الحكومات وظفت التعليم في امتصاص البطالة

التاج: هناك أساتذة مروا مباشرة من المقهى إلى القسم وإستراتيجيات بالملايير تم القفز عليها بجرة قلم أجرى الحوار: عصام الناصري قال مصطفى التاج، الكاتب الوطني لشبيبة المدرسية، إن الحكومات السابقة تعاملت مع التعليم، باعتباره قطاعا يمتص البطالة، مبرزا أن الأنواع المختلفة من الأساتذة التي تعج بها المنظومة التعليمية، سبب رئيسي في ما وصل إليه التعليم اليوم. وأضاف التاج، أن الكثير من الأساتذة الذين التحقوا بالتعليم لم يتمكنوا إلا من أشهر قليلة من التكوين، إذ هناك من مر مباشرة من المقهى نحو القسم دون تكوين. وفي ما يلي نص الحوار: > في كل موسم دراسي جديد تستقبل الأسر بداية السنة بوعود إصلاح المنظومة التعليمية غير أن النتائج لا ترضي أحدا فأين الخلل؟ > من الطبيعي أن الأسر المغربية، تبتغي إصلاح التعليم وتجويده، على اعتبار أن هناك تحولا مجتمعيا، وقع اليوم في البنية الاجتماعية المغربية، جعل الأسر تسعى إلى «الاستثمار في أبنائها»، وهذا الاستثمار يقوم على التمدرس، إذ نلاحظ كيف أن الطبقة المتوسطة وسكان المدن، يسعون إلى «الاستثمار في أبنائهم»، من خلال تسجيلهم في مدارس خاصة، أو في التعليم العمومي مع أداء واجبات الساعات الإضافية، كلما تطلب الأمر ذلك. > ماذا يعني هذا؟ > هذا ما يفسر هذه الرغبة من قبل الأسر في إصلاح التعليم، تنسجم مع روح «الاستثمار في أبنائها»، على اعتبار أن كافة الأسر تكونت لديها قناعة اليوم، بأن لا سبيل إلى الرقي الاجتماعي إلا عن طريق التخرج من المدارس والجامعات. وأما في ما يتعلق بصدمة الأسر من واقع المنظومة، فهو أمر طبيعي أيضا، بالنظر إلى أن رغباتها في الإصلاح لم تترجم على أرض الواقع، لأن المغرب راكم مجموعة من الإصلاحات التي أثبتت فشلها. > هناك عدد من البرامج والإستراتيجيات خصصت لها الملايير لكن النتائج تزداد سوءا في ما يتعلق بالجودة فما السبب في نظرك؟ > هذا الأمر صحيح، وهو ما تؤكده التقارير الدولية والوطنية، والتي صنفت تعليمنا في آخر الترتيب الدولي، إضافة إلى دراسات الأثر التي أجريت في 2019، والتي توصلت إلى أن أغلبية التلاميذ في كافة المستويات، سواء في القطاع العام أو الخاص، غير متمكنين من نسبة محترمة من الكفايات الواجب أن يتوفروا عليها. > ما هو السبب في نظرك؟ > بينت هذه الدراسة عقم المنظومة التعليمية، والحاجة الملحة للإصلاح، وخصصت بالفعل ميزانيات، ونتذكر ما خصص للبرنامج الاستعجالي، (2009-2012)، والذي تم القفز عليه بجرة قلم، ونتذكر الميزانيات الكبرى التي صرفت، على معهد "كزافي روجيرز» البلجيكي، من أجل أن نتبنى استراتيجية الإدماج، لكن كل تلك السياسات والبرامج، تم القفز عليها ولم تكمل المسار الذي بنيت عليه، ونحن اليوم أمام إستراتيجية 2015-2030، والتي كان هاجس الحفاظ عليها حاضرا عند الحكومات السابقة، واتفقت مع البرلمان من أجل الحفاظ عليها بقانون إطار (17-51)، واليوم نحن أمام رؤية جدية، رغم أنها لم تلها دراسات تقييم أثرها، اللهم دراسة واحدة قامت بها لجنة التقويم، التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين وتترأسها الأستاذة الباحثة رحمة بورقية، ومعروف أنها عالمة اجتماع، ومتقنة لمناهج الدراسات، والتي توصلت إلى مجموعة من الاختلالات، التي تعيشها المنظومة، وهذا يسائل الوزارة ومختلف مؤسسات الدولة. > تركز الحكومة في إصلاحاتها على الأستاذ والموارد البشرية، لكن تجربة التعليم الخاصة أثبتت العكس فرغم أنها لا تتوفر على كفاءات مكونة كما هو الأمر بالنسبة إلى القطاع العمومي، إلا أنها توفر الجودة مقارنة به؟ > مسألة تركيز الحكومة على الأستاذ، هو نتيجة الدور الذي يلعبه ليس فقط في الساحة التعليمية، بل في الساحة النقابية والسياسية والمدنية، لأنه القاطرة لضمان نجاح كل الإستراتيجيات، والذي وقع أنه كان هناك غموض، وقرارات عشوائية في مجال تكوين الأساتذة، الأمر الذي وضعنا أمام أنواع مختلفة منهم، فهم خريجو مراكز التكوين، وموظفون مرسمون، ثم أساتذة متدربون، وأساتذة متعاقدون وتحولوا في ما بعد إلى أطر أكاديميات، وبالتالي هناك تشرذم وعشوائية، في اتخاذ قرار التكوين، ناهيك عن حاجيات المنظومة إلى المدرسين، فالقرار الذي اتخذ في 2017، ومفاده أن المنظومة في حاجة إلى 200 ألف أستاذ في أفق 2026، جعل الوزارة تفتح التعليم في وجه مختلف حاملي الإجازة، الأمر الذي دفع الطلبة والمعطلين إلى التقدم إلى التعليم، إلى درجة أن أكبر عدد من المناصب المالية تخصص له، وكان أيضا يستوعب البطالة. وأعتقد أن الحكومات السابقة تعاملت مع قطاع التعليم، باعتباره قطاعا يمتص البطالة، وهو ما سبب مشكلا، لأن ليس كل من تقدم للتعليم يؤمن بمهنة الأستاذ أو رسالة التربية، بقدر ما اعتبرها وسيلة للهروب من البطالة، وضمان أجر قار. > لماذا لا يتمكن التلميذ اليوم من إتقان اللغات والحساب والقراءة والكتابة بعد سنوات من الدراسة، رغم أن بعض الأقسام ليس فيها اكتظاظ. هل يتعلق الأمر بطريقة التدريس وطبيعة المناهج؟ > هذا أمر مؤسف، وأكدته الدراسة الأخيرة الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهو ما يبين حجم الخلل الذي تعيشه المنظومة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، إذ كيف يعقل أن نأتي بأستاذ مجاز في الفلسفة أو القانون العام أو الاقتصاد، ونمنحه قسما في الابتدائي، وهذا الأمر ما جعل التلاميذ غير متمكنين من الكفايات الأساسية. كما أن الأساتذة الذين وظفوا لم يخضعوا لتكوين كاف، إذ هناك من مر من المقهى مباشرة إلى القسم، ولم يخضعوا سوى لشهر أو ثلاثة أشهر من التكوين، وهذا الأمر غير كاف لاكتساب البيداغوجيات والديداكتيك الواجب للتدريس. > هل ترى أي مستقبل للمدرسة العمومية في ظل الإستراتيجية المعتمدة حاليا في التوظيف الجهوي؟ > أعتقد أن ما أعلن عنه الوزير الحالي مهم جدا، والمتمثل في أنه ابتداء من السنة المقبلة، ستفتح شعب وكليات متخصصة في استقبال الأساتذة، ويلجونها بشهادة الباكلوريا. وصرح الوزير نفسه في لجنة التعليم، أن عدد خريجي مهن التربية لا يتجاوز 1500، وهذا الرقم غير كاف. الولوج إلى التربية بميزة حسب الوزير فإن الولوج إلى شعب التربية سيكون بميزة، ويتطلب الرغبة والجاهزية، إذ سيحصل الأستاذ على إجازة مهنية، وبعدها يخضع لستة أشهر تدريبا ميدانيا، وبعد التخرج يمكن أن يشتغل في القطاع العام أو الخاص، وإذ وظف في القطاع العام سيضطر إلى قضاء سنة من التدريب قبل ترسيمه، واعتبر هذا الأمر إيجابيا، لأنه سيعيطينا جيلا مكونا ويحب مهنته. ويرتقب أن يقطع هذا الإجراء، مع هذا الواقع، الذي أصبح فيه التعليم الخيار الأخير، إذ عندما يحصل التلاميذ على الباكلوريا، منهم من يلج مدارس الهندسة والطب والمعاهد، وغير المقبلين على هذه التخصصات يلجؤون إلى التعليم. أما اليوم فأعتقد أنه يجب تعزيز قيمة التدريس، من خلال اشتراط ميزات في الولوج إلى إجازات التربية. وأعتقد أن هذه الإجراءات المعلنة مهمة للمستقبل. في سطور - أستاذ باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية - الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية - عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال

الحكومات وظفت التعليم في امتصاص البطالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البدوي والجريني في "ديو"

رسالة رياضية: بنشرقي وعموتة

مقالات ذات صلة