الشهبـي… العائـد مـن المـوت

الفيروس فتك رئتيه بـ 97 % وحرمه من والدته لقد مت وعدت إلى الحياة" كلمات يرددها محمد الشهبي، طبيب العيون الشهير، على مسامع كل من يسأله عن تجربته الاستثنائية مع كورونا، قبل أن يضيف، بعد أن يبتسم ابتسامة خفيفة تحمل العديد من الدلالات، "هاذ الأيام لي عيشين كلها رباح". تتغير ملامح الرجل كلما تذكر الفيروس، رغم مرور سنة على إصابته بكورونا. تحس وأنت تتحدث مع الرجل أن جسده ما زال يحمل "ندوبا نفسية"، خلفها الفيروس اللعين، في كل مرة يتنفس نفسا عميقا قبل أن يتنهد ليواصل حديثه عن تجربة مع مرض فتك برئته بنسبة قياسية بلغت 97 في المائة. الحكاية بدأت حينما أصيب الشهبي بنزلة برد وأحس معها بصداع في الرأس وسيلان في الأنف بالإضافة إلى سعال خفيف. راوده الشك، وهو الذي كان حريصا على احترام الإجراءات الاحترازية، أن الفيروس تسلل إلى جسده في غفلة منه، قبل أن تتأكد الشكوك بتحليلة بأقرب مركز صحي، جاءت نتائجها إيجابية. الشهبي الحريص على كل صغيرة وكبيرة تخص صحته، أجرى جميع الفحوصات اللازمة، بما فيها أشعة الصدر التي كشفت إصابة رئتيه في البداية ب5 في المائة، قبل أن يبدأ في تناول الوصفة المعالجة لكوفيد 19. لم تتوقف المشاكل عند ذلك الحد، بل بدأت المرحلة الأصعب بعد أن تبين أن الفيروس عصف برئتيه وعجز جسمه عن مقاومته. انتقل حجم الضرر من 5 في المائة إلى 25 في المائة ف 70 ثم 97 في المائة، وكأنه سيارة في حلبة سباق تلتهم المسافات في أقصر وقت. لم تنفع العناية المركزة التي خضع لها الشهبي، ولا الأدوية التي تناولها، ولا تجمع العديد من الأطباء من تخصصات مختلفة في إيقاف فتك الفيروس برئتيه، قبل أن يستسلم الجميع لقضاء الله وقدره، بعد أن اعتبروا أن موت الشهبي مسألة وقت لا أقل ولا أكثر. وحده أحد الأطباء كان له رأي آخر، وتمسك بخيط رفيع لإنقاذ صديقه الشهبي، قائلا الرجل ميت ميت لماذا لا نجرب هذا العلاج الكيميائي لإيقاف زحف الفيروس؟ سؤال رماه الطبيب في وجه زملائه الذين استسلموا لإصراره، قبل أن يجرب ورقته الأخيرة، ليتوقف انتشار الفيروس ويتوقف معه اليأس من نجاة رجل كان سيهلك لا محالة. في ركن غير بعيد عن غرفة العناية كانت والدة الشهبي تتابع ما يجري من تطورات في جسد ابنها، الذي كان معزولا عن العالم. لم تغادر المصحة يوما ولم تشعر للحظة أن ابنها سيلقى حتفه، فقد كانت على يقين أنه سينجو من تلك المحنة، سلاحها دعوات لم تكن تتوقف عن الجهر بها أو قولها سرا حينما تخور قواها من قلة الأكل والنوم. يتذكر الشهبي دعوات والدته حينما قرر السفر إلى المانيا لمواصلة العلاج، فتغالب الدموع عينيه. يتوقف لبعض ثوان قبل أن يواصل بصوت مبحوح، "قالت لي قبل مغادرة المغرب، "غادي تمشي ناعس وتجي واقف" و "ياربي هاذ المرض لي فيك يجيني أنا". كانت أبواب السماء مفتوحة. استجاب الله لدعاء والدته، إذ عاد الشهبي معافى من المرض واقفا على رجليه، لكن للأسف أصيبت والدته بالفيروس، لتلقى مصرعها وهي مبتسمة، مؤمنة بقضاء الله وقدره، فالأهم كما كانت تقول أن يعيش ابنها. هزم الشهبي الموت، وعاد الرجل إلى عيادته لمواصلة عمله ورحلة الحياة، بعد أن اعتقد أطباء ومختصون مغاربة وأجانب، أن بقاءه على قيدها معجزة! الصديق بوكزول

الشهبـي… العائـد مـن المـوت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منتخبون في قلب فضائح الريع الرياضي

مهندس تحطم حلمه على صخرة "انطلاقة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات