أخذت محاكمة المتهمين في ملف الفساد بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية منحى جديدا، بعد أن تقرر، من طرف القضاة، تخصيص جلسات يومية للاستماع إلى الأقوال النهائية للمتابعين في هذا الملف، سواء المعتقلين، أو المتابعين في حالة سراح. وخصصت جلسة الاثنين الماضي، التي استمرت إلى الساعة الثامنة مساء، للاستماع إلى أقوال إطار التعاضدية الذي كان مكلفا بإنجاز دفتر التحملات للشركة المكلفة بالنظام المعلوماتي الذي كلف الملايير من السنتيمات وظل معطلا عن العمل، والذي يتابع في حالة اعتقال هو والمدير العام لشركة المعلوميات التي رست عليها الصفقة، بطرق يشتبه في أنها غير قانونية.وقدم المتهم، إطار التعاضدية، معلومات مثيرة خلال المحاكمة، إذ كشف، ردا على تساؤلات القاضي، أنه حصل على مبلغ مالي قدره 180 ألف درهم، مقابل إنجاز دفتر التحملات لفائدة التعاضدية، كما كان يحصل على تعويض يومي عن "العمل" قدره 6000 درهم. وأشار المتهم المعتقل إلى أن مدة إنجاز دفتر التحملات استمرت 15 يوما، مشيرا إلى أنه تكلف بإنجاز ملاحق أخرى بدفتر التحملات، كما كان مساعدا تقنيا ويتولى مهام الاستشارة والتتبع في الوقت نفسه.وحول الكلفة الخيالية لإنجاز دفتر تحملات، أشار المتهم إلى أنه كانت له أهمية كبيرة، إذ كان يحدد شروط ومتطلبات النظام المعلوماتي الذي كانت تطلبه التعاضدية، وهو ما أثار حفيظة القاضي، الذي تساءل عما إذا كانت التعاضدية قدمت طلبات عروض قانونية، وما هو السبب الذي جعل هذه الصفقة ترسو على هذه الشركة بعينها، ليؤكد المتهم أن التعاضدية تأكدت من أن الشركة تتوفر على المعايير اللازمة، لذلك رست عليها الصفقة.وبعد انتهاء المتهم من أقواله، استدعت الهيأة القضائية المسؤول عن الشركة، الذي أكد أنه، رفقة أطر شركته، يعتبرون خبراء وطاقات وطنية في المجال المعلوماتي. وأكد أن النظام المقتنى حديث وعصري، وأن الشركة حصلت على جوائز دولية، مشيرا إلى أن النظام يتمتع بفعالية جديدة. وهنا سأله القاضي عن أسباب تعطل البرنامج ولماذا لم يتم تشغيله والاستفادة من خدماته رغم مرور فترة طويلة على اعتماده، فأكد المتهم أن النظام مشغل وليس معطلا، قبل أن يدخل في مرافعة تقنية.وقال إن الشركة بدأت بالتجارب قبل اعتماد البرنامج نهائيا، وقبل الانتقلل إلى مرحلة إرسائه، مضيفا أن الإدارة طلبت أيضا مهلة لاختباره. ولأن حديث المتهم كان تقنيا بامتياز، بادر أحد المحامين إلى تقديم طلب إلى المحكمة من أجل الأمر بإحضار خبير لشرح ما جاء في تصريحات المتهم من معلومات تقنية معقدة. كما عرج القاضي غلى "خبايا" و"أسرار" أخرى في الملف، من بينها تسلم المدير العام للشركة المعلوماتية شيكا على سبيل الضمان من محماد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية، قدره 250 ألف درهم، وحصوله على مبلغ مالي قدره 10 ملايين سنتيم من المسؤول السابق نفسه، بمناسبة تقديمه العزاء في وفاة أحد أقاربه، ليؤكد المتهم أن تلك الأشياء "مسائل شخصية بينه وبين الفراع"، لترتسم علامات الدهشة والاستغراب على ملامح القاضي. محمد البودالي