هو جزء من المنظومة القضائية ويضمن تحقيق وتجسيد مبدأ العدالة الإجرائية 2/2 بقلم: محمد القوص * لإثبات واقعة خرق هاته المساطر يمكن معاينتها بواسطة المفوض القضائي، والجدير بالذكر أن هذا الأخير لا تقتصر أهميته فقط على حضور جلسة الاستماع، وإنما تتجلى أيضا في كل الإجراءات والمساطر الواردة والمتضمنة في المادة 62 من مدونة الشغل وفي كل المراحل والحلقات الخاصة بجلسة الاستماع، والتي بسطناها سابقا ابتداء من تبليغ استدعاء لحضور هاته الجلسة وانتهاء بتبليغ المقرر التأديبي كما هو وارد في القرار عدد 698 الصادر عن محكمة النقض في الملف الاجتماعي عدد 1248/5/2/2012. وبالرجوع إلى المذكرة التوضيحية لأحكام المادة 62 من مدونة الشغل، على ضوء الاجتهاد القضائي، الصادر عن وزارة الشغل والادماج المهني، نجدها تشير إلى دور المفوض القضائي أثناء تنزيل وتفعيل مقتضيات المادة أعلاه، وعلى مستوى جميع المراحل. كما أجابت المذكرة حول ما إذا كان من الممكن للمفوض القضائي حضور جلسة الاستماع وتحرير محضر معاينة بشأنها، بالإيجاب وأن القيام بهاته المهمة متوقف إما على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية، بناء على الأوامر المبنية على طلب وفقا لمقتضيات المادة 148 قانون لمسطرة المدنية، وإما بناء على طلب ممن يعنيه الأمر بشكل مباشر، بعد التأكد من شرطي الصفة والمصلحة. فالمقاربة التقييمية لقرار محكمة النقض رقم 1/436 المؤرخ في 19/03/2019 في الملف الاجتماعي رقم 1048/5/1/2018 من خلال قراءة تحليلية لموضوع وحيثيات القرار عدد 1048/5/1/2018، تبين أن الحيثيات والعلل المعتمدة جانبت الصواب، بناء على المرتكزات القانونية التالية، والتي سبق أن بسطناها سابقا اعتمادا على ما ذهبت إليه محكمة النقض من أن حضور المفوض القضائي لجلسة الاستماع للأجير يشكل خرقا لمقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل، هو قول مردود، لأن قراءة محكمة النقض لهاته المقتضيات هي قراءة ضيقة، ولم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ودور المفوض القضائي داخل منظومة العدالة، بالإضافة إلى أنه وإن كانت هاته المادة من النظام العام إلا أنها لا تتضمن أي مقتضى صريح، يمنع حضور المفوض القضائي جلسة الاستماع للأجير، والأصل في الأشياء الإباحة عملا بالقاعدة الفقهية. أما القول بضرورة الحفاظ على السر المهني للمشغل واحترام الحقوق الشخصية للأجير حين مواجهته بالأخطاء الجسيمة التي تشكل مسا بكرامته أمام المفوض القضائي، فهو طرح متجاوز، على اعتبار أن المفوض القضائي هو جزء من المنظومة القضائية ويضمن تحقيق وتجسيد مبدأ العدالة الإجرائية ومن ثم تفعيل واقعية المحاكمة العادلة التي تنطلق أساسا من مقومات العدالة المسطرية. كما أن المفوض القضائي ومن خلال مقتضيات القانون المنظم للمهنة، يؤدي اليمين القانونية قبل الشروع في ممارسة مهامه بما فيها الالتزام بالحفاظ على السر المهني، الذي يلزمه المشرع بالتقيد به. وحضور المفوض القضائي لجلسة الاستماع للأجير هو ضمانة قانونية للحفاظ على التوازن القانوني بين الأجير ورب العمل من خلال معاينة مدى تقيد الأطراف بالمساطر القانونية والإجراءات المنصوص عليها في المادة 62، وهو نوع من الرقابة الاستباقية على مدى التطبيق الفعلي والعملي لهاته الإجراءات وعدم خرقها، فالتأصيل القانوني لهاته المعاينة يرجع لمقتضيات المادة 15 من القانون 03/81 فالمفوض القضائي ليس غيرا أو شخصا أجنبيا ولا ينبغي النظر إليه من هاته الزاوية، فهو إطار قضائي مساعد للقضاء ومحايد، ولا يمثل أي مصلحة سوى تحقيق العدالة وتطبيق القانون. وخلاصة التحليل أن ما ذهب إليه القرار عدد 1/436 هو مجانب للصواب ومخالف للقانون للأسباب التي أشرنا إليها سابقا واستنادا للقرار الصادر عن محكمة النقض – الغرفة المدنية تحت عدد 3820 والمؤرخ بتاريخ 21-09-2010 ملف عدد 2880/2/7/2009 والمنشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية عدد 250 لسنة 2011 والذي نص على (أن المحضر..... المحرر من قبل المفوض القضائي المكلف بخدمة عمومية بعد أدائه اليمين القانونية يعتبر ورقة رسمية وما دون فيه نتيجة لما وقع تحت سمعه وبصره وما عاينه لا يطعن فيه الا بالزور....). والمفوض القضائي نظرا لطبيعة مهامه ودوره في وسائل الاثبات لا يصنع حجة لأحد، وإنما ينقل بأمانة كل ما يقع تحت سمعه وبصره كما جاء في هذا القرار، وهذ التوجه أخذت به محكمة النقض في سياق حيثياتها في القرار عدد 473 الصادر في أبريل 2014 والذي جاء فيه "وأن سندها في ذلك هو محضر الاجتماع المحرر من طرف المفوض القضائي والمؤرخ في 23/09/2008 المرفق بمقال النقض، فهذا المحضر يشير الى عدم التحاق المطلوب بجلسة الاستماع ولم يرد فيه أن الطالبة قد اتخذت قرارا بفصله....". لهذا نرى بأنه من المنطق القانوني السليم أن يحضر المفوض القضائي جلسة الاستماع المنصوص عليها في مدونة الشغل، وأن يتقيد فقط بمعاينة تحقق الشروط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في المادة 62 من قانون 99/65، دون أن يتجاوزها إلى مساطر أخرى خارج نطاق اختصاصه كالتوقيع على المحضر المحرر من قبل رب العمل، أو أن يتحول الى كاتب جلسة الاستماع أو أن يدير هاته الجلسة لما في ذلك من الخروج عن مبدأ الحياد. ونتيجة لما سبق أن بسطناه فإن القرار عدد 1/436 موضوع التحليل والقراءة جاء متناقضا مع القرار عدد 473 المستدل به أعلاه وجاء أيضا في حيثياته وعلله مجانبا للصواب ومعيبا في مبناه وأساسه. * مفوض قضائي بالمحكمة الابتدائية بفاس