قطاع التأمينات… التنافسية الغائبة

أربعة بنوك ومؤسسات تهيمن على 63 % من سوق التأمين على الحياة دعت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، إلى عقد مناظرة وطنية في أقرب الآجال، ودعوة جميع الفاعلين والمتدخلين والخبراء في ميدان التأمين، للخروج بتوصيات تساهم في تصحيح الاختلالات التي يعانيها القطاع. إعداد: برحو بوزياني ورش ملكي أكدت الجمعية في تقرير شامل على ضرورة تقييم للنتائج المحققة وتسطير أهداف محددة وخارطة طريق تتماشى وإنجاح الورش الملكي المعلن عنه بتاريخ 14 أبريل 2021، والخاص بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع الفئات، والذي سيتطلب مبلغا إجماليا سنويا يقدر بـ 51 مليار درهم، منها 23 مليار درهم ستمول من الميزانية العامة للدولة. حالة فساد دقت الجمعية ناقوس الخطر حول ما يعرفه قطاع التأمين من مخاطر واختلالات تهدد الأمن الاجتماعي لجميع فئات المجتمع وفئة عريضة من المستثمرين، مشيرة إلى ما أسمته حالة فساد وفوضى وتجاوزات يقوم بها عدد من الفاعلين الاقتصاديين من شركات تأمين وشركات البنوك عن طريق بناء تكتلات اقتصادية لممارسة تحالفات وتواطؤات في ما بينهم، بهدف الهيمنة الاقتصادية الكلية على القطاع، والتحكم في الأسعار والاستفراد بالمستهلك. غياب المراقبة أكد تقرير الجمعية أن قطاع التأمينات يظل بعيدا عن التنافسية الحقيقية، إذ تستغل الشركات إجبارية التأمين قانونا في العديد من فروعه، وغياب المراقبة، لتحقيق أرباح فاحشة على حساب استغلال بشع لفئة عريضة من المستثمرين في قطاع الوساطة في التأمين، من خلال عدم أداء التعويضات والحوافز والمستحقات التجارية المنصوص عليها قانونا، ووضع اتفاقات وشروط موحدة فيما بينهم لتحديد تعرفة موحدة في الأسعار والعمولة والمعاملات التجارية في السوق. شكايات بلا عدد رغم السيل الجارف للشكايات التي رفعت إلى الهيآت الرقابية الوصية لبنك المغرب أو هيأة مراقبة التأمينات، ومجلس المنافسة، والتي تعتبر مؤسسة دستورية لها دورها الاعتباري في السهر على سيادة دولة القانون في المجال الاقتصادي، لعدم اتخاذها أي تدابير تحفظية أو وقائية لحماية الاقتصاد الوطني من سيادة منطق الهيمنة الاقتصادية في سوق التأمين، وتغول هؤلاء الفاعلين، أمام عدد الحالات والمراسلات المرفوعة وحجم الخروقات المسجلة فيها ومحاضر الاستماع المنجزة، إلا أن مجلس المنافسة لم يحرك أي ساكن، في حين أن العديد من المؤشرات والبيانات تنذر بالكارثة وبأزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة بالقطاع، في حال عدم تحرك المؤسسات الدستورية الرقابية بالبلاد، بالنظر إلى حجم الجشع الذي يمارس في السوق، ونهب المداخيل الضريبية لخزينة الدولة والأضرار الاقتصادية والاجتماعية الجسيمة المخلفة حاليا بحق آلاف المستثمرين وعشرات آلاف الأسر والعاملين معهم والمستفيدين من القطاع . منافسة غير مشروعة حسب التقرير، فقد استفحلت ظاهرة المنافسة غير المشروعة بشكل غير مسبوق في ميدان الوساطة في التأمين، وممارسة النشاط من قبل أشخاص لا يتوفرون على الصفة القانونية أو مؤسسات مالية لا تملك الاعتماد الممنوح من قبل الدولة، بل الأكثر من ذلك، أصبحت شركات التأمين وإعادة التأمين تمارس عمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار، باستحواذها على مؤسسات بنكية في السوق. ومن خلال الأرقام والمعطيات المستقاة من التقارير الصادرة عن هيأة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، فإن شركات البنوك الحاصلة على الاعتماد في المغرب، لا تتجاوز 11 بنكا فقط، في حين تروج الشركات عقود التأمين في أزيد من 6182 وكالة بنكية لتقديم عمليات التأمين. احتكار مزمن تحتكر مجموعة من أربعة بنوك ومؤسسات مالية ما يقارب 63 %من سوق التأمين على الحياة، حسب الإحصائيات الرسمية المعلن عنها في تقارير الهيأة، بينما لا تستطيع فئة الوسطاء والمستثمرين في التأمين الوصول إلى هذا السوق، نظرا للحواجز العديدة التي تفرضها شركات التأمين لانجاز عقود التأمين على الحياة من قبل شبكة الوسطاء، وهي الشروط التي لا نجد لها تطبيقا عند تسويقها وإنجازها من قبل الوكالات البنكية بجميع ربوع المملكة. وانعكست هذه الممارسات على ما يتم تسجيله من رقم معاملات التأمين على الحياة من وسطاء التأمين، والذي يعادل «0 « لدى جل المكاتب بربوع المملكة، في حين تؤكد الإحصائيات الرسمية تطور وسيطرة البنوك على هذا الفرع بمعدل قارب الضعف. عمليات التأمين إن تقديم عمليات التأمين يتم خارج الضوابط القانونية في الواقع للمستهلك، وعبر هذا العدد الهائل من الوكالات التي لا تتوفر على أي اعتماد من الدولة، في مخالفة صريحة للفصل 306، والذي ينص على أنه لا يمكن لبريد المغرب وشركات البنوك المعتمدة بموجب القانون رقم 03.34 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة في حكمها وجمعيات السلفات الصغرى أن تعرض عمليات التأمين إلا بعد الحصول على اعتماد من الهيأة في هذا الشأن. حصة الأسد حسب الإحصائيات الرسمية، فإن حصة الأسد من بيع وترويج عقود التأمين بالقطاع تعود لفرع التأمين على الحياة، والتي تصل إلى % 50 تقريبا من رقم معاملات القطاع، مقارنة مع باقي فروع التأمين الأخرى بما يناهز 20 مليار درهم، في الوقت الذي يسجل جل الوسطاء ‘’0 ‘’درهم رقم معاملات سنويا من حصة هذا الفرع، رغم أنهم يتوفرون على اعتمادات لبيع وترويج جميع فروع التأمين، ما يعني أن سوق التأمين حاليا يعرف شبه احتكار من لوبي البنوك وشركات التـأمين بسبب التمييز الممارس في أسعار اكتتاب عقود التأمين بين تلك التي تسوقها شركات التأمين لدى شبكة الوسطاء المعتمدين في التأمين ومثيلتها لدى الوكالات البنكية. حالة هشاشة حسب الجمعية، فإن 90 % من المكاتب توجد حاليا في حالة هشاشة وصعوبة مالية والمئات منها أفلست أو تم تفليسها في السنوات الأخيرة، ولا يتم الإشارة إلى ذلك في التقارير السنوية للهيأة الوصية عن القطاع والمرفوعة إلى رئاسة الحكومة أو للرأي العام الوطني، إذ تم تدمير مستقبل آلاف الأسر وتشريدها. والتمست جمعية وسطاء ومستثمري التأمين، اتخاذ القرارات والتدابير والتوصيات المناسبة كل حسب اختصاصه لتصحيح اختلالات التدبير الجسيمة المرتكبة في قطاع التأمين من قبل مسؤولي الهيآت الرقابية، والتي كانت سببا مباشرا في التواطؤات والاتفاقات والتحالفات بين الفاعلين، وتفليس مئات مكاتب الوساطة في التأمين، وتغول وجشع مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين من بنوك وشركات للتأمين، وعدم التزامهم بمبادئ المنافسة الشريفة، ووضع حد لعمليات الاحتكار والتركيز الاقتصادي، وهو ما ينذر بأزمة ذات تكلفة اقتصادية جسيمة و إضرار بحقوق المستهلك، وستكون لذلك نتائج مدمرة على مستوى التماسك الاجتماعي في ظل غياب كلي للمراقبة وتحكم فاعلين بعينهم في الأسعار ووضع حد للتنافسية. مؤسسات الرقابة أكدت على ضرورة إصدار مؤسسات الدولة الرقابية قرارات عاجلة لوضع حد للممارسات المحظورة من هؤلاء الفاعلين بشكل عاجل، في إطار احترام المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية الملقاة على عاتقهم، والتوفيق بين التنافسية والعدالة الاجتماعية، وخلق مناخ رحب للاستثمار ينبني على الثقة في المؤسسات والأمن الاقتصادي الذي يساعد على ضمان الأمن الاجتماعي. كما التمست إعادة النظر في الرخص الممنوحة في مجال الوساطة في التأمين أو إبداء الموافقة من قبل المؤسسات الرقابية للدولة، سيما مؤسسة مجلس المنافسة بخصوص عمليات التركيز الاقتصادي، التي تتم بين شركات البنوك وشركات التأمين، والتي أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا لصورة وجاذبية الاقتصاد الوطني وتنافسيته وطنيا ودوليا.

قطاع التأمينات… التنافسية الغائبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تكريس الاكتساح

مليونـا صانـع خـارج التغطيـة

مقالات ذات صلة