عصابات الأسلحة النارية… شبح “لاكريم”

مواجهات خلفت قتلى لاحتكار الكوكايين والأمن أجهض ولادة تنظيم إجرامي دولي كانت نهاية الأسبوع الماضي دامية في تاريخ شبكات الاتجار في المخدرات بالمغرب، بعد أن خلفت مواجهة بالأسلحة النارية بين عصابتين بالحسيمة والناظور، قتيلين وعددا من الجرحى. هذه الحادثة أعادت للأذهان واقعة مقهى "لاكريم" بمراكش"، وتفشي الخوف من أن تكون بداية سلسلة جديدة من التصفيات الجسدية بين العصابات المتنافسة، إلا أن خبراء أمنيين قللوا من شأنها، وأكدوا أن الوضع تحت السيطرة وأن المغرب ما زال يعتبر استعمال السلاح الناري خطا أحمر، والدليل الاعتقالات التي طالت أفراد العصابتين المتنازعتين في ظرف قياسي. إنجاز: مصطفى لطفي صحيح أن المغرب شهد عمليات إجرامية بأسلحة نارية في وقت سابق، كما الأمر في عملية سطو على بنك بطنجة وبأسلحة أوتوماتيكية، إلا أن ما يميز "حرب" العصابتين بالناظور والحسيمة، أنها تدخل ضمن إطار تصفية الحسابات لاحتكار سوق الكوكايين، كما الأمر لجريمة "لاكريم" بمراكش، لكن المثير أن هذه العصابات لم تعد تقتصر على بنادق الصيد في تنفيذ عملياتها، إذ استغلت علاقاتها مع شبكات دولية لجلب المسدسات، والخوف أن تكون بداية لتهريب أسلحة متطورة إلى المغرب. مقهى "لاكريم"... الإنذار كانت ليلة هادئة داخل مقهى "لاكريم" بمراكش في 2 نونبر 2017، إذ انخرط شابان وفتاة في حديث عفوي مطول، وفي لحظة، توقفت دراجة نارية على متنها شخصان يضعان خوذتين أخفتا ملامحهما، ودون سابق إنذار أطلق أحدهما النار من مسدس اتجاه طاولة الشباب الثلاثة، أردت أحدهم قتيلا في الحين، فيما أصيب زميله والفتاة بجروح، وبعدها فر المتهمان أمام صدمة الحضور. اتضح أن الضحية الذي كان يرتدي قميصا أبيض، طالب في كلية الطب، ونجل مسؤول قضائي بارز، حاولت جهات ترويج إشاعات حول مقتله، لكن سرعة التحقيقات، كشفت أنه ضحية قتل عن طريق الخطأ، فالمستهدف كان مالك المقهى، وأن القاتل أخبر أنه يرتدي بدوره قميصا أبيض، فأخطأ هدفه. اعتقل المتهمان في ظرف قياسي، واتضح أنهما قاتلان مأجوران يتحدران من هولندا، وأن عصابة دولية للكوكايين يتزعمها مغاربة أوكلت لهما مهمة قتل المسير الذي خان العصابة، لتتوالى الاعتقالات في صفوف أفراد العصابة بالمغرب وهولندا، إلى أن تمت الإطاحة بمخطط الجريمة، وهو مغربي بالأراضي الإماراتية. تجدد المواجهة منذ 2017، ظلت جريمة "لاكريم" تعد حالة معزولة ولن تتكرر، لكن ما حدث بإقليمي الناظور والحسيمة نهاية الأسبوع الماضي، أكد أن المغرب لم يعد بمنأى عن نشاط عصابات دولية خطيرة، إذ ستدخل عصابتان في مواجهات باستعمال مسدسات وبنادق صيد ومطاردات واختطافات استعملت فيها سيارات رباعية الدفع، خلفت قتيلين وجرحى، من بينهم بلجيكي من أصول مغربية. التحريات الأولية للشرطة كشفت أن الأمر يتعلق بعصابات متخصصة في ترويج الكوكايين، يتزعمها مغاربة من الشمال على علاقة بعصابات دولية، دخلت في منافسة شرسة لاحتكار سوق ومعابر الكوكايين. دفعت هذه المنافسة إحدى العصابتين إلى الانسحاب بعد تشديد الخناق عليها، وقرر زعيمها احتراف الاختطاف باستعمال أسلحة نارية وسرقة السيارات الفاخرة. استهدفت عمليات الاختطاف أفراد العصابة المنافسة، التي خلفت حربا حامية الوطيس بين الطرفين، كان آخر ضحاياها بلجيكي من أصل مغربي، تمت مطاردته وإطلاق النار عليه فأصيب برصاصة في قدمه. دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط، وكشفت التحريات الأولية أن العصابتين سبق أن دخلتا في مواجهات مسلحة، وبتنسيق مع الأمن المحلي والدرك، تمت الإطاحة بأفراد العصابتين في ظرف قياسي وإصدار مذكرات بحث في حق الفارين. البداية الجنينية المواجهات بالأسلحة النارية بالشمال، استنفرت جميع الفرق الأمنية والاستخباراتية، فالأمر لا يتعلق بنزاع تقليدي بين شبكتين للمخدرات، غالبا ما تستعمل فيه أسلحة بيضاء، وفي أقصى الحالات بندقية صيد، وإنما الأمر بتعلق بولادة جنينية لشكل إجرامي جديد غير معتاد بالمغرب، ويتعلق الأمر بعصابة مغربية متخصصة في الكوكايين، لكنها نسخة طبق الأصل للعصابات الدولية، سواء من حيث طريقة التكوين والتنظيم والعمل، ومن حيث الوسائل اللوجستيية، كاستعمال سيارات رباعية الدفع وربما وسائل اتصال متطورة، وعلى مستوى الأسلحة، نجد بنادق الصيد ومسدسات متطورة جلبت سرا من الخارج. ويزكي هذا الطرح، أن العصابة الثانية التي خرجت من المنافسة على سوق الكوكايين، احترفت عمليات الخطف وسرقة السيارات الفاخرة عن طريق "براكاج" وباستعمال أسلحة نارية، وهو نشاط إجرامي بدوره غير مسبوق بالمغرب، لهذا كان رد المصالح الأمنية صارما، إذ في ظرف قياسي نجحت الفرقة الوطنية بتنسيق مع الدرك والأمن المحلي في اعتقال المتورطين والقضاء على أي ولادة جنينية للتنظيمات الإجرامية، لأن أي تهاون، سيكلف المغرب الكثير، إذ مستقبلا ستحصن نفسها بأسلحة متطورة على شاكلة أفلام "المافيا"، وسيقدم الأمن تضحيات كثيرة لتفكيكها. دعوة لتفعيل القانون وإشادة بالأمن أجمعت أغلب التعاليق على مواقع التواصل الاجتماعي، حول خبر تبادل إطلاق النار بين عصابتين بالشمال، على إصدار عقوبات مشددة على المتورطين، والضرب بيد من حديد كل من تجرأ على حمل السلاح، كما أشادت أخرى بالأمن المغربي ويقظته وسرعة تدخله في اعتقال المتورطين. أشادت أول التعليقات بمصالح الأمن، لدرجة أن صاحبها استعان بكلمة مصرية لإبداء فخره واعتزازه إذ قال " لا لعب ولا هزار ولا تهور مع الأمن المغربي بخصوص السلاح والمخدرات القوية، والقتل، وكذلك الإرهابيون سوف سيقبض عليهم حتى لو كانوا في قاع البئر". أما التعليق الثاني، فبدت على صاحبه الدهشة والاستغراب من "حرب" العصابتين، ولم يجد أحسن تعبير سوى طرح سؤال ساخر، " مالهم هادوا، واش سخن عليهم راسهم ؟". في حين اقتصرت تعاليق أخرى على المطالبة بالتطبيق الصارم للقانون في حق المتورطين، إذ عبر ت إحداها بالقول " من أجل ردع هذا النوع من الإجرام، يجب تحيين القانون والتعامل مع مقترفيه بصرامة كبيرة"، في حين جاء في تعليق آخر :"عاقبة التبرهيش هي الغرق في السجن، لأن أمثال هؤلاء لا يصلحون للمجتمع، بل هم مفسدون ولا بد من إصلاحهم، وتتبع مراحل محاكمتهم بشكل خاص. هؤلاء عاثوا فسادا في جهات المملكة، ولا تسامح مع من يحمل السلاح ويروع الناس ويهدد وجود الدولة التي هي الضامن للأمن والاستقرار". وتنبأ تعليق بسوء مصير المتورطين وتجار المخدرات، إذ جاء فيه "مهربو المخدرات ينتهون دائما بموت فظيع في مقتبل العمر، كما يخربون المجتمع بسمومهم يخربهم الله، لا دنيا ولا آخرة. اللهم نسألك حسن الخاتمة". وانتقد التعليق الأخير مغاربة في المهجر احترفوا ترويج المخدرات وارتموا في أحضان شبكات إجرامية دولية، إذ عبر صاحبه بكل أسف، "الكثير من المهاجرين المغاربة يتعاطون مع الأسف الشديد تجارة المخدرات. فنسمع كثيرا سواء في جنوب فرنسا أو إسبانيا وحتى هولندا عن الجرائم وتصفية حسابات بين مروجي المخدرات. جرائم تشبه ما يقع في بعض الدول اللاتينية، الشيء الذي لا يشرف الهجرة المغربية، التي لها سمعة طيبة، ومعظم المهاجرين لهم مناصب مشرفة ومحترمة".

عصابات الأسلحة النارية… شبح “لاكريم”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غلاء المعيشة ... "كريديات" بـ 37 ألف مليار

نهاية فوضى صدور الأحكام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات