سحوبات نقدا للتهرب وعدم إرجاع ملايير القيمة المضافة وإجراءات لزجر المتورطين أبانت تحريات أن أرباب مقاولات يعمدون إلى سحب مبالغ مالية هامة نقدا على مراحل، بعدما يتم إيداعها بواسطة شيكات مسطرة وغير قابلة للتظهير باسم شركاتهم، بهدف التهرب والتملص الضريبيين. وأفادت مصادر أنه لا يجوز للشركات أن تتعامل نقدا، سواء في ما يتعلق بإيداع الأموال أو سحبها نقدا، إذ يتعين أن يكون الشيك المسطر وغير القابل للتظهير الوسيلة الوحيدة لإجراء تعاملاتها البنكية، في حين أن بعض أرباب الشركات يودعون الأموال بالشيكات، لكنهم يعمدون إلى سحبها نقدا بمبالغ صغيرة عبر مراحل بالاستعانة بأعوانهم، ما يصعب مهام مراقبي الضريبة في تتبع حسابات هذه الشركة، ويسمح لهم بالتلاعب في تصريحاتهم للتملص من أداء واجباتهم الضريبية. بالموازاة مع ذلك، تم رصد عدد من المقاولات التي تسطو على مبالغ الضريبة على القيمة المضافة. وأوضحت مصادر "الصباح" أن الضريبة على القيمة المضافة تفرض على الاستهلاك، لكن بعض أرباب المقاولات ومقدمي الخدمات وبائعي السلع الخاضعة للضريبة، يستخلصونها من زبنائهم لكنهم لا يؤدونها لخزينة الدولة، ما يعتبر سطوا على موارد مالية عمومية. وأكدت المصادر ذاتها أن النظام المعلوماتي الجديد يمكن من إجراء مقارنة بين مختلف الفواتير وتحديد الحالات المشتبه فيها في وقت قياسي، ما يسهل المأمورية على المراقبين الذين يتكفلون بمتابعة المتورطين. وتبين بعد الاطلاع على الفواتير التي تتوصل بها المديرية العامة للضرائب، من خلال التصريحات الجبائية، أن هذه الممارسات أصبحت منتشرة بشكل كبير، وأن فئات عريضة من التجار والشركات ومقدمي الخدمات لا تؤدي ما جمعته من الضريبة على القيمة المضافة. ومكنت سياسة الرقمنة وتطوير النظام المعلوماتي من تطوير قدرة إدارات الضرائب على كشف العديد من حالات الغش والتملص الضريبيين، التي لم يكن بالإمكان ضبطها عندما كانت معالجة الوثائق تتم على الورق. وتتسبب هذه الممارسات في تضييع مبالغ بالملايير على خزينة الدولة، ما دفع السلطات المسؤولة إلى التفكير في التدابير والإجراءات اللازمة للتصدي للمتورطين في مثل هذه الأفعال. وأفادت مصادر "الصباح" أن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة سيتضمن آليات قانونية تمنع على البنوك السماح للشركات بسحب الأموال نقدا من حساباتها، وتشديد المراقبة على التدفقات المالية الواردة والمسحوبة من هذه الحسابات، إذ سيصبح الشيك المسطر وغير القابل للتظهير الوسيلة الوحيدة للسحب والإيداع بالنسبة إلى المقاولات، ما سيمكن من رصد وتتبع مسار كل التدفقات المالية بشكل أكثر دقة وشفافية، ويقلص من إمكانيات التملص والتهرب الضريبيين. كما سيتضمن المشروع، أيضا، إجراءات للحد من السطو على مبالغ الضريبة على القيمة المضافة المستخلصة من المستهلكين، إذ في حال ضبط مثل هذه الممارسات سيكون لإدارة الضرائب الحق في الحجز، ليس فقط على حسابات الشركة المعنية، بل يمكن أن يمتد إلى ممتلكات صاحبها والمسؤول عن عملية السطو، دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء، ما يعني أن المبالغ المستحقة من الضريبة على القيمة المضافة التي لم يتم تحويلها إلى خزينة الدولة ستستخلص بالأداء تضامنا بين الشركة وصاحبها. عبد الواحد كنفاوي