اختتمت أول أمس (الثلاثاء)، دورة الخريف التشريعية على إيقاع المصادقة على عدد من القوانين، أهمها قانون الميزانية لسنة 2011، والمصادقة على بعض القوانين الأخرى ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. واتسمت الدورة بعقد 13 جلسة عامة في كلا المجلسين، وبطرح 485 سؤالا شفويا بمجلس النواب، أجيب على 312 منها، فيما بلغ عدد الأسئلة التي طرحت بمجلس المستشارين 210 أسئلة، أجيب عن 194 منها.وبغض النظر عن الكم، المتمثل في المصادقة على 21 قانونا بمجلس النواب، وهو المعدل العادي في كل دورات الخريف، فإن الرتابة تعتبر السمة البارزة التي هيمنت على مجلسي البرلمان، إذ تواصلت منهجية العمل، كما في الدورات السابقة، بدون القدرة على إبداع طرق أنجع وأكثر فاعلية في المراقبة، إذ شكلت الأسئلة الشفوية أهم آلية لمراقبة أداء الحكومة. وتميزت الدورة بعدد من الأحداث التي لا تمنح صورة إيجابية عن البرلمان، منها التحريف شبه الممنهج لموضوع الإحاطات علما بمجلس المستشارين، إذ وظفت باستمرار لتصفية حسابات ضيقة بين أطياف سياسية محددة، خاصة بين فريقي "البام" والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، وإسقاط ميزانية وزارة التجهيز والنقل في اللجنة المختصة بالغرفة الثانية، والتي تلاها تصحيح للعملية، من خلال التصويت الإيجابي عنها في اليوم الموالي، وهو ما يعكس الارتباك الذي ميز عمل اللجنة، إضافة إلى استمرار ظاهرة الغياب البرلماني المسيء للمؤسسة، وعجز المجلسين عن إيجاد الحلول الناجعة لها. وتبقى نقطة الضوء البارزة في عمل المؤسسة التشريعية هي إحداث لجنة لتقصي الحقيقة حول تفكيك مخيم"كديم إزيك" بالعيون، وهي مبادرة إيجابية عكست قدرة البرلمان على استعمال آلية مهمة في المراقبة، وأسهمت في تكسير طابو الخوف الذي أحيط بلجان تقصي الحقائق في الماضي، والذي أدى إلى تعطيل هذه الآلية، التي يبقى استعمالها محدودا. في السياق ذاته، أكد عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، أن الدورة الخريفية اتسمت بدراسة مشروع قانون المالية، الذي حظي بنقاش معمق، سواء داخل لجنة المالية أو بالجلسات العامة، مشيرا إلى أن المجلس ساهم في تقديم 122 تعديلا، قبل منها 32 تعديلا همت الجانب الاجتماعي والضريبي والاقتصادي.وأبرز الراضي، في اختتام الدورة، أن مجلس النواب عرف حركية تشريعية شملت موضوعات هامة بكافة اللجان الدائمة للمجلس، إذ بلغ عدد النصوص المصادق عليها 21 مشروع قانون. وعلى مستوى اللجان، قال الراضي إن لجنة الخارجية شهدت نقاشا مستفيضا حول الوحدة الترابية للمملكة، طبعه الإجماع الدائم حول ثوابت المغرب ومقدساته، كما شكل هذا الإجماع، فرصة للحث على المزيد من تظافر الجهود لتفعيل أمثل للدبلوماسية الرسمية والبرلمانية. وشدد الراضي على حرص مجلس النواب من خلال نشاطه الدبلوماسي المكثف على الدفاع عن المصالح العليا للبلاد، في مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمملكة، والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية العادلة، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني.في السياق ذاته، أكد الراضي أن إصلاح العمل البرلماني وتأهيله وتحديث آلياته وأنماط اشتغاله أصبح ضرورة ديمقراطية تفرضها الإكراهات الناتجة عن التحديات الوطنية. وأكد الراضي، أن موضوع الإصلاح البرلماني احتل مكانة متميزة في التفكير والممارسة والمبادرة خلال هذه الدورة، إذ تصدر الاهتمام التنسيق والتعاون مع مجلس المستشارين، وجرى الاتفاق على تشكيل لجن موضوعاتية تُعنى بآليات العمل المشتركة تشريعيا ورقابيا وإداريا.وأبرز الراضي أنه وقع الاتفاق، كذلك، على إحداث لجنة تعنى بالملاءمة بين النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان لمباشرة الإصلاح العميق والشامل من جهة، وترسيخ رؤية برلمانية موحدة مشتركة، من جهة أخرى. جمال بورفيسي