ولد سيد البشير يفضح وهم “جمهورية” اللاجئين

اعترف بجرائم مسؤولي بوليساريو في حق الصحراويين وكشف حقيقة علاقة التنظيم بالجزائر بقلم: الفاضل الرقيبي "لقد أجرمنا في حق شعبنا"، تلك كانت كلمة الولي مصطفى السيد التي قالها لبعض القياديين المتحدرين من منطقة الصحراء، والتي بقيت ترن في آذان الصحراويين بالمخيم، ليتردد صداها بعد عقود في قاعة من قاعات الضاحية الباريسية، حيث وجد الصحراويون أنفسهم في مواجهة الحقيقة التي جاءت يوما على لسان الولي، وهاهي اليوم تصدر واضحة جلية المعنى على لسان المصطفى ولد سيد البشير. ولأن الحقائق عادة ما تكون أكثر قابلية للتصديق ووقعا في نفوس الناس إذا ما جاءت على لسان أصحابها، فقد أحدثت التصريحات الأخيرة للقيادي مصطفى محمد عالي سيد البشير هزة كبرى في وعي الصحراويين داخل المخيمات، لأنها تصدر عن أحد أبرز الأذرع الأمنية الجزائرية في مخيمات تندوف، والذي شغل حقيبة الداخلية ورئاسة الخلية الأمنية لمدة ثماني سنوات تقريبا، و قبلها كان قائدا للقطاع الرابع في الكتائب المسلحة لجبهة بوليساريو، ومن أكثر الأسماء تداولا في عالم الجريمة والاتجار بالمخدرات بمنطقة الساحل والصحراء، بل وإنه أحد أضلاع المربع المستحكم في المخيمات. مداخلة ولد سيد البشير، أمام حشد من الصحراويين، جاءت تتلبس رداء الجرأة غير المعتادة في خطاب قيادة الرابوني، بل وتسلط الضوء على الكثير من مواطن المسكوت عنه في ماضي التنظيم، وفي علاقة الجبهة بعرابيها بالجزائر. فقد اعترف الرجل بجرائم بوليساريو في حق الصحراويين سنوات السبعينات والثمانينات، ووصف نفسه ورفاقه بمجموعة من المراهقين، الذين أدخلوا أنفسهم في متاهات لا يفقهون فيها شيئا، معتبرا أن أفعال وجرائم بوليساريو إبان الثمانينات، كانت نتيجة لتأثر معظم قادة التنظيم بالأفلام و الروايات السياسية، التي كانوا يتنافسون على تطبيق مشاهدها على أجساد الأبرياء في الرشيد وكويرة بيلة و غيرها من مراكز الاحتجاز السري بالمخيم. وفي تأكيد واضح على حجم الجرم الذي ارتكبته قيادات بالجبهة ضد الصحراويين، قال ولد سيد البشير بأن فظاعات التعذيب والقتل التي راح ضحيتها المئات من الصحراويين، تمنح هؤلاء الحق قي مقاضاة جلاديهم. فالمجرمون حسب تصريحات الرجل معروفون، وللضحايا الحق في محاسبتهم. وذهب ولد سيد البشير إلى أبعد من ذلك، في معرض حديثه، حين قال بأن وهم الدولة الصحراوية قد خلق في أذهان الصحراويين فهما مغلوطا لحقيقة الأمور، وأن ما يعتبرونه دولة برئيس وحكومة، ليس إلا مجموعة من اللاجئين على أرض الجزائر، وأن الأمم المتحدة تتعامل معهم تحت هذه الصفة وعلى هذا الأساس، داعيا سكان المخيم ألا يصدقوا كثيرا مما يتم ترديده من مصطلحات سياسية كالدولة والحكومة والجيش، التي لا وجود لها في الواقع، بل هي محض أوهام وأكاذيب، وكل حلفاء الجبهة يعرفون ذلك. تصريح ولد سيد البشير، الذي بدا كالذي استفاق من حلم صدقه لسنين، من خلال كلام يعكس نفسية المستعبد الذي يترنح في أغلاله، أعاد بعض الحقائق التاريخية إلى نصابها، بل و رسم من جديد العلاقة التي تربط قيادات التنظيم بالجزائر، وهو يستدعي تاريخ أصوله المغربية، فهو نجل عضو البرلمان المغربي السابق محمد عالي سيد البشير، الذي لم تربطه بالجزائر إلا علاقة الخوف من المجهول بعدما تم اقتياده بالقوة من الربيب نحو تندوف، وأنه يشعر بأن الصحراويين أقرب للمغرب من الجزائر، مستغربا في الوقت نفسه من فرح الصحراويين لفوزها بكأس العرب. تجتمع في المصطفى ولد سيد البشير، الذي ينتمي لقبيلة لبيهات، أكبر تجمع قبلي في المخيم، مجموعة من المعطيات، جعلت منه رجلا غير عاد بالمخيم على امتداد السنوات الأخيرة. فهو الذي استأثر بقنوات الاتصال مع القادة الأمنيين الجزائريين، وتلك واحدة من نقاط قوته التي استخدمها ضد خصومه من القيادة وسكان المخيم، حتى بات اسمه مصدرا للرعب لدى الصحراويين، وهو أيضا أحد العارفين بخبايا العلاقة مع الجزائر ونظامها، لأنه يدرك بأن المخابرات الجزائرية هي التي تتحكم في عصب المخيم، وأن القرار يرجع لها في كل شاردة أو واردة من أمور الصحراويين بالمخيم. أما بوليساريو، فليست سوى واجهة لعمل منظم يسهر عليه الجزائريون، الذين لا يتركون للجبهة إلا أمورا سطحية في تدبير الحياة بالمخيم. وقد جاءت تصريحات ولد سيد البشير، كمن يريد أن يرسل رسالة لعرابيه، بأن قرار إخراجه من دائرة النفوذ داخل هياكل التنظيم، قد يكون بداية لتمرده عليها، عبر استخدام جميع الأوراق التي قد تقض مضجع الجزائريين، بما فيها ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والعلاقة مع من صنع التنظيم ولا يزال يموله. كل ذلك لأجل العودة للمشهد بالرابوني، بعد أن تمت إزاحته عنه منذ أشهر. شكلت تصريحات ولد سيد البشير، قنبلة انفجرت تحت أقدام الدعاية الجزائرية، ونسفت أوهام نصف قرن من الخطابات الرنانة التي تتناقلها أبواق الدعاية الجزائرية، بل وأجبرت القائم بأعمال السفارة الجزائرية بباريس، على إبلاغ القيادي في الجبهة بضرورة قطع زيارته فورا، حتى قبل إكمال الجولة التي كانت مقررة إلى مدن أوربية أخرى. ولد سيد البشير الذي صنع الحدث بالمخيمات بتصريحاته غير المسبوقة، خلق من حيث لا يدري حجة عليه وعلى أصحابه بالرابوني وعرابيهم، بأن أكد صدقية ملف الانتهاكات الجسيمة بالمخيمات، ونسف أطروحة بوليساريو وأوهامها، بشكل جعل من خرجته بضواحي باريس، لحظة فاصلة أغرقت الأطروحة الجزائرية في وحل من الحقائق الصادمة، والتي لا يمكن تكذيبها، خصوصا أنها صادرة عن واحد ممن يفترض أنهم حرس المشروع الجزائري في تندوف.

ولد سيد البشير يفضح وهم “جمهورية” اللاجئين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المنصوري تقصف مديري وكالات حضرية

الفتنة نائمة...

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات