تجار انقلبوا على تجربة الأسواق النموذجية وفضلوا العودة إلى أماكنهم بمبرر "القرب" منذ 12 سنة، بادرت السلطات المحلية إلى بناء جيل جديد من الأسواق النموذجية التي تقتصر على بناء سياجات على بعض الأرصفة المجاورة للتجمعات السكانية، من أجل احتواء الباعة المتجولين. وأطلقت أولى التجارب لبناء أسواق نموذجية، خلال 2009، لاحتضان هذه الفئة من التجار، وخصص غلاف مالي لهذا الغرض ناهز 845 مليون درهم. وكانت من بين أهداف هذا البرنامج عصرنة ما لا يقل عن 24 ألفا و130 نقطة بيع في 100 مدينة، لكن البرنامج عرف تعثرا وصعوبات في التنفيذ، واضطرت السلطات إلى اعتماد مقاربة جديدة، ما مكن من عصرنة حوالي 22 ألفا و553 نقطة بيع. ورغم الأهمية التي أعطيت لها في سياق اجتماعي واقتصادي مرتبط بالتنمية البشرية، ظلت هذه الفضاءات مهجورة، وفضل الباعة المتجولون العودة إلى الأزقة، ويبررون ذلك بأن الأسواق النموذجية لم تراع مسألة القرب، إذ غالبا ما تنجز بعيدا عن الأحياء التي تعودوا البيع فيها، ما يجعل السكان يفضلون التبضع من المحلات التجارية القريبة منهم، بدل التنقل إلى الفضاءات الجديدة. وعاشت عمالة عين السبع الحي المحمدي، حركة "ردة" مماثلة، تم التحكم فيها في الوقت المناسب، بعد أن أضحت ثلاثة مشاريع، سهرت عليها السلطات العمومية، قاب قوسين، أو أدنى من الفشل. فبعد حملة واسعة لتحرير الملك العمومي من "الفراشة"، قررت العمالة تنظيم الباعة في فضاءات تجارية للقرب أحدثت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مجهزة بتجهيزات حديثة تحتوي على مرافق صحية وقاعات للصلاة وكاميرات المراقبة، إضافة إلى ترسانة أمنية. وسعت عمالة عين السبع الحي المحمدي إلى تحقيق عدد من الأهداف عبر مشروع الأسواق النموذجية، من أهمها إعادة الكرامة لهذه الفئة من التجار وإنقاذهم من وضعية الشارع، إلى جانب القضاء على العشوائية والفوضى في عدد من المناطق، ناهيك عن تحرير الملك العمومي. وأنشأت العمالة، بتنسيق مع المبادرة الوطنية، أربعة فضاءات، هي الفضاء التجاري للقرب "البركة" الموجود بدار لمان المنجز على مساحة 6 آلاف متر مربع، استفاد منه 602 بائع، واحتضن سوقا لبيع الخضر والفواكه والمواد الغذائية، إضافة إلى قيسارية لبيع الملابس والأحذية، وسوق "الأصيل" الذي لم شمل 109 بائعين في صنف الفواكه والخضر، إضافة للفضاء التجاري للقرب بحي السوارت بالصخور السوداء الذي اتسع لـ92 مستفيدا. كما شيدت العمالة الفضاء التجاري للقرب "الفتح" الذي استفاد منه ما يناهز 209 بائعين كانوا يوجدون بزنقة الشافعي بدرب مولاي الشريف، فيما استفاد باعة آخرون من عربات لبيع أصناف متعددة من السلع كالخضر والفواكه والخبز والفواكه الجافة والحلزون وعصير البرتقال، وبلغ عددهم 822 مستفيدا، فيما تم تأهيل بائعي السمك عبر تزويدهم بدرجات نارية ثلاثية العجلات مزودة بحاويات لحفظ السمك وبلغ عددهم 128 مستفيدا. ورغم الضمانات التي أطرت بها العمالة هذه المشاريع، فإن بعض التجار فضلوا الرجوع إلى أماكنهم، أو حاولوا ذلك، بمبرر "قلة ما يدار"، أو بفعل فاعل، حين دخل سماسرة على الخط لإفشال هذه التجربة، طمعا في ربح عابر. يوسف الساكت