كيف يرى المواطن تحفيزات السياحة الداخلية؟

غياب تحفيزات صراحة هناك غياب إرادة سياسية للنهوض بالسياحة الداخلية، وحكمي مبني على تجربتي ناشطا جمعويا في مجال السياحة الجبلية. وأرى أن أول إكراه تواجهه السياحة الداخلية هنا، هو غياب أي تحفيزات أو دعم من المسؤولين للمنعشين السياحيين والفاعلين في هذا المجال. في إقليم بولمان، على سبيل المثال، نجد عشرات الأندية السياحية تبادر لاستقطاب المغاربة لاستكشاف مؤهلات المناطق الجبلية، ما يقابله غياب أي التفاتة من المسؤولين لتشجيع هذه الطاقات واحتضانها وسماع مطالبها. لا نطمح إلا لتشجيع الاستثمار وخلق مبادرات على شكل دور ضيافة ومراكز استقبال، لاستقطاب السياح المغاربة. في المقابل، قد نجد بعض المشاريع السياحية في المدن الكبرى والوجهات السياحية، ليست في متناول بسطاء الشعب، بحكم أثمنتها الخيالية والاحتكارية، التي تجعل نسبة مهمة من المغاربة غير قادرين على ارتيادها، ما لا يشجع السياحة الداخلية، موازاة مع ارتفاع أسعار الرحلات الجوية الداخلية، الذي يحد من التدفق على المدن السياحية. لا يعقل أن تسافر إلى عاصمة الأنوار باريس بأقل من 500 درهم ذهابا وإيابا، في حين الوصول إلى مدينة الداخلة على سبيل المثال، قد يكلفك أكثر من 1000 درهم، بل وحتى النقل البري قد يكلفك الثمن نفسه وربما أكثر، لرحلة الذهاب فقط، ناهيك عن تكاليف الإقامة والتغذية. كما لا يمكن أن ننسى غياب مراقبة الأسعار الخاصة بالفنادق وغياب العروض التحفيزية، وترك القطاع يشتغل وفق أهواء المتحكمين فيه والمحتكرين، ما يجعل كثيرين يرون في قضاء أسبوع في تركيا أو أوربا الحل الأمثل للهروب من الفوضى التي يتسم بها القطاع في بلادنا. حفيظ تيلولوت (جمعوي، عضو مؤسس لنادي تيشوكت للسياحة الجبلية) انعدام الجودة إن الحديث عن تشجيع السياحة الداخلية، لا يمكن أن يكون ظرفيا أو طوق نجاة لإغاثتها جراء أزمات معينة كما في حالة جائحة «كوفيد 19»، بل يجب أن يكون ضمن السياسات العمومية الموجهة لتطوير القطاع . إن العرض السياحي الوطني، رغم أنه يزخر بالتنوع والغنى الكبيرين، إلا أنه يشكل عائقا أمام عدد من المواطنين الذين يشتكون غلاء العروض وانعدام الجودة أحيانا، ما يستوجب من الدولة أو الحكومة، تنظيم هذا القطاع وإيلائه العناية اللازمة عبر إستراتيجية محكمة وشراكة فاعلة لإعادة النظر في الأثمنة المرتفعة وتحسين الخدمات وجودتها. من الملاحظات المهمة التي يمكن أن أقف عليها، أن السياحة قطاع حيوي بالبلاد يشكل10 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، وهي أيضا مصدر أساسي للعملة الصعبة. وهنا نسوق مثلا أن نسبة مهمة من السياحة المحلية تتجه للأسواق المجاورة نتيجة تدني أسعار الرحلات المنظمة لها ونذكر هنا إسبانيا والبرتغال وتركيا. وما دام أن السياحة الخارجية أصيبت بالشلل، فإن السياحة الداخلية أضحت ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني وجب تشجيعها عبر سن مجموعة من الإجراءات ومواكبتها، فلماذا لا تدعم الحكومة الفاعلين السياحيين مقابل تحسين العروض في وجه كل الفئات الاجتماعية، خاصة عندما نسمع عن أثمنة خيالية أحيانا؟ تشجيع السياحة يقع كذلك على عاتق مجموعة من القطاعات المتدخلة كشركات النقل السككي والبري والجوي، وذلك على الأقل بتجويد الخدمات وخفض الأثمنة تشجيعا للسفر والإقبال على المدن السياحية المحتاجة للاهتمام الرسمي بتحفيزات تعيد الاعتبار للسياحة الداخلية. كذلك لا بد من تجويد العرض السياحي الداخلي بإنشاء العديد من المنصات الاجتماعية الخاصة، كنافذة لتذكير المواطنين بمواقع الجذب السياحي العديدة بالمملكة. وفي الأخير أقول إن التحدي الرئيسي هو جعل المواطنين المغاربة يرغبون في استكشاف البلاد من خلال عروض مناسبة تتلاءم مع قدراتهم الشرائية، وتجعل من السياحة الداخلية صمام أمان لخلق فرص الشغل الدائمة وتحقيق رواج اقتصادي يستفيد منه الجميع. كمال الجعافري (ناشط جمعوي) عروض غير مشجعة أعتبر أسعار الفنادق وجودتها، عاملا مهما ومؤثرا سلبيا بشكل كبير في ضعف السياحة الداخلية بالمغرب. للأسف الأسعار مرتفعة مقارنة مع المستوى المعيشي للمواطنين، بل ومقارنة مع دول أوربية متقدمة. يجد المواطن المغربي صعوبة في تحمل تكاليف غرفة ب 400 درهم، وهذا سعر فندق متواضع وذي جودة متوسطة أو ضعيفة، دون الحديث عن العائلات. من خلال معاينتي للأسعار، أدركت أن قطاع الفنادق بالمغرب بعيد جدا عن منطق المنافسة في تقديم الخدمات والأسعار والعروض المشجعة للمغاربة، حثا لهم على تشجيع السياحة الداخلية التي أصبحت رهانا أساسيا لعدة دول أثناء فترة الإغلاقات وما بعدها، أملا في تحريك عجلة الاقتصاد والناتج الداخلي للبلاد. دائما ما أتصفح مواقع الحجوزات ونادرا ما أجد فندقا مغربيا يقدم عرضا مغريا، على عكس فنادق دول العالم، بل أبعد من ذلك، أعتقد أن المغرب يعاني ضعف وغياب البنية التحتية الفندقية على مستوى التغطية للأماكن السياحية بالبلد. النسبة الأكبر من المناطق التي يمكن استخدامها سياحيا، لا تتوفر على فنادق. فإقليم بولمان على سبيل المثال، في عمق الأطلس المتوسط، ويتوفر على مؤهلات طبيعية وثقافية يمكن استغلالها لتنمية المنطقة وخلق دينامية اقتصادية من خلال السياحة. لكن البنية التحتية وغياب الفنادق قرب المناطق السياحية، يجعلها وجهة غير معروفة وطنيا بحكم أن جل من يفكر في زيارة منطقة، عادة ما يبحث عن فندق للمبيت…وهو ما لا يتوفر باستثناء فندق صغير وجميل بسكورة. بالنسبة إلى المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية والتهميش، كإقليم بولمان، أعتقد أن البديل والرهان الذي يمكن الاستعانة به هو تعاونيات سياحية محلية توفر دور إيواء ودعمها من قبل الدولة والجهات المختصة لتعرف اشعاعا قد يوفر للسائح المغربي بدائل محلية أقل سعرا وأكثر عطاء كتجربة سياحية وثقافية، باعتبار المأوى يعكس ثقافة المنطقة أكثر من الفندق. وبهذا يوفر خدمات عدة في آن واحد، خاصة ما يتعلق بالمبيت والأكل ومشاركة تجربة ثقافية محلية فريدة, التجربة التي يحاول العديد من الفاعلين ترسيخها بالمنطقة، ولكن ضعف الإمكانيات والإشعاع ودعم الدولة تعتبر عائقا كبيرا أمام نجاحها. إبراهيم أمعرش (فاعل جمعوي) شعارات بعيدة عن الواقع رغم أهمية السياحة الداخلية ودورها الهام في اقتصاد المغرب، إلا أنه لا يولاها الاهتمام والتشجيع اللازمين، سيما في الفترة الراهنة التي تتسم بانتشار فيروس «كورونا» الذي حد من النشاط السياحي بشكل كبير، خاصة في ما يتعلق بتوافد السياح الأجانب، ليبقى الرهان على السائح الداخلي. نسمع بشعارات كبيرة تحت مسميات مختلفة، من قبيل «زورو بلادكم»، و»يالاه نكتاشفو المغرب». وهذا شيء جميل كما البرامج التي تطلقها قنوات رسمية تحفيزا للسياحة الداخلية. لكن ماذا أعددنا من مبادرات لتحفيز وتشجيع السائح المغربي على زيارة واكتشاف ما يزخر به بلده؟ أحيانا نجد أنفسنا أمام تناقض بين ما نسمعه في وسائل الإعلام، وما نعيشه ونعايشه على أرض الواقع، فالأسعار ملتهبة في كل ما يرتبط بالسياحة، خاصة ما يتعلق بالإقامة في الفنادق والمنشآت السياحية على اختلاف تصنيفاتها، كما أسعار الإطعام في مطاعم سياحية لا يمكن للإنسان البسيط ارتيادها. المغرب زاخر بطبيعته الخلابة ومناطقه الجبلية الرائعة المحيطة بتفراوت والأطلس الصغير والمتوسط وفي كل مكان وشبر منه، حيث هناك ما يستحق التفقد والزيارة والاستمتاع به كما المآثر التاريخية والمعالم العمرانية. لكن للأسف، فذلك ليس في متناول الجميع. نحتاج مبادرات حقيقية تشجع السياحة الداخلية بتخفيض أسعار ولوج الفنادق بتصنيفاتها ومراقبة درجة احترام مالكيها لها، وإطلاق برامج مشجعة على ارتياد مدن ومنتجعات سياحية، حتى لا يبقى التشجيع والتحفيز، شعارات متداولة إعلاميا دون تفعيل حقيقي على أرض الواقع. أمينة المطوي (طالبة) إجراءات حازمة الاعتماد على السياحة الخارجية، هو الأساس لدى كل المنعشين والمستثمرين في القطاع، دون إغفال تلك الداخلية المحتاجة بدورها لتحفيز ودعم كي يقبل السائح الداخلي على فنادق ومطاعم تحتاجه على الأقل في هذه المرحلة الحرجة التي يمر منها القطاع في ظل انتشار فيروس «كورونا». لتشجيع هذا الإقبال وتزايده، لا بد من اتخاذ إجراءات حازمة وتحفيزية ليس فقط من قبل أصحاب الفنادق والمنشآت السياحية، بل حتى الدولة، سيما وزارة السياحة والقطاعات ذات الصلة بالسياحة وبينها المجالس المنتخبة والنقل العمومي والمكتب الوطني للسكك الحديدية. المطلوب تخفيض أسعار رحلات القطارات والحافلات والطائرات لتيسير التنقل بين المدن، وتوحيد الأسعار بالنسبة إلى الفنادق ودور الضيافة والمنازل الجاهزة للكراء والشقق المفروشة، وتفعيل القانون بالنسبة إلى كل من يخالف ذلك، حتى يتم ضبط الأمور ولا يتم استغلال الوضع من طرف جهات. كل ذلك يجب أن يوازيه تنشيط ثقافي ورياضي في شكل مهرجانات وتظاهرات ومعارض للصناعة التقليدية وتنظيم لقاءات تواصلية والتعريف بالمنتوج السياحي ومختلف العروض المقدمة تشجيعا للسياحة الداخلية، وتفعيلها بعيدا عن الشعارات، مع التنسيق التام مع وكالات الأسفار. أظن أنه بمثل هذه الخطوات البسيطة وتفعيلها على أرض الواقع، سنتمكن من إحداث ثورة في السياحة الداخلية، لأن المواطن سيقبل على الفنادق والمطاعم إن كانت أسعارها مشجعة، وإلا فلن ننتظر انتعاشة مرتقبة بتسويق الشعارات إعلاميا فقط. فيصل اللبار (مستثمر سياحي) استقاها: حميد الأبيض (فاس)

كيف يرى المواطن تحفيزات السياحة الداخلية؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خطة الإنقاذ

أسعار ملتهبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات