<< أثرت الجائحة على الحالة النفسية لكثير من الأشخاص، فما تعليقكم؟ > إن التأثير النفسي للجائحة على المغاربة بات واضحا، إذ نلاحظ من خلال الممارسة اليومية تزايد اضطرابات القلق العام واضطراب الوسواس القهري والخوف المبالغ فيه من الإصابة بالأمراض وحالات الاكتئاب بأنواعها، بالإضافة لما يترتب عن هذا كله من تفشي العنف الأسري والزوجي وارتفاع معدلات الطلاق، علما أن هذه التأثيرات لا تقتصر على بلد دون غيره، فهي مشتركة بين الكثير من الدول. وتعد الهشاشة النفسية القبلية وعدم القدرة على التكيف مع المستجدات، إلى جانب المشاكل المالية، التي ترتبت عن الجائحة، كلها عوامل ساهمت في استفحال هذه التأثيرات بمستويات مختلفة. ومن جهة أخرى، يمكن أن يلاحظ كل شخص من خلال محيطه القريب مدى انتشار الحالة المزاجية السيئة وردود الفعل الانفعالية على أبسط الأمور لكثير من الناس وتأثير ذلك على الحياة الشخصية والمهنية للأفراد وعلى جودة الحياة اليومية وتوازن العلاقات الاجتماعية. << كيف يمكن التغلب على الخوف في ظل ظهور متحورات جديدة للفيروس؟ > يعتبر التوتر والقلق والخوف من الإصابة أمرا طبيعيا في ظل ما نعيشه من ارتفاع في الأرقام خلال الموجة الثالثة، واحتمال ازدياد عدد الوفيات شريطة ألا يتحول إلى وسواس وأفكار قهرية تحول دون ممارسة الشخص للأنشطة اليومية الحيوية، إذ نسبة قلق معقولة تدفع للحفاظ على التدابير الاحترازية المعروفة والتأقلم مع مستجدات الحالة الوبائية، أمر محمود ولا يمثل أدنى مشكلة. أما أن يتطور الأمر ويعيق الشخص في حياته ويسبب له معاناة نفسية وتغيرات واضحة في سلوكياته ومزاجه ونمط تفكيره لأيام متتالية، فهنا يجب اللجوء لطلب مساعدة مختص نفسي للقيام بالتشخيص اللازم وتحديد المتابعة المناسبة لتجنب مضاعفات أكثر خطورة على الصحة النفسية للفرد على المدى القريب والمتوسط. << ما هي النصائح التي يمكن تقديمها في ظل الحالة النفسية المتدهورة لفئة واسعة من الأشخاص؟ > أثرت أزمة "كورونا" بشكل بالغ في عدة منظومات وعلى الكثير من المستويات بنسب متفاوتة حسب العديد من المتغيرات والعوامل، فمن التأثيرات الصحية والاقتصادية والمالية وإلى التداعيات الاجتماعية والأسرية ووصولا إلى الأزمات النفسية والعقلية. ومن المؤكد أن هذه التبعات ستتواصل ما بعد الأزمة وبعضها سيصعب التغلب عليها ولو بعد حين. وتجاوز المشاكل النفسية في ظل هذا التفشي يمكن أن يختلف من شخص إلى آخر حسب طبيعة كل فرد وتاريخه الصحي ومدى قدرته على التكيف مع ظروف جديدة. ولهذا أنصح بضرورة الحفاظ على الأنشطة التي تمنح الشخص جرعات من الفرح والمتعة وتساهم في التخفيف من الضغوط والإجهاد، مثل الأنشطة الرياضية والترفيهية والطقوس الدينية مع تحديد بعض الأهداف المحفزة والتخطيط للمستقبل بعقلية متفائلة وواقعية في الآن نفسه، بالإضافة إلى استثمار بعض الإيجابيات، التي تمخضت عن هذه الأزمة والحفاظ على العلاقات الاجتماعية ولو بشكل محدود وباحترام التدابير الاحترازية. أجرت الحوار: أمينة كندي * مختص في العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري النسقي