المدينة القديمة بالبيضاء … مشروع ملكي لإعادة التأهيل

تجهيز المدينة بالطرق والماء والكهرباء وتهيئة الساحات ومد قنوات التطهير تفاءل سكان المدينة القديمة مباشرة بعدما أطلق الملك محمد السادس مشروع إعادة تأهيل المدينة القديمة في 27 غشت 2010، وتأكدوا أن المشروع نجح في تضمين متطلباتهم، وما يحتاجون إليه، وأن المسؤولين سينجحون في إخراجها إلى حيز الوجود، سيما أن الملك حرص على ذلك شخصيا. بعد 3 سنوات من الأشغال، مازال السكان متمسكين بموقفهم، معتبرين أن المشروع استطاع تحسين ظروف عيش العديد من العائلات، وأعطى نفسا جديدا للمدينة القديمة. تحول إيجابي بفضل مشروع إعادة التأهيل كشف عز الدين حفيف، مدير الشؤون العقارية والتهيئة الحضرية بالوكالة الحضرية للدارالبيضاء، المنجزات التي عرفتها المدينة القديمة في إطار مشروع إعادة تأهيل المنطقة، مؤكدا أنه تمت إعادة إسكان أسر تقطن بدور الصفيح، وأخرى تقطن بالبنايات العمومية، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي لتلك الأسر بلغ 96 أسرة. وأوضح حفيف في حديثه مع "الصباح" أنه خلال المشروع الممول من قبل وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية)، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية قام مكتب الدراسات TESCOوالمختبر العمومي للتجارب والدراسات بتشخيص ودراسة تقنية لـ 1339 بناية، 260 منها مهددة بالانهيار، و343 بناية منهارة جزئيا تستدعي التقوية، و685 بناية تعاني تصدعات تستدعي التقوية أيضا، و51 بناية مستقرة، الأمر الذي دفع السلطات إلى إغلاق وإخلاء 10 بنايات، وإعادة إسكان 84 أسرة. وفي ما يتعلق بالبنيات التحتية الأساسية، سيما الشق المتعلق بتشخيص وضعية شبكة التطهير والماء الصالح للشرب، أكد حفيف أنه تم الإنجاز الكلي لتجديد قنوات التطهير على طول 17 كيلومتر ونصف، وربط مختلف القنوات في عدد من النقط بلغ 39921، مشيرا إلى إنه في إطار المشروع ذاته، تم الإنجاز الكلي لتجديد قنوات الماء الشروب على طول 16396 مترا، وربط مختلف القنوات في عدد من النقط بلغ 3152.واستعرض حفيف الإنجازات المتعلقة بتجديد الإنارة العمومية، إذ أكد أنه تم تجديد 1440 نقطة ضوئية معلقة بالواجهات، إلى جانب تجديد لـ 75 نقطة ضوئية على الأعمدة بنسبة 100 في المائة، وإصلاح الطرق والأزقة بالمدينة القديمة بنسبة 100 في المائة أيضا. وأكد حفيف في حديثه مع "الصباح" الانتهاء من تهيئة الساحات الموجودة داخل وخارج السور، ويتعلق الأمر بساحة أحمد البيضاوي، وساحة عرصة الزرقطوني، وساحة سيدي بوسمارة وساحة لكبير، مشيرا إلى أن أشغال ترميم سور وأبواب المدينة القديمة انتهت، إذ رمم السور، والذي حدد طوله في 1748 مترا، ورمم باب المرسى بنسبة 100 في المائة، إلى جانب ترميم باب لكبير والرواق التجاري بنسبة 98 في المائة. وأوضح مدير الشؤون العقارية والتهيئة الحضرية بالوكالة الحضرية للدارالبيضاء، بخصوص الشق المتعلق بتأهيل المرافق العمومية الموجودة بالمدينة القديمة، أنه تم ترميم مسجد لمكيرجة والزاوية الحراقية، والقادرية، إضافة إلى مسجد الزاوية الناصرية بنسبة 100 في المائة، إلى جانب تحويل الكنيسة الإسبانية سان بوينا فنتورا إلى دار للثقافة، بعد تسلمها بشكل نهائي من السفارة الإسبانية، وتوسيع المركز الصحي بوسمارة، وإنشاء مركز لمحاربة الإدمان ووحدة للحد من انتشار مرض السل، وإحداث ملتقى أجيال المدينة القديمة. وزاد حفيف موضحا أن الأشغال المتعلقة بتهيئة المدار السياحي، وإعداد ميثاق تنظيمي وهندسي بمشاركة الشركة المغربية للهندسة السياحية، وتجهيز المدار بالتشوير والتأثيث الحضري انتهت بنسبة 100 في المائة". يشار إلى أن مشروع إعادة تأهيل المدنية القديمة يهدف إلى تحسين ظروف العيش للسكان وإعادة تأهيل الإطار المبني وإحداث مرافق جديدة والمحافظة على المباني التاريخية، وتحسين الجاذبية السياحية وإعطاء دفعة جديدة للأنشطة الاقتصادية ، ويتكون من ثلاثة برامج عمل، الأول يهم أعمال ذات أولوية لتحسين ظروف العيش، والثاني يهم البحث العقاري وتشخيص للبنايات الآيلة للسقوط، أما الثالث فيهم إعادة تأهيل البنايات ذات القيمة التراثية، وإعداد مخطط للحفاظ على التراث المعماري. عائلات انتقلت إلى منازل جديدة منذ أول انهيار، شهدته المدينة القديمة، والذي خلف ضحايا من عائلة واحدة، تجندت السلطات من أجل تدارك ما يمكن تداركه، وشرعت في حث سكان المنازل الآيلة للسقوط على إخلائها، خوفا من انهيارات مفاجئة، لكن الأمر تطلب كثيرا من الوقت، الأمر الذي تسبب في وقوع ضحايا جدد في انهيارات أخرى. السلطات لم تقف عند هذا الحد، بل استمرت في تبليغ العائلات بخطورة بقائها في منازل تآكلت جدرانها، ومازالت إلى اليوم مستمرة في خطوتها. في المقابل، نجد أن بعض العائلات التي أخذت قرار السلطات على محمل الجد، والتي أخلت منازلها خوفا على حياتها، وانتقلت إلى مراكز الإيواء التي وضعتها السلطات تحت تصرفها، استفادت من شقق جديدة، بعد أن دفعت ثلث المبلغ، فيما تكلفت السلطات بدفع الثلثين. "خلال الشهور الأولى التي انتقل فيها السكان إلى حجرات المؤسسة التعليمية، شرعت السلطات بإجراء قرعة للعائلات التي أخلت منازلها لتستفيد من شقق جديدة". ويضيف أحد سكان منزل مهدد بالانهيار أن عائلات وضعت طلبات الاستفادة من الشقق الجديدة، بعد أن حققت الشروط الموضوعة والمتعلقة بإخلاء المنزل والاستقرار في مراكز الإيواء، مشيرا إلى أن بعضها تحقق حلمها، بعد أن حالفها "الحظ" فيما أخرى مازالت تتخبط في الويلات والمعاناة. وأوضح المتحدث ذاته أنه خلال تلك المدة، تفاءل السكان، واعتقدوا أن خوفهم وضع له حد "العائلات التي استطاعت دفع المبلغ المحدد للاستفادة من الشقة، كانت محظوظة، سيما أن السلطات تدخلت لدى البنوك، بالنسبة إلى بعض الحالات لتمر مسطرة الاستفادة في أحسن الظروف ودون عرقلة"، لكن الأمر لم يدم طويلا، إذ في الوقت الذي اكتشفت فيه السلطات أن بعض العائلات خرقت أهم الشروط، إذ ضبطت بعضها في المنازل الآيلة للسقوط يعيشون حياتهم الطبيعية، أوقفت إجراءات "القرعة" للاستفادة من الشقق. "أخبرنا بأن عملية "القرعة" ستتوقف شهورا، وذلك بعد أن ضبطت بعض العائلات في منازلها الأولى، لكن الحقيقة أنها توقفت بسبب عدم توفر الشقق الجديدة، وأنهم ينتظرون انتهاء الأشغال منها". من جانبه، أكد مصدر مقرب من السلطات أن عدد العائلات التي استفادت خلال المرحلة الأولى من إعادة إيواء المناول الآيلة للسقوط في المدينة القديمة، بلغ 400 عائلة، مؤكدا أن ما يقرب 700 عائلة تنتظر دورها في الترحيل. وكشف المصدر ذاته الإجراءات التي وضعتها السلطات من أجل الاستفادة، مشيرا إلى أنها حاولت تسهيلها لبعض الحالات، فيما تدخلت شخصيا في حالات أخرى، وذلك من أجل حماية السكان من منازلهم التي أضحت تهدد حياتهم، موضحا أن الدولة تكلفت بدفع ثلثين من مبلغ الشقة، فيما تكلفت العائلة بدفع الثلث المتبقي. حماية حقوق ملاك المنازل الانهيارات المميتة التي عرفتها المدينة القديمة بالبيضاء، خلال السنتين الأخيرتين، دفعت ملاك المنازل إلى تفقد ممتلكاتهم، رغم أنها مصنفة ضمن الدور الآيلة للسقوط، والتأكد إن كانت الحكومة فكرت فيهم، وفي مصلحتهم "السلطات فكرت في ملاك المنازل، إذ اقترحت عليهم وضع طلب إصلاح منازلهم بعد أن أفرغت من السكان، أو بيعها لأشخاص يستطيعون ذلك". ويضيف مصدر "الصباح" أن الإجراءات التي وضعتها السلطات همت حماية ملاك المنازل وضمان حقوقهم، متأسفا على أن العديد من الملاك يجهلون حقوقهم والمساطر التي يمكن أن يتبعونها من أجل الاستفادة من رخص البناء من جديد أو الإصلاح. وأوضح المصدر ذاته أن السلطات تشدد على أن تخضع الإصلاحات لشروط معينة ومحددة، لا يمكن أن تتسامح فيها تجنبا لوقوع أي مشاكل تضع حياة السكان في خطر. موضوع الإصلاح يجرنا إلى الحديث عن الإصلاحات العشوائية التي يلجأ إليها بعض السكان، والذين يرفضون ترك منازلهم المهددة بالانهيار. إصلاحات يمكن أن تشكل خطرا كبيرا، وتزيد الطينة بلة، سميا أنها تجرى في غفلة من السلطات وبعد أن يسدل الليل ستاره. أصوات احتجاجية تعالت في هذا الشأن، مستنكرة ما أضحت تعيشه المدينة، إذ بين ليلة وضحاها يستيقظون على بناء عشوائي فوق منزل مهدد بالانهيار، الأمر الذي يدفع السلطات، في كل مرة إلى شن حملتها، والوقوف على بنايات عشوائية. عــــائــــدون إلــــى منــــــازلنــــا سماء البيضاء ملبدة بالغيوم. والأجواء توحي بأن تساقطات مطرية مهمة ستشهدها المدينة. هنا في المدينة القديمة، مازال شبح الموت يخيم على الأجواء، سيما أن بعض المنازل، حسب تأكيد السلطات، مهددة بالانهيار في أي لحظة، وراسلت سكانها من أجل إفراغها، والالتحاق بحجرات المؤسسات التعليمية للإيواء فيها بشكل مؤقت، لكن دون فائدة، إذ يرفضون الأمر. بين الدروب الضيقة للمدينة القديمة، والتي حرص الملك محمد السادس على إعادة هيكلتها، يتنفس بعض السكان الصعداء، بعد أن يمر يوم دون انهيار مفاجئ لمنزل، رغم أنهم اعتادوا الانهيارات الجزئية لبعضها. الكوابيس لا تفارقهم والخوف أيضا، لكنهم غير مقتنعين بحلول السلطات، وليس لهم الإمكانيات لاستئجار منازل جديدة. "نسمع أن حوادث كثيرة تقع في مراكز إيواء السكان المهددة منازلهم بالانهيار"، تضيف عائشة أن 3 عائلات تقتسم حجرة واحدة "كيف يمكن أن أترك ابنتي مع "العزارة"... لا أستطيع ذلك". وأوضحت عائشة أنها توصلت بقرار إفراغ منزلها، فأغلقت منزلها، إلا أنها عادت إليه، خوفا على أولادها "شكايات كثيرة وضعها سكان مراكز الإيواء لدى الأمن، إلا أنه غالبا لا يحرك ساكنا، ويظل الأمر على ما هو عليه".الخوف من ما يمكن أن يحدث في مراكز الإيواء، لا يمكن أن يكون أكبر من الخوف من الموت تحت ركام المنازل الآيلة للسقوط، لكن ذلك لن يستطع أن يؤثر على الكثير من العائلات إذا ظلت في منازلها المتآكلة، وحتى إذا غادرتها، فإنها تعود إليها في غفلة من السلطات "تعتبر الكثير من العائلات أنها بانتقالها إلى مراكز الإيواء، ستساهم بذلك في إقبار ملفها، وسيتناسى المسؤولون مشكلها". وتضيف المرأة قبل أن تؤكد أن "السكارى والمتشردين الذين يقلقون راحة سكان مراكز الإيواء، والحوادث الخطيرة التي شهدتها، من الأسباب التي دفعت العديد من سكان المدينة القديمة إلى ترقب الموت وانهيار المنازل. المسرح الكبير مفخرة المدينة القديمة بدأت أشغال مشروع إعادة تأهيل المدينة القديمة تعطي أكلها، إذ أضحى سور المدينة يرتدي حلة جديدة، وما سيزيد المكان رونقا، هو المسرح الكبير الذي من المنتظر أن يشيد بالقرب منها. ويعتبر البيضاويون أن هذا المسرح يعد مفخرة المدينة القديمة، منتظرين بدء أشغاله، سيما أن الجهات المسؤولة ، أكدت أن المشروع في مرحلة متقدمة بعدما تم إطلاق ثلاث طلبات عروض جديدة من قبل شركة الدار البيضاء للتهيئة، ويتعلق الأمر بأشغال بناء الأسقف وتشييد الواجهة وإعادة هيكلة المحيط المجاور للمشروع. وحسب الجهة المكلفة، فإن تكلفة خدمات طلب العروض المتعلق ببناء الأسقف حددت في مليارين و200 مليون سنتيم وتشييد الواجهة حددت في 4 ملايير و300 مليون، ثم خدمات إعادة التأهيل المحيط في600 مليون سنتيم . وينتظر أن يشكل هذا المشروع، رغم أن بعض الجمعيات عبرت عن رفضها له، فضاء متعدد التخصصات في خدمة الفن والثقافة موجها إلى مهن المسرح على المستويين الوطني والدولي على مساحة 37 ألف متر مربع، وحسب المعطيات التقنية فإن المسرح يتوفر على قاعة عرض كبرى تضم 1800 مقعد، وقاعة أخرى تضم 600 مقعدا، وقاعة تحتوي على 400 مقعد إلى جانب قاعة أطفال تضم 160 مقعد.ا وتجدر الإشارة إلى أن التكلفة الإجمالية لإنجاز المشروع تقدر ب 144 مليار سنتيم، إذ أن الدراسات كلفت حوالي 21 مليار سنتيم، فيما ستكلف أشغال بناء المسرح 80 مليار سنتيم، والتجهيزات والمرافق 22 مليار سنتيم، وإعداد الاستغلال 9 ملايير سنتيم، وتعويضات المشرف المنتدب 3 ملايير سنتيم، إذ يتوزع تمويل مشروع المسرح بين عدد من المتدخلين منها الجماعة الحضرية لمدينة الدار البيضاء بمساهمة 18 مليار سنتيم، وجهة الدارالبيضاء الكبرى بـ10 ملايير سنتيم، ووزارة الداخلية ب 48 مليون سنتيم. إيمان رضيف

المدينة القديمة بالبيضاء … مشروع ملكي لإعادة التأهيل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرار مجرم خطير من سجنين ببلجيكا والمغرب

السجن لمغتصب زوجة والده بكرسيف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات