المـغـرب كـان يـبـدو لـي مظـلمـا

عبد السلام الغازي... ذاكرة حية 3 قررت الهجرة إلى القاهرة لمواصلة دراستي وملازمة عائلة عبد الكريم الخطابي يعيش عبد السلام الغازي بأحد أحياء القنيطرة، بعيدا عن الأضواء، رغم أنه كان فاعلا ومؤثرا في عدد من الأحداث التي ميزت فترة ما بعد الاستقلال، خاصة الاحتجاجات الطلابية، خلال حقبة الستينات، كما يحفظ في ذاكرته جوانب عديدة من حياة آل الخطابي، الذي ما تزال تربطه معهم علاقات وثيقة، إذ أسس منتدى محمد عبد الكريم الخطابي للفكر والحوار، لتسليط الضوء على حياة هذا القائد، الذي ذاع صيته في العالم. ويعتبر الغازي ذاكرة حية، يقصدها الباحثون الأكاديميون والطلبة للاطلاع على معلومات قيمة عن تلك الحقبة التي توجد بها نقط ظل كثيرة. التقته «الصباح» وأجرت معه حوارا يحكي فيه جزءا من ذاكرته و جوانب من حياة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي. عبد الواحد كنفاوي < عند عودتي من القنيطرة اختفيت لمدة ثلاثة أشهر، وكان بعض ضباط الجيش يحبونني، من ضمنهم الضباط السقاط والشرواطي والسفريوي، وكنت أقطن معهم وأتناول وجبات الأكل رفقتهم في الثكنة مرتديا لباسا عسكريا، ودام الأمر كذلك إلى أن هيأت جواز السفر. < يعود الفصل في إعداد جواز السفر إلى القائد الجيلالي، القائد على منطقة بني ورياكل آنذاك، وكان عسكريا وإنسانيا، إذ تكلف بإعداد جواز سفري، وطلب مني مغادرة المغرب نحو الخارج لإتمام دراستي. واتجهت، بعد ذلك، إلى قريتي لأزور العائلة وأودعها، وعند عودتي إلى القنيطرة لم أجد أخي، الذي توجه إلى الدار البيضاء لحضور احتفال للضباط عند القبطان السقاط، فقصدت الوجهة إلى أن وصلت إلى مكان الاحتفال، فاستقبلني أخي وكنت المدني الوحيد في ذلك الاحتفال، ما جعل عددا من العسكريين يأتون للسلام علي، بفضل من الله، وكان من بين الذين تحدث معهم في ذلك اليوم صهرالقبطان السقاط، الذي كان رجلا ثريا، وألح علي، عندما أخبرته أني قررت الهجرة إلى الخارج، بالتخلي عن الفكرة، وقال لي إنه على استعداد للتحدث مع الوزير شخصيا لإيجاد حل لقضيتي، لكني رفضت وأصررت على الرحيل، لأن المغرب كان يبدو لي مظلما في تلك الفترة. < قررت حجز تذكرة في الباخرة، التي كانت تقل عناصر الجيش الفرنسي، الذي كان ما يزال موجودا بالمغرب، وعندما هممت بركوب الباخرة ودعت أخي والدموع تنهمر من عينيه، فسألته المضيفة التي كانت تحجز التذاكر عن سبب بكاه، وطمأنته وقالت له إنها ستقدم لي خدمة لن أنساها في حياتي، وكانت يهودية، ولم أكن أعلم حينها طبيعة الخدمة التي ستقدمها لي، فحجزت تذكرة في الدرجة الدنيا، ما يعني أني كنت مطالبا بتدبر مؤونتي، طيلة فترة الرحلة، فمكنني أخي، بعد أن حجز لي التذكرة، من 40 دولارا، فكان هو المبلغ الذي أحمل معي وأنا أغادر المغرب. وظل أخي واقفا وبجانبه القبطان السقاط، بعدما تكلف بكل الإجراءات، لأنه كان ضابطا في الجيش، إلى أن تحركت الباخرة من الميناء، وعند شروع الباخرة بالإبحار والابتعاد عن الميناء شعرت، حينها أني وحيد، فانفجرت بالبكاء. وبعد مرور الوقت بدأت أتقبل الوضع الجديد، خاصة أن الأشخاص الذين كنت برفقتهم جعلوا هذه الرحلة تبدو بالنسبة إلي ممتعة. < عند وصول الباخرة إلى ميناء مارسيليا، الذي كان بالنسبة إلي محطة عبور لأني كنت متوجها إلى القاهرة، سأكتشف الخدمة التي وعدت المضيفة اليهودية أخي بتقديمها لي، إذ حجزت لي تذكرة في باخرة يونانية من مارسيليا إلى القاهرة، وعندما صعدت إلى الباخرة، تأكدت من أنها حجزت لي في الدرجة الأولى وعند عمليات الإركاب اكتشفت أنه سيصاحبني في الرحلة أربعة طلاب مغاربة، يتابعون دراستهم بالقاهرة، وكانت الرحلة ممتعة طيلة عشرة أيام التي استغرقتها للوصول إلى مصر، ورست الباخرة في الإسكندرية، فنزلت مع الطلبة، لأني عند الحديث معهم، خلال الرحلة، اكتشفت أن طالبا يسكن معهم، كان صديقي عندما كنت أقيم بالقنيطرة، أبوه كان هنديا، وما يزال حتى الآن يعمل موثقا ويقيم بالمغرب.

المـغـرب كـان يـبـدو لـي مظـلمـا

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"نايضة" بين أمن القنيطرة وقياد الداخلية

ضحية الإعلام والأوهام

مقالات ذات صلة