عجلة وندم لا ينفع

مغاربة في جحيم "داعش"2 جل الملتحقين بـ "داعش" يصدمون بالواقع وكثيرون حاولوا الهرب دون جدوى سقطت الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وظل مئات المغاربة عالقين تحت ركامها، الرجال في السجون، والأطفال والنساء في المخيمات. وقبل أشهر أكدت لجنة المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر، وجود 400 قاصر مغربي بمخيمات سوريا، 80 بالمائة منهم دون 12 سنة. وتجري في الكواليس دراسة كيفية إجلاء هذه الفئة التي تجرعت طعم المعاناة الحقيقية، بعد سقوط "داعش".في هذه السلسلة من الحلقات الرمضانية، تنقل "الصباح" الواقع المرير الذي يعانيه المغاربة العالقون في جحيم "داعش"، على لسان أسرهم بالمغرب، التي ذاقت من كأس المرارة بدورها، وتنتظر بشرى الإجلاء من الحكومة، مهما كانت العقوبات. عصام الناصيري في أحيان كثيرة لا ينفع الندم، خاصة حينما يصل الشخص إلى نقطة اللاعودة، إذ يجد نفسه مجبرا على اكمال الطريق، والاستسلام للوضع، لأن الخطأ وقع، وليت كل من التحق بالدولة الإسلامية "داعش"، يستطيع مغادرتها حينما يتأكد بنفسه، أن ما سوقه الشيوخ والإعلام والدعاة، مجرد أوهام، وأن حياة "داعش" جحيم، لا يمكن مغادرته بسهولة، إذ هناك من قتل وهو يحاول الفرار. هذا الواقع ينطبق على "م"، وهو شاب التحق بالأراضي السورية، قبل أن يتم 20 عاما، وتقول الأستاذة مريم، كما يحلو لأمهات العالقين في بؤر التوتر مناداتها، باعتبارها إحدى النساء النشيطات في تنسيقية تجمع أسر العالقين، "ابني لم يشارك في أي حرب، ونشأ داخل أسرة معتدلة"، مضيفة "كانت حياته عادية مثل باقي الأطفال والشباب، وتميز بتفوقه الدراسي طيلة مسيرته، إلى أن استطاع الالتحاق بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة، بعدما قضى سنتين بالأقسام التحضيرية". لم تكن علامات التطرف الديني، بادية على "م" حسب أمه، لكنها تتذكر كيف أنه بعد التحاقه بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، "لاحظت أنه بدأ يداوم على الصلاة، وبدأ يؤديها في المسجد، بعدما كان يقبل عليها بإلحاح منا". وتقول مريم إن ابنها غير ملابسه، لكن هذه المؤشرات لم توح للأسرة بشيء، خاصة أنه لم يكن لها علم بمن يتوجه إلى سوريا، إذ أن الموضوع كان جديدا، ولم يدم الأمر طويلا حتى انتبهت الأسرة، إذ لم تمر سوى سنة على هذه التقلبات، حتى وجد نفسه في تركيا. أخبر "م" أسرته، أنه في زيارة لأحد أصدقائه بأكادير، غير أنه بعد يومين اكتشفت الأسرة موضوع الهجرة، عن طريق أسرة أحد الشباب الذين سافر معهم، تقول الأم "إن وقع الصدمة كان قويا على الأسرة، وأصبت بخيبة أمل. ضاع الحلم الذي ترعرع أمام عيني تسع عشرة سنة. كنت أعيش حالة انهيار قوية. لم يكن في يدنا شيء نفعله، سوى تبليغ السلطات المحلية بما وقع". بعد فترة وصل الشاب إلى سوريا، وكان يتواصل مع أسرته عبر "واتساب"، وتتذكر مريم أنه كان في البداية فرحا بما قام به، لكنها تستدرك قائلة "لم يطل فرحه فسرعان ما لاحظت تغييرا في كلامه، وأخبرني أنه ندم على هذا القرار، وأنه تسرع وضيع مستقبله، لكن للأسف لم يعد الندم ينفع". جل الملتحقين بـ "داعش" يصدمون بالواقع، وكثيرون حاولوا الهرب والإفلات، غير أن الأمر ليس سهلا بالمرة. شرع "م" في التخطيط للهروب والخروج من سوريا، والتوجه إلى تركيا ليسلم نفسه للقنصلية المغربية، لكن تقول أمه إنه "للأسف أثناء رحلة الفرار تم اعتقاله من قبل قوات سوريا الديمقراطية". تؤكد مريم أن الأخبار الواردة عليها من سوريا، كانت شحيحة، وأن ابنها لم يحك لها قصصا عاشها هناك، لأن تواصله معها كان محدودا، مبرزة "حكى لي فقط ندمه وأنه لم يجد هناك ذلك الحلم الروحي الذي صوروه له، مشددة على وجود قصص نساء عشن واقعا مرا، واخترن حل الهرب، غير أنهن سقطن في مأزق آخر، وهو الاحتجاز في مخيمات الأكراد. تشدد مريم على أن صورة ابنها لم تغب ولو لحظة عن خيالها، إذ قالت إن "صورة ابني الغالي تتراءى لي في كل ركن ومكان، بصوته وبنظرته وبضحكته". حلول شاملة بعد سقوط "داعش"، واحتجاز النساء والأطفال في المخيمات، وسجن الشباب، قررت مريم رفقة أمهات وأسر العالقين، تأسيس تنسيقية للدفاع عن العالقين، موضحة أن "مطلبنا الوحيد هو ترحيل أبنائنا إلى وطنهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة". وترى مريم أن العالقين في حاجة إلى حلول شاملة تدمج ما هو اقتصادي واجتماعي وأمني، غير أن البداية يجب أن تكون بترحيلهم، ثم إدماجهم في المجتمع، كما ينبغي إصلاح الأسرة وخلق تواصل فعال بين أفرادها، وإعادة النظر في الكثير من المناهج الدراسية، والأساليب التربوية، فالتعليم يؤدي عملا حيويا ومهما في الحفاظ على تماسك المجتمع وخلق الانتماء الوطني ومشاعر الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع.

خدمة جديدة من "طيران الإمارات"

"إنستغرام" ... حسابات "شوفوني"

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات