حــب خـاص للمـغـرب

يهود الأندلس والمغرب ... قصة تعايش 3 الزعفراني أعجب بالتوازن الذي عرفه في تاريخه وروج لذلك في كتبهنقدم لكم في هذه السلسلة من الحلقات، تاريخا من التعايش بين اليهود والمغاربة، تحدث عنه حاييم الزعفراني، ابن الصويرة، الذي اعتبر من أشهر الكتاب في عهده. من أصل 15 كتابا نشره حول علاقة اليهود والعرب، اعتبرت جلها وثائق تاريخية عن التعايش السلمي والفكري والثقافي السليم بين الديانتين، يعتبر كتاب “يهود الأندلس والمغرب” من أشهرها، إذ تحدث فيه عن طريقة عيش اليهود في المغرب، وكيف وجدوا فيه بيئة هادئة ومتينة لربط علاقات مهمة، والنجاح في مهن مختلفة. توفي في 2004، لكنه ترك خلفه إرثا لن يموت، وكتبا سلطت الضوء على حقبة من التعايش السلمي الجميل بين “الإخوة”. العقيد درغام حاييم الزعفراني برهن دائما في بحوثه على "وجود هذا التوازن الذي عرفه المغرب في تاريخه منذ القديم، وفعل ذلك وهو مفتش عام للمعارف اليهودية في المغرب أًيام الستينات، وفعله وهو أستاذ مدرس في الجامعة الفرنسية، وفعله وهو يرأس وحدة البحث المنشغلة ب "اليهودية في أرض الإسلام". يضيف الكتاب أنه "في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي في باريس، فعل ذلك أيضا"، وبرهن على "حبه الكبير لهذا الوطن الذي استمتع به أماسي وأصباح، في أماكن الدرس وأماكن العمل، وفي الشدة والرخاء، واحتفظ به ذكرى لا تفارق خياله أبدا في القلم وفي البيت. ولم ينس له المغرب جهده هذا ولا حبه، فوشح صدره بأوسمة التقدير، وأفسح له في أكاديمية المملكة المغربية". بحسب الكتاب دائما، جنى المغرب بهذا العمل "كل وجوه الخير. فهو يفتخر بأبنائه العاملين، وهو يسوي بين كل أبنائه، وهو يجلي وجها حضاريا رافده الإسلام ومسنده خلق تنضح به تربة هذا البلد، الذي يسبح سهله وجبله وبحره برب الناس أجمعين". اعتبر الزعفراني أن "الوحدة التي كانت تجمع بين الأندلس والمغرب الأقصى، تمثلت في هذا الصقع الذي ندعوه الغرب الإسلامي، خلال قرون طويلة. في هذا الكيان المتوحد فكرا وتاريخا. وفي هذا الفضاء حيث عاش اليهود والمسلمون في حميمية طوال خمسة عشر قرنا. عرف اليهود فيها أكثر من غيرهم. وحدة متكاملة في ظل مصير مشترك شمل الجميع". وفي التوجه نفسه، أوضح الزعفراني أن "الشريعة الإسلامية وضعت القانون الخاص بأهل الذمة "المحميين" في الدولة الإسلامية. مما سيشمل اليهود والمسيحيين. وإذا ضمن عهد أهل الذمة عديدا من حقوق الذمي التي تصونه في نفسه وماله، وهذا لم يحدث أبدا في أوربا العصر الوسيط. فإنه أيضا حدد له وضعه الدوني الذي عليه أن لا يتعداه. وانطلاقا من الفرضيات التي ينطوي على مرتكزاتها عهد أهل الذمة، فإنه يلزمنا أن نعترف أولا أن مضمون هذا العهد لم يكن يسري على نفس الوتيرة، بل كان دوما يطبق مع بعض التساهل، وعلينا أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية التي كانت تمتاز بها البلدان المعنية التي كانت تسير على مقتضى الشريعة". يرى الزعفراني أن هذه الطوائف كانت تتمتع بالاستقلال الإداري والتشريعي، إذ "يجد الباحث في عدد كبير من وثائق "لكنيزة" مثلها مثل أدبيات الفكر التشريعي اليهودي وفي مختلف الفتاوى الجماعية والفردية، وكذا في فتاوى الونشريسي الإسلامية، مواضيع كثيرة حول هذا الاستقلال"، وذلك "في مجال تطبيق العدالة وحرية التعاقد، وفي عديد من الحالات التي كانت تتقاضى فيها الطوائف أهل الذمة أمام قضاء الدولة والجهاز القضائي الإسلامي". ويوضح الزعفراني أن الباحث يجد في هذه الأدبيات "دلائل المساكنة التي جمعت بين الأقليات الدينية والغالبية المسلمة المهيمنة، وعلائم التعاضد التي تشمل المناشط الاقتصادية والعلمية، ويتماثل أمام عينيه تكافل بين أهل المعتقدات المختلفة ملفت للنظر، وذلك عندما يتعلق الأمر خاصة بعلاقات التعامل التجاري والاحترام المتبادل والصداقة الحق التي كانت تجمع بين الأعيان والقضاة، وتقرب بين مشاهير متأدبة اليهود ورفاقهم المسلمين". تعايش الوحدة التي كانت تجمع بين الأندلس والمغرب الأقصى، تمثلت في هذا الصقع الذي ندعوه الغرب الإسلامي، في هذا الكيان المتوحد فكرا وتاريخا، وفي هذا الفضاء حيث عاش اليهود والمسلمون في حميمية طوال خمسة عشر قرنا

حــب خـاص للمـغـرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رمضان... تراويح و"معجون" وجنس

ريع ضريبي للبنوك بـ 39 مليارا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات