من عاطل بسبب الجائحة إلى فنان

نادل تمكن بعد تسريحه من العمل من تنمية موهبته في فن المجسمات بمساعدة نجم أجنبي "ربي ما كيسد باب حتى كيحل بيبان"،... حكمة مغربية مضمونها الأمل يمكن اعتبارها ملخصا لحكاية بلال فارس المتحدر من العاصمة الاقتصادية الذي تحول من عاطل عن العمل بسب جائحة كورونا إلى فنان يشق طريقه بثبات نحو الاحتراف والشهرة. لم يكن بلال ذو 24 سنة والقاطن ببوركون بالبيضاء، يعتقد أن شعوره بالألم سيتحول إلى أمل في تحقيق ذاته في ميدان فن المجسمات التي لا علاقة لها بتخصصه في المطعمة. بداية القصة تعود قصة بلال مع فن المجسمات، حينما وجد نفسه يواجه شبح العطالة إثر قرار رب العمل تسريحه ضمن مجموعة من العاملين بالمطعم في محاولة للتغلب على الأزمة المالية الخانقة التي تسببت فيها جائحة كورونا. ولأن الشاب العشريني تضرر من قرار التخلي عنه بعد سنتين من العمل بجد، لم يجد بدا من تقبل الوضع خاصة أنه لم يكن يتمتع بحقوقه كاملة لمقاضاة رب العمل أو للاستفادة من تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي، المخصصة للعاملين المتضررين من تداعيات وباء كورونا. ولأنه لا يرضى بالبقاء في نادي العاطلين، قرر بلال طرق أبواب عدة مطاعم ومؤسسات في عدة قطاعات لعله يجد فرصة عمل تجنبه شبح العطالة الذي لا يمكن تحمله، إلا أن رحلة بحثه باءت بالفشل، نتيجة قرار أرباب العمل الاكتفاء بعدد محدود من العاملين، في ظل أزمة مالية خانقة ترتبط بجائحة كورونا. باتريك... نقطة التحول "دير الخير تلقى الخير"...مثل مغربي ينصح به للمواظبة على فعل الخير والتعامل بشكل جيد مع كافة الأشخاص، لما يخلفه ذلك من أثر جيد في النفوس لا يمكن أن يُمحى، بل يتحول إلى مناسبة لرد المعروف، وهي الحكمة التي شكلت شعارا لبلال في منهج حياته اليومي سواء في العمل أو في كافة معاملاته الشخصية مع معارفه وجيرانه، دون أن يدرك أن تعامله الإنساني سيكون سببا لاستفادته من مساعدة أحد زبائن المطعم، الذي كان يشتغل فيه قبل ظهور الجائحة. "بعدما كنت أبحث عن كيفية إيجاد فرصة عمل جديدة، تذكرت الفنان باتريك الذي كان زبونا للمطعم الذي كنت أشتغل فيه، ولأنني كنت أتعامل معه بشكل إنساني ومحترم كباقي الزبناء، منحني بطاقة زيارة للاتصال به إذا ما احتجته في أمر ما، وأصبح بمثابة صديق لي، قبل أن يطرح علي فكرة الاشتغال معه في ميدان المجسمات الفنية، وهو ما قبلته دون تردد، باعتبار أن المجال يحمل آفاقا أرحب وسيفيدني كثيرا في تحقيق ذاتي" يقول بلال. وكشف المتحدث نفسه أن الفنان باتريك ساعده كثيرا في تعلم أصول هذا الفن وصقل موهبته، وهو ما مكنه من أن يكون تلميذا نجيبا، سرعان ما أصبح يقترح أفكارا مميزة ويبدع في لوحات فنية لاقت استحسان أستاذه وعدد من المتخصصين في ميدان المجسمات الفنية. وأوضح صاحب هذه الموهبة الفنية، أن صنع هذه المجسمات ليس بالأمر السهل كما يظن البعض، بل يحتاج إلى موهبة ودقة في الإبداع وصبر لا حدود له ورغبة في التعلم، مشيرا إلى أن هناك لوحات فنية يستغرق إنجازها 15 يوما أو شهرا بالكامل. ولم يفت بلال التعبير عن امتنانه للفنان باتريك، الذي وضع ثقته فيه لإبراز مؤهلاته رغم صغر سنه وعدم التوفر على تجربة سابقة، مشددا على أن هناك أناسا مازالوا يؤمنون بكفاءة الآخرين ويمدون لهم يد المساعدة باقتسام التجربة والخبرة معهم لتحقيق ذواتهم وإيصالهم إلى بر الأمان. أهداف مستقبلية ولأن طموحه لا حدود له، كشف بلال وهو يتحدث بنوع من الانشراح، أن تعلمه هذا الفن الذي يتميز بمكانته في المجتمع، والذي يُترجم من خلال الإقبال على اقتنائه رغم أسعاره المكلفة حسب نوع الشكل وحجمه، لا يعني أنه سيقف عند هذا الحد، بل مازال يطمح لتحقيق أحلامه ليصير نجما له صيت عالمي. وأضاف الفنان الشاب، "الحمد لله دابا خدمتي كنربح فيها بزاف وحسن من اللي كنت نادل وخدام عند الناس، ومازال عندي طموحات غادي نحققها بإذن الله". وختم بلال تصريحه، أنه لا يكتفي بتشكيل مجسمات مجسدة بطريقة فنية تشد الزوار، بل عمد إلى إدخال تقنية ألوان متعددة عوض لون واحد، مشيرا إلى أنه يطمح أن تجوب أعماله الفنية مختلف المعارض داخل المغرب وخارجه. تطويع أعواد تحريك القهوة استطاع بلال بموهبته وطموحه الجارف أن يطوع أعواد تحريك القهوة الخشنة إلى أشكال فنية مبهرة، إذ نجح تحت إشراف الفنان باتريك في تقديم لوحة فنية رائعة أبهرت من رآها من الزبناء المقبلين على هذا النوع من التحف، وكذا زوار المعرض، الذي تم تنظيمه بأنفا بالبيضاء وعرف حضورا متميزا وتغطية إعلامية لافتة. وأوضح بلال في تصريح لـ"الصباح"، أن التقنية التي يشتغل عليها بعد تعلم أصولها من قبل الفنان باتريك، تتمثل في صنع مجسمات، انطلاقا من أعواد القهوة، وتحويلها إلى لوحات فنية مختلفة الأحجام والأشكال، تحاكي مواضيع متعددة من واقع الحياة. محمد بها

من عاطل بسبب الجائحة إلى فنان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشاهير

اعتقال نصاب بمراكش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات