الاعتقال الاحتياطي… هل تنتهي المعاناة؟

خبراء ومسؤولو النيابات العامة قدموا تصوراتهم في شأن ترشيده وثقافة المتقاضي تعتبره صمام الأمان على امتداد يومين، اجتمع ممثلو النيابات العامة، بكل من استئنافيات البيضاء والجديدة وسطات وخريبكة، مع ممثلين عن الاتحاد الأوربي وبعض رؤساء الغرف، لمناقشة موضوع يشكل أكبر تحدي يواجه السياسة الجنائية في المغرب، والمتعلق بترشيد الاعتقال الاحتياطي، وهو اللقاء الذي تم بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوربي، في إطار برنامج الشراكة، الذي يجمع المغرب بالاتحاد، وقد أثيرت العديد من الإشكالات، في شأن الوصول إلى المؤشر المتفق عليه بالنسبة للاعتقال الاحتياطي، والمتمثل في 35 في المائة، وهي نسبة مازالت بعيدة التحقيق على أرض الواقع، لأسباب عديدة يتداخل فيها ما هو قانوني، على اعتبار أن عددا من النصوص القانونية مازالت حبيسة الرفوف، مثل قانون المسطرة الجنائية، وما هو واقعي والمتمثل أساسا بثقافة المجتمع، وتحقيق الأمن القضائي لديه، إذ أن أغلب المتقاضين خاصة إن كانوا ضحايا يرون في المتابعة في حالة اعتقال صمام أمان بالنسبة إليهم، وغير ذلك فهو محط شكوك. ترشيد الاعتقال الاحتياطي، يشكل بفعل إشكالية حقيقية، لم تتمكن لا المناشير ولا الدوريات، من تدبيرها، ما يطرح تساؤلات عن مكامن الخلل. فالمتدخلون في الندوة خاصة ممثلي النيابات العامة، يبررون اعتمادهم تلك الآلية بأنها تدخل في إطار القانون، وينفون وجود مغالاة، وخبراء يرون عكس ذلك ويطالبونهم بكثير من الجرأة في إعمال القانون، وتفسير الشك لصالح المتهم، وإعمال قرينة البراءة، وبين هذا وذاك تبقى الحاجة ملحة إلى إنهاء هذه المعاناة. إنجاز: كريمة مصلي/ تصوير (عبد اللطيف مفيق) الداكي: النيابة العامة مسؤولة رئيس النيابة العامة قال إن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعتبر محورا مركزيا في تنفيذ السياسة الجنائية لم ينف الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، الوكيل العام لمحكمة النقض، مسؤولية قضاة النيابة العامة، في الارتفاع الحاصل بشأن مستوى المعتقلين الاحتياطيين في السجون، خاصة في القضايا البسيطة والتي تنتهي فيها المحاكمة بأحكام بالبراءة، وحينما يتعلق الأمر بمجرد مساطر مرجعية أو ادعاءات لا تعضدها وسائل الإثبات الكافية. رئيس النيابة العامة الذي طالما تحدث عن موضوع ترشيد الاعتقال الاحتياطي، بل إن أول منشور له بعد تعيينه على رأس النيابة العامة، هم تدبير برقيات البحث الصادرة في حق بعض الأشخاص، إذ طالب مسؤولي النيابات العامة بالحرص على ترشيد اللجوء إليها إلا في حالة الضرورة القصوى، والتريث في معالجة قضايا الأشخاص المبحوث عنهم، الذين يتم ضبطهم وعدم اللجوء إلى إخضاعهم للحراسة النظرية، ما لم تقتض ظروف البحث ذلك، كما طالبهم بإصدار تعليمات ترمي إلى إلغاء جميع برقيات البحث المتعلقة بأفعال جرمية طالها التقادم القانوني، والحرص على إلغاء برقيات البحث في حق المشتبه فيهم المقدمين أمام النيابة العامة، أو عند إحالة قضايا الأشخاص المبحوث عنهم على جهات التحقيق. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل بعد مدة قصيرة وجه منشورا آخر بشأن وضعية الاعتقال الاحتياطي، دعا فيه مسؤولي النيابات العامة إلى استحضار الارتباط الوثيق للاعتقال الاحتياطي بحرية الأفراد، ما يجعل منه أولوية قصوى بشكل يومي لضمان الحرية ولتعزيز ثقة المتقاضين في عدالتهم. وأشار رئيس النيابة العامة إلى أن المعطيات المسجلة بشأن الاعتقال الاحتياطي عما كان عليه الأمر في السنة الماضية، يلاحظ ارتفاع بأكثر من سبع نقاط، كما أفاد أن معظم النصوص القانونية المؤطرة لمختلف الميادين الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، تحمل في طياتها مقتضيات زجرية تتضمن عقوبات سالبة للحرية، الأمر الذي قد يفرز تحريك متابعات قضائية في حالة اعتقال في مواجهة المخالفين لها، هذا بالإضافة إلى غياب بدائل متعددة للاعتقال الاحتياطي على المستوى التشريعي. وخلال ندوة الأسبوع الماضي، أكد الوكيل العام لمحكمة النقض، على أن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعتبر محورا مركزيا في تنفيذ السياسة الجنائية، ويجد مكانه دائما في الاجتماعات واللقاءات التي تعنى بالعدالة الجنائية، بالنظر إلى أنه يمس الفرد في أحد حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والكتب السماوية، ألا وهو الحق في الحرية، كما أنه يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة وتفعيل قرينة البراءة، التي تعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحالية، فأي إفراط أو سوء تقدير في الاعتقال الاحتياطي، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة، مؤكدا على أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب إعماله في الأحوال الاستثنائية، التي تكون فيها حقوق أخرى قد تم المساس بها بشكل صارخ، من قبل المشتبه فيه، والتي تتمثل في حالة التلبس وخطورة الفعل الجرمي وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة، ومدى تأثير هذه الأخيرة على حقوق الغير، أو على النظام والأمن العامين.

الاعتقال الاحتياطي… هل تنتهي المعاناة؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الـدروة... قرية تبحث عن التمدن

رسالة الملك إلى "كوب 26" ... النص الكامل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات