البنوك التشاركية … الهيري: تطـور بطـيء

الهيري: مطالبة بالانفتاح على الإعلام وتبسيط المساطر الإدارية قال عبد الرزاق الهيري، أستاذ الاقتصاد النقدي والمالي في كلية الحقوق ظهر المهراز بفاس، إن البنوك التشاركية لم تصل بعد إلى سرعتها القصوى، رغم أنها تشكل إضافة نوعية، وأغنت المشهد التمويلي، مشيرا إلى تكبدها عجزا يصل إلى 6 ملايير درهم، وعليها أن تتداركه مستقبلا. وأكد أن المنتظر من هذه البنوك، تمويل المشاريع الاستثمارية ذات الطابع الإنتاجي، متحدثا عن ضرورة لجوئها إلى الإعلام وتبسيط المساطر. وأشار إلى وجود مشاكل تفرمل نجاحها بينها تأمين التكافل في ما يخص نشاطها، لأنه «لا يمكن التمويل دون جلب الادخار والودائع». أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) /تصوير (أحمد العلوي لمراني) < أحدثت البنوك التشاركية بعد صدور القانون 103/12، وعرفها على أنها بنوك تستقبل ودائع استثمار من الزبناء وتحصل على نتاج عملية إنتاجية حددت من قبل الزبون، وهذه هي خاصية هذه البنوك التي تعمل على توظيف هذه الودائع وتستثمرها في مشاريع يتفق عليها بين البنك والزبون صاحب المبالغ المودعة. وتشكل إضافة نوعية للمنظومة التمويلية بالمغرب، باعتبارها مؤسسات أحدثت لإغناء المشهد التمويلي إلى جانب البنوك التقليدية التي تستقبل ودائع، لكنها تمنح قروضا مقابل نسبة فائدة محرمة لدى الاقتصاد الإسلامي. إن صدور القانون المذكور في الجريدة الرسمية، مكن المغرب من إحداث بنوك تشاركية منذ 2017، والآن يتوفر على 5 بنوك تشاركية و4 نوافذ تشاركية مرتبطة بالبنوك التقليدية. وتبقى هذه الانطلاقة دون المستوى المطلوب والمنتظر خاصة أن مجمل التعاملات البنكية تشاركها فيها البنوك التقليدية. < البنوك التشاركية لها خاصية في المنتوجات التي تقترحها على الزبناء، عكس البنوك التقليدية التي تقترح منتوجات بينها القروض المتعددة لتمويل السكن والاستثمار وخزينة المقاولات، لكنها مرتبطة بنسبة فائدة تعتبر محرمة في التمويل الإسلامي. أحدثنا البنوك التشاركية للاستجابة لفئة معينة من الزبناء يريدون التعامل مع بنوك ذات طابع إسلامي. هنا اخترنا بنوكا ذات طابع تشاركي، مرتبطة بالمنتوجات التي يقترحها الزبناء حسب القانون المنظم للبنوك التشاركية خاصة من المادة 54، إذ هناك المرابحة والإيجارة والمشاركة والمضاربة ومنتوج سلام واستصلاح. هذه الباقة من المنتوجات التمويلية، تقترحها البنوك التشاركية، والبنك في عمقه لا يعطي قرضا ولكن يساهم في التمويل مع اقتسام الأرباح أو الخسائر. وفي المغرب يبقى المنتوج الأكثر طلبا والمقترح على الزبناء، هو المرابحة، وفي الحصيلة فإن البنوك التشاركية لا تعطي قروضا مرتبطة بنسبة فائدة، والهدف الوصول لشريحة معينة من الزبناء يحتفظون بمدخراتهم في المنازل ولا يريدون اللجوء للمنتوجات البنكية التي يعتبرونها ربوية. < أول إضافة إغناء المشهد التمويلي، لدينا في المغرب 19 بنكا تقليديا حسب التقرير الأخير لبنك المغرب، وعدد البنوك التشاركية في تزايد. والمسألة المهمة أيضا أنه لا يمكن اقتراح منتوج تمويلي دون المصادقة من قبل المجلس العلمي الأعلى باعتباره سلطة شرعية. والإضافة الأخرى كذلك أن الممول (بنصب الواو)، يهدف لتفادي القروض الربوية ويمكن ألا يتحمل عبء الفوائد المرتبطة بالقرض، وهي نفقات إضافية بالنسبة لحامل المشروع، وهذه الميزة يمكن أن تجلب زبناء آخرين. وهنا أؤكد أن البنوك التشاركية انطلقت على سبيل المثال ب5500 حساب بنكي لودائع تحت الطلب، لكنها بلغت 148998 حسابا إلى نونبر الماضي. وهذا يعني أننا وصلنا إلى 5 ملايير درهم ودائع تحت الطلب للاستثمار. ورغم أنه رقم ضعيف مقارنة مع ودائع البنوك العادية التي توازي 1000 مليار درهم، فإن البنوك التشاركية تمكنت من جلب 150 ألف حساب بنكي ما يوازي 7 ملايير درهم. هناك إذن جذب للادخار، ما سيمكن هذه البنوك من تمويل الاستثمار. < بطبيعة الحال، والإقبال على البنوك التشاركية غالبا ما يكون لتمويل العقار وشراء السيارة والمعدات. وهذه منتوجات رئيسية الآن إضافة إلى تمويل سلام لشراء السلع بالنسبة للمقاولة. تقريبا وصلنا لنحو 19 مليار درهم، وهو رقم ضعيف، مقارنة بأرقام المعاملات المسجلة من قبل البنوك التقليدية. هذا الاستثمار الذي نحن بصدده هو استثمار فقط في العقار والسيارات وشراء المعدات، وننتظر من هذه البنوك أن تمول أكثر المشاريع الاستثمارية ذات الطابع الإنتاجي. < كانت هناك حاجة اجتماعية لتلبية رغبات نوع من الزبناء. وهذه البنوك ظهرت عن طريق نوافذ في 2007 وخلقها والنوافذ التشاركية هو لأجل إعطاء بدائل. كنا نسميها بالتمويلات البديلة في ما يخص التمويلات التقليدية، يعني كانت هناك حاجة ملحة إليها من قبل شريحة مهمة. لاحظنا أنه كان هناك نوع من الطلب وتطوره يبقى بطيئا وأعتقد أنه كذلك بسبب جائحة كورونا مرت سنتان ولم تكن هناك أنشطة تمويلية كثيرة. وظهور هذه البنوك جاء لإغناء المشهد التمويلي المغربي وتلبية حاجيات معينة لزبناء يفضلون التعامل مع بنوك غير ربوية وذات طابع تشاركي. < لحد الآن التجربة في تطور بطيء جدا والأرقام تدل على ذلك، لأن التمويلات الممنوحة تناهز 10 ملايير درهم في حين أن الودائع لا تتجاوز 4 ملايير درهم. وتبقى الموارد التمويلية للبنوك التشاركية، ضعيفة، ما يطرح مشكل تمويلها خاصة أنها تتكبد عجزا يصل إلى 6 ملايير درهم، وعليها أن يتداركه. لهذا فالناتج الصافي للبنوك التشاركية، يبقى سلبيا، ففي 2020 قاربت الخسائر على سبيل المثال، 351 مليون درهم، في حين أن البنوك التقليدية لها ناتج صاف يناهز 7 ملايير درهم. < نجاح البنوك التشاركية مرتبط بعاملي القدرة على جلب الادخار والزبناء والقدرة على الحصول على تمويلات للاستجابة لطلبات زبناء لا في ما يتعلق بتمويل المرابحة أو المنتوجات التشاركية الأخرى. ولحد الآن فالبنوك التشاركية لم تصل بعد إلى سرعتها القصوى، إلا إذا اقترحت تمويلات تشاركية على شكلي مضاربة واستصلاح. عامل آخر معرقل وهو التأمين الإسلامي التشاركي. من حسن الحظ أن المغرب أصدر نصوصا قانونية متعلقة بتمويل التكافل، فالتمويل يجب أن يكون مؤمنا كباقي القروض، وعلى غرار البنوك التقليدية التي تبقى قروضها مؤمنة من قبل التأمين العادي، وهو تأمين ربوي. إن تأمين التكافل الذي دخل لحيز التنفيذ في 21 أكتوبر 2021، وهو حجر عثرة في ما يخص نشاط البنوك التشاركية لأنه لا يمكن التمويل دون جلب الادخار والودائع ولا يمكن أن نمول دون أن تكون هناك تأمينات على التمويلات الممنوحة للزبناء. إذن وكما لاحظتم هناك تأخر لاستكمال المنظومة التمويلية التشاركية وهذا طبيعي، لأنه يجب أن نذهب بطريقة سلسة من أجل إنجاح هذه التجربة التشاركية. ولا يجب أن ننسى أن في تركيا على سبيل المثال تجربة في مجال التمويل التشاركي أو الاسلامي منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، ورغم ذلك فالبنوك الإسلامية لا تمثل إلا 5 في المائة من المنتوجات البنكية الإجمالية. آفاق < أعتقد أن الآفاق مرتبطة بإعادة تمويل البنوك التشاركية بعد اللجوء لما يصطلح عليه بالوكالة بالاستثمار التي تمكن هذه البنوك من الحصول على أموال عن طريق التعاقد مع بنوك أخرى دون أن تكون التمويلات بنسبة فائدة. اللجوء للوكالة بالاستثمار منذ السداسية الأولى في 2020، سيعطينا آفاقا جيدة لكنها مرتبطة بمدى انتعاش الاقتصاد. كجميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، فالبنوك سوف تعرف نموا لأنشطتها ومنتوجاتها إذا تحسنت وانتعشت دواليب الاقتصاد. يجب التذكير أن الاقتصاد في المغرب كباقي دول العالم، هو في فترة تعاف وبحث عن مسار جديد، وإذا كانت هناك مشاريع استثمارية وحاجة إلى التمويلات، فالطلب سيتوجه إلى كل البنوك ولكن سوف تأخذ البنوك التشاركية حصصها من تطور المنتوجات التمويلية.

البنوك التشاركية … الهيري: تطـور بطـيء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف 25 "حراك" بالناظور

خمس سنوات لبرلماني سطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات