زعيم الرابوني يحول الأنظار بترميم صفوفه

وعود تبون تحولت إلى إقبار لمطامع العسكر بين فقرات القرار الأممي بقلم: الفاضل الرقيبي كما كان متوقعا، صدر، عصر الجمعة الماضي، القرار السنوي لمجلس الأمن حول ملف الصحراء. ورغم الرقصات البهلوانية التي أطلقتها الجزائر وبعض أذرعها من قيادات الرابوني، في محاولة للتأثير على محتوى القرار عبر الخزعبلات الفارغة نفسها، التي حاول ضباط بن عكنون عبثا توظيفها، طمعا في تنفيس وضعهم الداخلي، فإن نص القرار جاء بمثابة الصفعة الصامتة والمؤلمة، إذ قضى كليا على مزاعم الجبهة بوجود حرب بالصحراء، وبلاغات الأقصاف، التي واظبت عليها دعاية العسكر الجزائري، الذي جيش لأجلها مئات القنوات والمواقع الإلكترونية، مغدقا عليها من أموال الشعب الجزائري بدون حساب، قبل أن تسمي فقرات القرار الأممي الأمور بمسمياتها، إذ نفت قطعا أي تأثير لتراجيديا "بوليساريو" في المنطقة العازلة، بل وفضحت ممارسات أفرادها الذين يحاولون شل حركة المراقبين العسكريين الأمميين بتلك المنطقة، في محاولة لمنعهم من معاينة الهدوء السائد بالصحراء. ولعل تجديد مجلس الأمن لمهمة "مينورسو"، المنحصرة في مراقبة وقف إطلاق النار، يعتبر أكبر دليل على أن المجتمع الدولي لا يأخذ على محمل الجد ترهات عصابة الرابوني وعرابيها بالجزائر العاصمة. فإحياء قضية الصحراء، الذي وعد به تبون، خلال خرجاته الإعلامية، تحول إلى موت ثم إقبار لمطامع العسكر بين فقرات القرار الأممي، كما أثبتت المناقشات التي دارت بين أعضاء مجلس الأمن أن المراهقة الجزائرية ليست معيارا ثابتا لقراءة الأوضاع في المنطقة، التي يحاول شنقريحة تصويرها على أنها على حافة الانهيار، ويكاد جميع الأعضاء يجمعون على أن ما تقوم به حكومة العسكر في المرادية إنما هو محاولة بائسة ويائسة لصرف أنظار الشباب الجزائري عن العودة للشوارع في ظل أزمة اقتصادية خانقة، ظنا منها أن الهجوم على المغرب، من خلال حملة إعلامية سافرة وممنهجة سيؤتي أكلا ولو يسيرا، وهو التصرف الذي أدى إلى إدانتها من قبل من تسميهم حلفاء، كما يدل على ذلك بلاغ الخارجية الروسية الذي استنكر لجوء حكام المرادية لأسلوب دعاية بائد ومغرض، لمحاولة النيل من جودة العلاقات المغربية الروسية. وفي المخيمات، حاول الهارب من العدالة صرف انتباه سكان المخيمات وإلهائهم بمواضيع جانبية لكي لا يخوضوا في ما سيصدر عن مجلس الأمن، من خلال مبادرة استباقية تتعلق بإجراء تغييرات في هياكل عصابته، خصوصا أنه يعيش أزمة وجود تهدد حتى بقاءه في قلعته الصفراء منذ دخوله إلى التراب الإسباني بوثائق جزائرية مزورة، نهاية أبريل الماضي مرورا بقطف الطائرات المغربية لقادته النوعيين الذين حاولوا الاقتراب من الأحزمة الدفاعية، وخسارته لأبرز وجوه القذارة الداخلية سيد أحمد لبطيل وعبد الله لحبيب، اللذين كانا يحققان له بعضا من التوازن الداخلي، لأن قبيلتيهما كانتا راضيتين على مناصبهما وتلك هي الغاية الكبرى من توزيع المناصب في الرابوني، وذاك هو المعيار الوحيد لاصطفاف المكونات القبلية وراء القيادة. فبعد عودته من غيابه الطويل والغامض بالمستشفيات الجزائرية، والفوضى العارمة التي ضربت أرجاء المخيمات على مستوى القيادة، وحتى السكان الذين ضاقوا ذرعا بزمرة اغويلي التي حولت المخيمات إلى ساحة حرب لإثبات نفوذها، كان متوقعا أن يقوم ببعض التغييرات في محيطه الذابل بفعل شيخوخة أغلبه، وعدم تمكنه من لعب دور واقي الصدمات الداخلية، وكذلك فشله في ترويض الثلة التي عارضت تزكيته خلفا لمحمد عبد العزيز، بعدما أصبح كل من له دراية بأمور "بوليساريو" يجهر أن هذه الحركة تعيش في عهده أسوأ وضع منذ تأسيسها. لقد أحاط زعيم المخيمات نفسه بخليط من الأمنيين وذوي الحظوة لدى شيوخ القبائل كمصطفى سيد البشير وإبراهيم أحمد محمود بيد الله، الملقب بـ "كريكاو"، وسالم لبصير ومحمد إبراهيم بيدلا، بالإضافة إلى حجر زاوية رقيبات الساحل، حمة السلامة، إلا أن هذه المجموعة فشلت في كل ما جيء بها لأجله، بل إن وزير داخليته، الذي كان يوصف بالرجل القوي في الرابوني، اصطدم مع رفاقه بمجرد أن تم الإعلان عن تدهور الحالة الصحية لغويلي. كما ظهر عجز لبصير وكريكاو، كليا في ضبط الأمور بالمخيم. فبينما رافق لبصير غالي في رحلته العلاجية، فضل الآخر الانزواء في فيلته بنواذيبو الموريتانية، إلى أن هدأت الأمور واتضح أن سيده لم يمت، فعاد أدراجه إلى المخيمات ليجد عبد القادر طالب عمر وأذرعه قد استحكموا في مفاصل الحركة تقريبا بمباركة من ضباط الجيش الجزائري. وبعد أقل من شهر على عودته للمخيمات، ووسط سخط داخلي غير مسبوق، بالإضافة إلى ضغط جزائري ماض في اتجاه بناء "بوليساريو" جديدة تتماشى مع طبيعة الجنون الجزائري، أعلن غالي، صبيحة الثلاثاء الماضي، عن تغييرات في هياكل عصابته ترمي لإعادة رسم تحالفات جديدة، إذ أن أدهى متتبعي الوضع بالمخيمات، لم يكن يتوقع هذا الانهيار السريع لمحيط زعيم الجبهة، فبعد أن قامت مجموعة عبد القادر بأمر من سكتور تندوف بتخيير غويلي بين إبعاد مصطفى ولد البشير وسالم لبصير وكريكاو عن المشهد أو البحث عن وزير أول جديد لتعويض بشرايا بيون رضخ مرغما لمطالبهم، وأعاد ترتيب أوراق النفوذ في الجبهة على ضوء المهمة التي ستوكل لها من قبل ضباط بن عكنون. فليست قوة قبائل خصوم زعيم الجبهة هي سبب ليهم لذراعه، بل الدعم الجزائري لهم، وموالاتهم العمياء للمخابرات الجزائرية، التي لا تخفي انزعاجها من تصرفات محيط غويلي وتهافته على خلافته حين مرضه. كما أن غياب لبطيل وعبد الله لحبيب البلال اللذين كانا على اتصال مباشر مع ضباط بن عكنون، عن المشهد في الرابوني، أفقد رقيبات الشرق الزعامة الرمزية، إذ لا يمتلك ولد البوهالي من الدهاء السياسي ما يمكنه من المحافظة على تميز هذا التكتل القبلي الذي يبدو أن مصطفى سيد البشير، المطرود من دكة غالي، سيحاول الوصول لزعامته بعد فراق طويل، ظنا منه أن القرب من حاكم الرابوني سيؤمن له البقاء في السلطة، خصوصا أن التغييرات الأخيرة قد تكون مقدمة لتمهيد الطريق أمام عبد القادر لخلافة غويلي على رأس الجبهة، بالنظر للطريقة التي تم بها العبث في التوازنات القبلية المتعارف عليها في توزيع المناصب بين القبائل، وإلا فما معنى أن تسند وزارة الداخلية لعمار منصور الدليمي ويتقلد سيدي أوكال الموريتاني منصب مدير الأمن، بينما يتربع خطري أدوه على أمانة التنظيم السياسي، وفي رئاسة حكومة المخيم يوجد ثلاثة عروسيين؟، فأين الرقيبات إذن؟. سؤال سيشغل سكان المخيم عن الخوض في تفاصيل القرار الأممي ليتفرغوا لمناوشات ستنتهي لا محالة بقطف رأس غويلي. الفاضل الرقيبي

زعيم الرابوني يحول الأنظار بترميم صفوفه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مفاتيح الاستثمار

شبكات "غطاسين" لتهريب المخدرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات