المعرض ينفتح على التشكيل والتقنيات الحديثة للقراءة والتلقي تواصلت الثلاثاء الماضي فعاليات الدورة الـ 13 من "مهرجان الشارقة القرائي للطفل"، الذي تنظمه "هيأة الشارقة للكتاب" في الفترة ما بين 11-22 ماي الجاري تحت شعار "كوّن كونك". في هذا الخاص تأخذكم "الصباح" إلى أجواء هذه التظاهرة التي تضع الطفولة في عالم الكتاب، من خلال العروض وأيضا عبر حوارات مع كتاب وفعاليات حاضرة فيها. التعليم الذكي موضة الكتاب الجديد أنشطة موازية لتنمية مهارات الأطفال وانفتاح الناشرين على التقنيات الحديثة إلى جانب الأروقة التي تعرض الكتب الموجهة للأطفال، تحضر في مهرجان الشارقة القرائي للطفل الأنشطة الموازية التي تخصص فيها ورشات إبداعية، مستوحاة من عوالم الأطفال، ومقسمة على القطاعات المعرفية والمهارات الذهنية والبدنية وتشتمل هذه الفقرات على أنشطة تجمع بين التوعية والتعليم والترفيه، إذ تنمي في الأطفال حب العلوم التجريبية من خلال منصات مخصصة لورش الرياضيات والمختبرات، تتيح لهم إجراء التجارب الكيميائية وحل الألغاز الحسابية، وتضمن لهم تنمية قدراتهم لدخول عالم التكنولوجيا المستقبلية وإتقان مهاراتها. ومن العلوم والتقنيات، ينتقل زوّار المهرجان إلى مساحات أخرى تعزز مهارات الإبداع الفني لديهم من خلال ركن خاص بالموسيقى، إضافةً إلى خلق مساحة تتيح للصغار الحديث عن أنفسهم بكل صراحة وحرية عبر منصة علم النفس، التي تنمي في الطفل مهارات التعامل مع التحديات التي تواجهه في المنزل والمدرسة، وتمكنه من اكتشاف مواطن القوة في ذاته. كما تتيح منصة الصحافة والإعلام في المهرجان إطلاق العنان لخيال الأطفال، ليتحدثوا عن قضاياهم، ويتقنوا فنون الصحافة من الإلقاء وكتابة التقارير، إلى إجراء حوارات تفاعلية مع الآخرين. وتمكن "منصة المكتشفين الصغار" الأطفال من أداء الأنشطة التفاعلية التي تخاطب الحواس الخمس، وتجمع بين المتعة والمرح والأنشطة الذهنية. كما تركز أنشطة المهرجان على أهمية التحفيز الجسدي والنفسي معاً للأطفال، من خلال تهيئة فضاء مخصص لممارسة ألعابهم المفضلة من خلال مساحة مخصصة للرياضة، إضافة إلى منصة الصناعات اليدوية، إذ تسمح الورشات المقامة فيها للأطفال المشاركين بالتعبير عن أنفسهم بكامل حواسهم بطريقة أكثر إبداعاً. من جهة أخرى تحضر الصيغ الجديدة للكتاب وهي إصدارات إبداعية مبتكرة بتصاميمها ومحتواها، إذ توظف أساليب التعليم الذكي التي تحفز حواس الطفل المتلقي عبر وسائط عديدة، تجمع بين المرئي والمسموع والمحسوس. ومن ضمن هذه الكتب قصص على شكل ألعاب ملفتة للانتباه بأشكالها وألوانها وتصاميمها المبتكرة، وتأخذ أشكالا متعددة، منها شكل سيارات بعجلاتها الأربع أو حيوانات، كما تقدم بعض دور النشر صفحات تفاعلية ذكية في هذه الكتب، حيث تُقرأ من خلال أقلام خاصة، أو أدوات تفاعلية تشير إلى أماكن الحروف، أو تضيء الصورة المناسبة في الوقت المناسب من القراءة الصوتية للطفل حتى تبقي أثرا أكبر في نفسه. كما تقدم كراسات أخرى تقنيات الأصوات عبر لوالب مدمجة في الكتاب لإبراز الأصوات أو سماع القصة، أو للإيضاح وتحديد الإجابة الصحيحة من الخاطئة، إضافة إلى كتب تفاعلية أخرى في مختلف صنوف المعرفة من اللغة إلى العلوم والفنون والحساب والرياضيات، وغيرها من الاهتمامات المعرفية. واعتبر أحد الناشرين أن قطاع النشر الجديد هذا يعد مجالا واعدا ويتطور بسرعة في الوقت الذي تتنامى فيه وسائل التعلم الذكي، وما تتيحه المشاريع الابتكارية في هذا المجال، خصوصاً أنها تعمل وفق قواعد ترتكز على الإبداع لجذب الأطفال إلى عالم القراءة. وأشار إلى أن محتويات هذه الكتب تركز على منهجيات التعلم وتطوير مستويات الإملاء والكتابة، كما ترسخ مضامين القصص والحكايات التفاعلية مع القيم الإنسانية كالصدق والتواضع، وتقدم العلوم والمعارف بشكل سهل ومناسب لأعمار الأطفال. فونسيكا.. الطفولة بضوء القمر يواصل الفنان المكسيكي أرماندو فونسيكا تقديم لوحاته ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل، إذ يهتم من خلالها بالتفاصيل الراقصة التي يؤنسن بها الكائنات والحيوانات ويجعلها تشترك مع البشر في المرح وتقتسم معهم الاحتفال الذي لا ينتهي بالحياة وبضوء القمر. وينقل هذا الرسام في أعماله دهشة الأطفال ورؤيتهم للعالم من منظور يختلف عن عالم الكبار، وفازت رسومه التي قدمها في "معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل". ويميل فونسيكا إلى الرسم بالأبيض والأسود، وعندما تكتمل رسوماته يتدخل في بعضها بمزاج طفل يلتقط القلم الأحمر أو الأزرق ليضع بعض الخطوط والمستطيلات داخل الرسمة، ويضيف التفاصيل الجديدة التي يتخيلها بعين طفل آخر يعبث بقلمه ليضع الرتوش التي تنقص الرسمة، كأن يرسم قرص شمس، أو يحول رؤوس البشر إلى طيور أو يستبدلها برؤوس أحصنة. كل الكائنات في رسوم هذا الفنان تتحرك في لوحاته كما لو أنها ترقص أو تحتفل بموسم الضوء، كأنها تدور في الليالي المقمرة، التي تشع بفرح طفولي لا ينتهي، وفي التعريف بالرسوم التي قدمها إشارة إلى أنها مرسومة لنص من نصوص الكاتب البرتغالي الشهير خوسيه ساراموغو، الفائز بجائزة نوبل للآداب، عن اندهاش المؤلف في طفولته بالطبيعة وبضوء القمر الساحر. الخلالي: الثقافة تعلمنا الصبر قالت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي إن دعم الطفل المبدع يحتاج إلى إحداث توازن بين تعزيز الثقة بالنفس، وبين أن نحافظ على تنشئته نشأة طفولية سليمة، دون أن نخرجه من براءة عالمه، مشيرة إلى أن روح الطفولة كامنة في كل واحد فينا، وتخرج في كل مراحل حياتنا بأشكال وألوان متعددة. وشددت الخلالي، خلال جلسة نقاشية بعنوان "قصواء واللغة العربية"، على أن دعم الطفل المبدع قد يكون أحياناً دعماً سلبياً مضراً، ويسلبه براءة طفولته، وهذا يتطلب من الأسرة والمجتمع أن يصنعا توازناً بين تشجيع الطفل وتعزيز ثقته بنفسه وتنمية مواهبه، وبين أن يصبح سوياً من الناحية النفسية، والحيلولة دون أن يكون متعالياً على الآخرين. ولفتت قصواء الانتباه إلى أن البرامج الثقافية تمنح المشاهد قوة لا تمنحه إياها البرامج الأخرى، خاصةً عندما يتابع حياة العظماء الذين غيروا الحياة وخاضوا غمارها بأقل الإمكانيات، وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الثقافة ليست معلومات حفظت في الكتب يمارسها المثقفون فقط، بل هي السلوك العام لكل شخص منا، والروح التي ترافقنا في حياتنا اليومية. وقالت قصواء: "الثقافة تعلمنا الصبر، وأن نسعى بكل طاقتنا لتجاوز العقبات وتحقيق الأمنيات، فالمادة الثقافية إذا طرحت بشكل سلس وسهل لا بد وأن تصنع التغيير، لأنها المظلة التي تجمع تحتها كل القطاعات المعرفية من اقتصاد وسياسة وفن ولغة، فكل حياتنا عبارة عن ثقافة تتجلى في سلوكياتنا ومعتقداتنا".