الأستاذ حلمي قال إن العقد غير متكافئ وغير توافقي ويخدم مصلحة البنك على حساب المقترض قال ياسين حلمي، أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالجديدة، إن العقد بين المقترض والبنك غير توافقي وغير متكافئ، و"يخدم مصلحة المؤسسة المالية على حساب المقترض"، مشيرا إلى أن المستهلك ينساق مع الإغراء الإعلاني، ولا يفكر في ما بعد الحصول على القرض ولا في فوائده "غير المفهومة". وأكد حلمي أنه "باتت ضرورية توعية المستهلك بضرورة البحث والاستشارة مع ذوي الاختصاص، لفهم عملية سير القروض وأهمية التدقيق فيها والتحقق من شروطها، ملحا على لزوم تفعيل قانون حماية المستهلك. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) لماذا تقبل الأسر على الاقتراض أكثر في رمضان؟ الأسباب متعددة وتختلف من أسرة إلى أخرى قد تلجأ للاقتراض إن من البنوك أو مؤسسات القروض الصغرى أو غيرها. ولعل الظروف الاجتماعية ومحدودية الدخل والغلاء، وارتفاع مستوى المعيش، من أهمها، سيما أمام تدهور القدرة الشرائية لنسبة كبيرة من الأسر، بسبب فقدان معيليها الشغل ولمخلفات جائحة كورونا. اللجوء للاقتراض نتيجة لوضع وظروف تعانيها نسبة مهمة من الأسر المغربية، خاصة ذات الدخل المحدود، والتي تأثرت بشكل كبير من تداعيات الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الفيروس، والتي كان لها تأثير مباشر وسلبي على القدرة الشرائية، التي لم تعد كما كانت عليه في سنوات خلت. وأمام العجز عن تدبر أمورها، تلجأ لطلب قروض الاستهلاك والتجهيز حلا لتغطية احتياجاتها، ما يفسر الارتفاع المسجل في عدد طلبات القروض مع حلول هذا الشهر الكريم، الذي ترتفع فيه نسبة الإنفاق بشكل كبير زاد مع الظروف الحالية، وفي ظل ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية والاستهلاكية. بماذا تفسر هذا الإقبال؟ طبعا يمكن تفسير هذا الإقبال الهائل على القروض، بزيادة نفقات الغذاء على وجه الخصوص، والتي تسجل ارتفاعا كبيرا في هذا الشهر، دون باقي الشهور، التي تكون فيها الأسر أقل إنفاقا نسبيا، إضافة إلى الارتفاع الذي عرفته نسبة التضخم، التي بلغت 4.2 في المائة خلال السنة الجارية. ارتفاع نسبة التضخم يأتي وسط تصاعد أثمنة السلع عالميا كما المنتجات النفطية نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية، التي تسببت فيها الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي زادت من تأزيم الأوضاع، بعد الأزمة الاقتصادية، التي تسببت فيها تداعيات فيروس كورونا، لنصل إلى ما وصلنا إليه من أزمات. هل تساهم طرق الإغراء من طرف المؤسسات البنكية في ارتفاع الإقبال على الاقتراض؟ طبعا، المؤسسات المالية لها دور كبير في إغراء المواطنين. وهذا ما نلاحظه يوميا في ما يبث من إشهار في القنوات التلفزيونية، وانتشار الملصقات الإعلانية في مختلف الشوارع، كلها تدعو إلى الاقتراض، وتتنافس في ذلك البنوك وسط هذه الأزمات. هذه الإعلانات تغري المقبل على الاقتراض، عن طريق استعمال عبارات سهلة وبسيطة تؤكد على أن مدة السداد طويلة والفوائد قليلة، ما يكون له مفعول ودور في استقطاب الباحثين عن المال من أرباب الأسر للوفاء باحتياجات رمضان، وأحيانا دون التفكير في ما بعد الحصول على القرض وطريقة التسديد. إن لهذه الوصلات قدرة كبيرة على الإقناع، ما يجعل المواطن ذا الدخل المتواضع، ينخرط في لعبة تسر بدايتها لكن نهايتها مؤلمة بسبب العجز عن الوفاء بأداء الأقساط الشهرية، التي تزيد من إنهاك مالية الأسر. المستهلك يقع بهذا الإغراء في شباك البنوك، أليس كذلك؟ المستهلك في الحقيقة ينساق مع الإغراء وأشكاله، ولا يفكر في ما بعده أو يراعي تبعات اقتراض في شهر يؤزم وضعه في عام وأكثر. الأقساط الشهرية تزيد من تأزيم وضع المستفيد، الذي يجد نفسه في بداية كل شهر أمام شباك البنك لتسديد ما يتوجب عليه من ديون تثقل كاهله وتزيد من معاناته. إن الأمر يتجاوز ذلك في حال التملص من الأداء، إذ يجد المقترض نفسه أحيانا بين ردهات المحاكم مهددا بالسجن وقد يؤدي به الأمر إلى الحجز على الممتلكات، بناء على دعوى مقدمة من مؤسسة للسلف. وفي أغلب الأحيان، قد يصبح الحل لسد الديون هو الاقتراض من جديد، لتصبح بذلك القروض نمطا للعيش ودوامة لا مفر منها، تزيد المستهلك معاناة وتنعش المؤسسات البنكية. هل ترى أن المستهلك يؤدي أحيانا ثمن جهله بحقيقة فوائد القروض؟ إن المشكل الرئيسي القائم بين مانحي القروض والمستفيدين منها، هو عدم تكافؤ العقد المبرم بين الطرفين، ما يجعل العقد غير توافقي، ويخدم مصلحة المؤسسة المالية على حساب المقترض، فكيف يعقل أن المؤسسة المانحة للقرض هي أيضا الواضعة لشروط وأحكام العقد؟. من المهم هنا التطرق إلى إشكالية احتساب الفوائد البنكية التي تقوم بها المؤسسة البنكية وتظل صعبة وغير مفهومة من قبل المقترض غير الملم بسيرورة العمل البنكي، وبالتالي يتولد مشكل عدم تكافؤ المعلومات بين الطرفين، وهو أمر يجعل المستفيد من القرض الحلقة الأضعف مرة أخرى. التحسيس بقانون الحماية ما الحل أمام عدم تكافؤ العقد؟ أمام هذا الوضع، يجب إذن، تسليط الضوء على قانون حماية المستهلك الذي ما يزال مغفلا عنه من قبل المستهلكين أنفسهم ضحايا مجموعة من الممارسات التعسفية التي تضر بمصالحهم، وهذا ما يستوجب تطبيق مقتضيات هذا القانون ليتم توقيف أي تجاوزات قانونية وحماية المستهلك. وإضافة إلى ذلك، فقد باتت ضرورية توعية المستهلك بضرورة البحث والاستشارة مع ذوي الاختصاص، لفهم عملية سير القروض وأهمية التدقيق فيها والتحقق من شروطها، وقيمة الأقساط الشهرية، كي لا تضر بمصالحه، ولا ينساق فقط وراء حل مؤقت لوضع يزداد تأزما في ما بعد القرض. في سطور < أستاذ جامعي بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالجديدة < مؤسس الجمعية المغربية للرقابة والمحاسبة والمراجعة < مدير نشر المجلة الدولية لعلوم الإدارة < منسق المؤتمر الدولي للبحوث في التمويل والرقابة والمحاسبة والتدقيق.