100 فنان سافروا في رحلة فنية اختصرت العلاقة بين الهندسة المعمارية والمقدس استعادت ساحة باب المكينة بفاس، حيويتها بعد سنتين هجرها النغم والبشر. وعادت الروح لأسوارها التاريخية بعدما قتل فيروس كورونا فيها الحياة وهجرها الجمهور مكرها. واستضافت، ليلة أول أمس (الخميس)، حفلا فنيا متوهجا في افتتاح الدورة 26 لمهرجان الموسيقى العالمية العريقة بحضور سمو الأميرة للاحسناء. سفر في التاريخ والأمكنة، عاشته في لوحة فنية اختصرت العلاقة الوطيدة بين الهندسة المعمارية والمقدس، وأثثتها موسيقى راقية بألوان زاهية رسمت خارطة الإبداع على أسوار تآلفت مع فنانين من جنسيات وثقافات مختلفة. "أصوات وهندسة معمارية مقدسة" عنوان لوحة فنية افتتح بها المهرجان المتقلص عدد أيامه لأربعة، وسافرت بجمهور هذا الفضاء التاريخي في رحلة توحدت فيها الأمكنة وتجمع فنانون وموسيقيون من مختلف الثقافات والديانات، لاسترجاع التاريخ بالصوت والصور الملونة بألوان التاريخ والمعروضة على جدران الساحة. من المغرب وإليه ومن مدينة فاس انطلقت هذه الرحلة الفنية إلى القدس مرورا بالتبت وتاج محل وكاتدرائية نوتردام لتعود لمسجد الحسن الثاني بالبيضاء، في عرض شارك فيه 100 فنان وفنانة وشنف مسامع الجماهير الغفيرة الحاضرة بسحر وعذوبة الألوان الموسيقية وروعة الهندسة المعمارية العالمية. من فن القوالي الهندي إلى رقصة الكاتاك حاكية أحداث آلهة "السناتانا ظارما" والقانون الأبدي، وما بينهما من قصائد بوذية لميلاربا، توحدت القيم والألوان الموسيقية ومؤدوها، لتذيب الأزمات في حفل بهيج ومثير استكانت فيه الكلمة الإلهية في زاوية الحجارة المضاءة ببقع ضوئية متسربة من النوافذ أو المشربيات. الأسوار والأعمدة ارتقت بالأرواح في نقش الجلاء والعتمة، في رحلة عودة عبر التاريخ إلى جنة عدن، فيما رسمت الأضواء أعمدة من السماء إلى الأرض مستعيدة ما أبدع من معمار عبر التاريخ ومستحضرة نماذجه من الرخام الطاهر في الهند المغولية والزليج الطيني لمساجد المغرب الشامخة، في سفر ممتع في الكون والطبيعة. أوجه الإبداع تنوعت في هذا الحفل الذي عرف مشاركة فنانين عالميين مرموقين منهم فرانسواز أتلان والشاعر والمتصوف والمعلم الروحي بلوبسانغ تشونزور من التبت وفرقة الرقص العمودي ديلريفيس الإسبانية وأكاديمية كاطاك وفرقة الرقص الهندية أنوج أرجون ميشرا وجوق الغرفة المغربي الذي يديره أمين هادف. وتضمن الحفل نفسه مشاركة مجموعة من مشاهير الفنانين، يمثلون ألوانا موسيقية مختلفة على غرار المطربات الصوفيات الهنديات الأخوات روحاني، ومحمد معتمدي مرفوقا بمزيار غاسمي بالدف عن الموسيقى الإيرانية ولوحات وتعبيرات فنية مستوحاة من التراث العالمي العريق، استمتع بها الجمهور المقدر بالآلاف. واستعمل آلان ويبر، المدير الفني للمهرجان، مبدع الحفل على غرار الدورات السابقة، التكنولوجيا الحديثة والمتطورة لإضفاء جمالية وسحر على هذه التجربة الروحية من خلال مؤثرات غامرة للتصوير الخرائطي أثث بها الحفل بهذا الموقع الساحر في أجواء احتفالية استعاد معها حيويته وأعاد الناس إليه للاستمتاع بالمشاهد. وتميز حفل الافتتاح بحضور وفد رسمي هام وضيوف تتقدمه الأميرة للاحسناء التي أشرفت قبل ذلك على تدشين دار التازي بالبطحاء، المقر الرسمي لجمعية فاس سايس ومؤسسة روح فاس منظمة المهرجان، الذي اقتصر في هذه الدورة على فضاءات محددة تحتضن سهرات بمشاركة فنانين عالميين في أربعة أيام فقط. حميد الأبيض (فاس)