قصص القرآن… الحقيقة التاريخية والرمز

رفض لتصنيفها في خانة العبرة والتربية والتسليم بصحتها مناف للعقل والمنطق كان القرآن وما يزال في نظر كثير من المسلمين، كتاب تاريخ يروي أخبار وأحوال الأولين، إضافة إلى أنه كتاب أحكام وإيمان، وتعتقد العامة إلى مستوى التسليم، بأن الروايات والقصص والمعجزات، التي تحدث عنها القرآن لا غبار عليها، ولا يمكن إلا أن تكون حقيقية، ولا تحتاج إلى دليل يثبتها، لكن خطوة واحدة إلى الخلف، والتفكير للحظة، يجعل معمل العقل يشكك في المعجزات. حاول الإسلام تطويق مجال الغيب، بأسوار من الأحكام تمنع على المسلم التفكير في الدين بمنطق، فإذا كان الشك أول خطوة في درب الحقيقة، فإن الإسلام قتل الشك في المهد، وجعله أمرا مرفوضا، فالشك هو نقطة لا عودة بالنسبة إلى المؤمن. وبما أن التفكير المنطقي والعقلي، يفرض على الشخص، التجرد من الأفكار المسبقة والقناعات الإيديولوجية، ويستوجب التجرد والموضوعية، والانسلاخ من نمط تفكير الدين أو العقيدة، موضوع التمحيص والتفكير المنطقي، فإن الأمر غير مقبول في العقيدة الإسلامية، التي تسمح بالتفكير في حدود وضمن قالب معين، سمته الأساسية عجز عقل الإنسان على إدراك الحقيقة الكاملة، وبالتالي فإن الشخص لا يمكنه الوصول إلى أي نتيجة يمكن أن تفسر الأسئلة الكبرى، التي أجاب عنها القرآن وأغلق القوس. ويجد المسلم نفسه أمام معضلة كبرى، تفرض عليه الاختيار، بين التسليم الذي يعتبر جوهر الدين، أو التمرد الذي يؤدي مباشرة إلى الطرد، خارج دائرة الإسلام، بحجة عدم الالتزام بقوانين اللعبة، ما يدفع بالكثير من المؤمنين إلى العدول عن أفكارهم، والتسليم بواقع وضعت قواعده سلفا. ولم يفهم الفقهاء بعد حقيقة مفادها، أنهم في صراع غير متكافئ مع العلم، شبيه بحرب تدور بين فريقين، الأول يحارب بالخنجر والنبلة، والثاني بسلاح تكنولوجي متطور، يجعل المعركة محسومة قبل بدايتها لصالح العلم، لذا كان حريا بالفقهاء، أن يرجحوا كفة العبرة والتربية والعظة، في ما يتعلق بالمعجزات وقصص الأولين. وذهب المسيحيون واليهود بعيدا في هذا الموضوع، إذ أن فئة كبيرة من رجال دينهم، تجنبوا الحرب الخاسرة مع العلم، ولا يجادلون في صحة منجزاته، إنما يعتبرون أن لكل مجاله الخاص ودوره في المجتمع، لكن الفقهاء المسلمين مصرون على إضعاف الدين، حينما يضعونه في مواجهة العلم. ويعتبر التفكير في صحة المعجزات من عدمها ترفا فكريا، ولن يقود هذا الأمر إلى اكتشاف دواء للفقر أو الجهل، أو التخفيف من ألم أطفال السرطان أو محنة المصابين بالسيدا، لكن بالمقابل يؤدي إصرار الفقهاء على رفض العلم، والتشبث بالدين إلى خلل في تصورات المجتمع للعالم الواقعي، الذي لا يعترف إلا بالمسائل الحسية، التي يمكن تجريبها وقياس تأثيرها وآثارها. عصام الناصيري

مركز السل بالجديدة... "الشوهة"

القرآن حق وصدق

مقالات ذات صلة

مانع إعلانات!!!