معارك حكومية مستعجلة

معضلة التهرب الضريبي وتداعيات ارتفاع الأسعار ومطالب توفير فرص الشغل والحوار الاجتماعي وضع المواطنون ثقتهم في حكومة عزيز أخنوش، كي تحل ملفات حارقة إما ناجمة عن إرث حكومة الإسلاميين، أو لم يتم حلها بشكل نهائي على مر الحكومات المتعاقبة،أو أثارها المواطنون والتمسوا حلولا لها بصفة نهائية. ملفات تركة صعبة هيمنة القطاع غير المهيكل وتماطل في تلبية مطالب الطبقة العاملة وحقوق الأطر والكفاءات أبانت الانشغالات الحكومية أن أبرز الملفات المستعجلة، حل إشكالية التهرب الضريبي الذي يكلف خسارة لخزينة الدولة تعد بالملايير من الدراهم، لغياب الجرأة في تنزيل القانون وتحقيق العدالة الجبائية، إذ أن كل التجار والحرفيين بمن فيهم " مول الزريعة» يحققون أرباحا ولا يؤدون الضرائب، دون نسيان المصحات الخاصة، والمحامين، والموثقين، وأرباب المقاولات الصغرى والمتوسطة، والمقاولات الكبرى، وبائعي كل المواد الاستهلاكية. وأداء الضريبة يساوي حيازة المواطنة، وهذا الأمر بدا ملفا حارقا عجزت عن تطبيقه كل الحكومات، لأن أي وزير يفتحه يواجه بالتهديد بخوض الإضرابات، وعليه أن يكون شجاعا لصدها، علما أن الكل يربح سواء أكانت هناك أزمة دولية أو وطنية، أو لم تكن، لأن الطلب على شراء تلك المواد لن يتوقف بحكم التحول الديمغرافي الجاري في المدن على حساب البوادي، إذ أن الأسر والأفراد يصرفون لأجل شراء مقتنيات محددة، فيما يروج أصحاب المهن، والتجار أنهم يعانون الجمود لإبعاد " الحسد" وفق ما يعتقدون به من ثقافة شعبية، وحتى لا تصاب تجارتهم وحرفتهم بالكساد، ولكي يتهربوا من أداء الضرائب. وعلى الحكومة معالجة ملف التشغيل في شموليته، بسبب انتشار ظواهر سلبية، تتجلى في هيمنة سلوك القطاع غير المهيكل على القطاع المهيكل، من خلال الدوس على حقوق الطبقة العاملة والأطر والكفاءات، بعدم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو تشغيلهم بصفة مؤقتة، لمدة ستة أشهر، كما يحصل في المطاعم، والحانات والمقاهي، وفي المخابز والحلويات، ولدى بائعي الملابس العصرية، و" سناكات"، لدى بائعي " السندويتشات" إذ أن كل أرباب العمل يسعون إلى عدم التصريح بالعاملين لا بالتغطية الصحية، ولا بالتقاعد، ما يعني استمرار هشاشة الوضع الاجتماعي لملايين الأسر، هو ليس شغلا مؤقتا كما يدعون، بل تلاعب في وضعية العاملين. ومطلوب من الحكومة، إعمال المراقبة إزاء أرباب العمل الذين حصلوا على الدعم لمواجهة تداعيات كورونا، ومع ذلك سرحوا العمال، وأسهموا في ارتفاع نسب البطالة، ما يعني أن هناك تلاعبا في طريقة تدبير أزمة تداعيات كوفيد، إذ يطالب الكل بالعودة إلى العمل، والحصول على الأجرة كاملة غير منقوصة، لأن بعض أرباب العمل احتالوا لتقليص أجور العاملين وجعلوا المؤقت دائما والذي يطالب بحقوقه، يطرد. وعلى حكومة أخنوش، التصدي للمضاربين في الأسعار، فلا أحد يفهم أو يستوعب لماذا يبيع الفلاح أي منتوج بين درهم ونصف درهم للكيلوغرام ودرهمين ليصل إلى المواطنين بـ 8 دراهم بسبب أن هناك بضعة أشخاص يتحكمون في عملية توزيع المنتجات الغذائية وفي عملية النقل، من الفلاح إلى أسواق الجملة، فالأسواق الشعبية التي تبيع بالتقسيط، أما " البقال" النشيط في أحياء الطبقة المتوسطة، فيرفع السعر إلى ثلاثة أضعاف فإذا كان الموز يباع ب8 دراهم للكيلوغرام في الأسواق الشعبية، فإن " مول الحانوت" يبيعه ب20 درهما، علما أنه تطفل على مهنة بائع الخضر والفواكه، إذ يبيع بالتقسيط أي منتوج بسعر أعلى، على غرار محلات المساحات الكبرى التي تتحكم فيها الشركات، وتبيع بسعر أعلى رغم أنها تحصل على المواد الاستهلاكية بسعر أضعف مما هو متداول في الأسواق، ما يجعل المواطنين يتهمون الحكومة بأنها " تسرق جيوبهم" والحقيقة أن وزارتي الداخلية والتجارة ظلتا تشتغلان بمنطق تقليدي عتيق في مسألة التوزيع من المصدر إلى المستهلك، فغابت الصرامة وحلت محلها الفوضى. كما لا يفهم بيع الأسماك بسعر أغلى رغم أن الثمن في الموانئ ضعيف جدا، لذلك فإنه لو قامت وزارتا الصيد البحري، والتجارة بعملية حسابية تتعلق بتكاليف النقل، لوجدتا أن ارتفاع السعر ناتج عن هيمنة المضاربين. وورثت حكومة أخنوش ملف " التعاقد" أو أساتذة الأكاديميات الجهوية، وعليها أن تحل هذا الملف المعقد من منظور التوظيف الجهوي، وليس بالتوظيف المركزي بمقر وزارة التعليم، لأن ذلك سيدفع مختلف المدرسين إلى مغادرة المدن الصغرى والمتوسطة، والقرى في حركة انتقالية وطنية قد تتجاوز 100 ألف طلب للانتقال، لأجل الزواج أو الالتحاق بالزوج أو الزوجة، ما يعني فراغ مؤسسات تعليمية، وبروز فائض في مدارس المدن الكبرى، وهذا خطر يسهم في حصول انقطاع عن الدراسة، إذ أن الحكومة مطالبة بتأمين العمل لدى المدرسين في التعليم مدى الحياة، وبأجرة محترمة وحقوق اجتماعية مكفولة وفق القانون، وفي الوقت نفسه، تغطية حاجيات كل المدارس في مختلف الأقاليم، والأمر نفسه ينطبق على الأطقم الطبية والتمريضية. امتحان الجرعة الثالثة تواجه الحكومة امتحان معالجة الأمر بضمان حقوق الملقحين، وغيرهم، ونشر إحصائيات عدد الذين أخذوا الجرعة الأولى في المدن، وعدد الذين أخذوها في البوادي، وتغطية الفارق، وإخراج هيأة اللجنة العلمية إلى الفضاء العمومي لمناقشة المشككين، الحجة بالحجة، والدليل بالآخر، في إطار مناظرات علمية بين متخصصين. وترتفع الأصوات مطالبة بتوعية المواطنين، بأهمية معالجة مشكلة تدبير الزمن، عوض التركيز على الساعة الإضافية، فقلة النوم ليست ناتجة عن زيادة ساعة، بل عن تناول وجبة العشاء والنوم في وقت متأخر، ما بعد منتصف الليل، ما يؤدي إلى انتشار أمراض كثيرة، وارتفاع ضغط الدم والأعصاب والشجار في البيت والشارع والعمل ، بخلاف أوربا التي ينام فيها المواطنون على الساعة التاسعة ليلا، للاستيقاظ باكرا للذهاب إلى العمل في صحة جيدة. أحمد الأرقام

معارك حكومية مستعجلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لقاح "كورونا" ونظرية المؤامرة

شبح أزمة مواد غذائية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات