخدمات العمومية وتفويتها للرأسمال الريعي الاحتكاري وإخضاعها لمنطق السوق. وفي قطاع التعليم، اتخذ مسار الخوصصة منحى تصاعديا بشكل حاد منذ بداية الألفية، بعد إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين، إذ انتقل عدد المسجلين في القطاع الخاص من 5 بالمائة في 2000 إلى 16 في المائة في 2017، ما يشكل مدا تصاعديا من بين الأسرع على المستوى الدولي، مع خصوصية مغربية تتمثل في ارتفاع نسبة التعليم الخصوصي في التعليم المدرسي، أكثر من التعليم العالي، عكس باقي دول العالم الأكثر ليبرالية. وهذا ما توقف عنده تقرير النموذج التنموي، لكن دون أن يقدم مقترحات لتصحيح الوضع. ويخفي المعدل الوطني أرقاما أكبر على مستوى التوزيع الجغرافي، إذ أن التعليم الخاص يتركز في محور القنيطرة-الجديدة، ففي البيضاء مثلا هناك تلميذ من أصل اثنين يدرس بالقطاع الخاص، وفي مديرية أنفا مثلا 70 في المائة من التلاميذ مسجلون في مؤسسات خصوصية. وهذا المسار من التطور في نسبة القطاع الخاص جاء نتيجة دعم متزايد للدولة لأرباب التعليم الخصوصي، منذ توقيع اتفاقية الصخيرات التي منحتهم امتيازات ضريبية وعقارية، دون حسيب أو رقيب للمضامين التربوية أو للتكلفة الباهظة، التي يفرضونها على الآباء والأمهات المكرهين على التوجه إلى هذا النمط من التعليم. عرف المؤتمر انسحاب مؤتمري الاشتراكي الموحد من الأجهزة. ألا تفكرون في رأب هذا الصدع حفاظا على مكون أساسي من مكونات الـ"كدش"؟ النقابة الوطنية للتعليم كانت دائما فضاء ديمقراطيا للاختلاف والتنوع واحترام الرأي وفق المبادئ الخمسة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل (الديمقراطية، الجماهيرية، التقدمية، الاستقلالية، في إطار الوحدة التنظيمية والمرجعية). وكما قال الفقيد نوبير الأموي "سكان النقابة هم منخرطوها الذين يختارون من يمثلهم في الأجهزة النقابية، وفق معيار الكفاءة والعمل اليومي والفعالية النقابية". ولا خلاف لنا مع الرفاق في الحزب الاشتراكي الموحد، وهم لم ينسحبوا من النقابة، كما عبروا بوضوح عن ذلك، وحضر أعضاء منهم في اجتماع المجلس الوطني الأخير، وساهموا في انتخاب المكتب الوطني الجديد. ونحن نحترم ونقدر كافة المناضلات والمناضلين باختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، والأهم بالنسبة إلينا هو احترام مبادئ وقيم وقوانين الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، وسنحرص على أن تظل النقابة الوطنية للتعليم فضاء يتسع للجميع. أشركتم لأول مرة الأساتذة المتعاقدين في المكتب الوطني. هل معنى هذا أن إدماجهم في الوظيفة العمومية مازال مطلبا نقابيا؟ > عبرت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل عن موقفها الرافض للتعاقد منذ 2016 لحظة إعلان الحكومة عن هذا النمط الجديد من التشغيل في قطاع التعليم، واتهمنا آنذاك من قبل البعض بأننا ضد تشغيل أبناء المغاربة، لكننا كنا على وعي أنه يشكل مأسسة للهشاشة في قطاع إستراتيجي. وكان هذا من بين أسباب رفضنا لمضامين القانون الإطار. بعد ذلك، تشبثنا بمطلب إدماج الأساتذة، الذين فرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية، وقدمنا في إطار مجموعة الكنفدرالية بمجلس المستشارين مقترحات تعديلات على قوانين المالية المتعاقبة، لكنها كانت تواجه بالرفض من قبل الحكومة وحتى بعض الأطراف الأخرى. وفي أول لقاء مع الوزير الحالي للتربية الوطنية، أكدنا على مطلب الإدماج وضرورة إشراك ممثلين عن الأساتذة المفروض عليهم التعاقد في الحوار حول الملف، وبالفعل شاركوا في جلستين للحوار مع مدير الموارد البشرية، لكنهم للأسف اتخذوا في ما بعد قرارا بمقاطعة الحوار. وما أؤكده اليوم أن موقفنا في النقابة الوطنية للتعليم واضح، فلابد من إدماج كافة الأساتذة والأطر الإدارية و التربوية الذين فرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية من خلال النظام الأساسي الجديد. اخترتم العمل في إطار التنسيق النقابي الخماسي للدفاع عن الملف المطلبي لأسرة التعليم واقرار نظام اساسي موحد. أين وصل تدبير هذا الملف في إطار اللجنة المشتركة؟ لجنة الحوار حول النظام الأساسي تعقد اجتماعات مكثفة بمعدل اجتماعين كل أسبوع من أجل احترام الآجال التي نص عليها الاتفاق المرحلي، و خلال هذه الاجتماعات تم تقديم عدة عروض من قبل أطر وزارة التربية الوطنية تتضمن أساسا وقوفا على الاختلالات و مكامن القوة و الضعف للنظام الأساسي الحالي، ومقارنة مع تجارب دولية في قضايا محددة، مثل المهن و المهام، أخلاقيات التربية و التكوين، النظام التأديبي، و المسار المهني.... هذه العروض أبدينا حولها ملاحظاتنا بناء على تقييمنا للنظام الأساسي الحالي بعد عدة اجتماعات مع مناضلينا في مختلف الفئات، واجتماعات لجنة تقنية لدراسة مختلف جوانب النظام الأساسي، مستحضرين طبعا مختلف المطالب الفئوية. المسار التفاوضي مازال في هذا المستوى و نحن ننتظر التوصل بمقترحات واضحة من أجل بناء موقف واضح كذلك، انطلاقا من المبادئ التي أكدت عليها سابقا. تراجع مركز الأستاذ للأسف، فقد تراجع المركز الاجتماعي للأستاذ لعدة عوامل، من بينها مستوى الأجور والتعويضات، إذ أن بلادنا تعطي أدنى الأجور للأساتذة في بداية مسارهم المهني، كما أن مدى تطور الأجر ضيق جدا بين بداية المسار المهني ونهايته، ومعدل الأجر طيلة المسار المهني، لا يتجاوز على العموم 2.5 مرات الناتج المحلي الإجمالي للفرد، بينما المعدل الذي توصي به الشراكة العالمية للتربية، يجب أن يبلغ 3.5 مرات. بالإضافة إلى الأجور طبعا، هناك قضايا أخرى أساسية، مثل مدة العمل وظروفه، ونظام الترقي ونظام التأديب، وغيرها كثير من القضايا، التي يجب أن يعاد النظر فيها لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للشغيلة التعليمية. تبخيس المدرسة العمومية استمر مسلسل تبخيس المدرسة العمومية وتدمير صورتها ومكانتها في المجتمع، فحسب البحث الوطني حول الأسر والتربية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، 49.6 في المائة من الأسر تفضل التعليم الخصوصي، منها 80 بالمائة تبرر هذا الاختيار بجودة التعليم و 70 في المائة بمبرر جودة البنيات التحتية. وفي المغرب، يسير التعليم بسرعات متعددة بين العام والخاص من جهة، وبين أنواع من المدارس الخصوصية، من جهة أخرى، واقع تؤكده الدراسة التي أجرتها الهيأة الدولية للتربية حول خوصصة وتسليع التربية و التكوين بالمغرب، وهو ما يعمق الفوارق الطبقية والمجالية ويحول المدرسة إلى آلية لإعادة إنتاج البنيات و العلاقات الاجتماعية القائمة. وبالنسبة إلينا في النقابة الوطنية للتعليم، سنواصل النضال من أجل إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، وفي قلبها المطالب المادية والاجتماعية للشغيلة التعليمية. التشبيب والتجديد انتخبتم أخيرا كاتبا عاما للنقابة الوطنية للتعليم. ما هي الرهانات التي وضعتها النقابة من خلال تشبيب القيادة؟ في البداية أود أن أتوجه بالشكر والتقدير لكافة مناضلات ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، على الثقة التي وضعوها في أخواتهم وإخوانهم أعضاء المكتب الوطني الجديد، وأهنئهم على النجاح الباهر للمؤتمر الوطني العاشر في كل مراحله، وكان آخرها اجتماع المجلس الوطني لانتخاب مكتب وطني جديد عرف تشكيله نسبة تجديد كبيرة وصلت إلى 65 بالمائة، ومضاعفة الحضور النسائي، الذي انتقل من 11 في المائة إلى 20 في المائة، وحضور كذلك للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ونسبة تشبيب مهمة جدا. إن انتخابي كاتبا عاما لأكبر نقابة تعليمية بالمغرب، هو تأكيد على إرادة قوية داخل الكنفدرالية الديمقراطية للشغل لتجديد العمل النقابي، وتشبيبه باستحضار التحولات التي يعرفها عالم الشغل، وضمنه قطاع التعليم سواء على مستوى البنية الديمغرافية أو على مستوى رهانات وتحديات المستقبل وتطلعات الشغيلة وطبيعة مطالبها. كما أنه تأكيد لمبدأ التداول الديمقراطي على المسؤولية، مع ضمان الاستمرارية والالتزام بالهوية الكنفدرالية وقيم ومبادئ التأسيس. وهنا لابد أن أحيي أعضاء المكتب الوطني السابق وعلى رأسهم الأخ عبد الغني الراقي على عملهم الجبار، وتفانيهم في خدمة الشغيلة التعليمية، والارتباط بقضاياها وقضايا المدرسة العمومية. في سطور < من مواليد 1980 < أستاذ < متزوج وأب لثلاثة أطفال < حاصل على الإجازة في علم النفس التربوي < حاصل على شهادة من مركز التدريب الدولي لمنظمة العمل الدولية < كاتب عام للنقابة الوطنية للتعليم < عضو سابق في المكتب الوطني < منسق وطني للجبهة الاجتماعية < عضو المكتب التنفيذي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل < التحق بالعمل النقابي في 2000