وحيد: انتصارات المغرب أججت سعار الجزائر

أستاذ التاريخ أكد أن عقدة نظام العسكر قديمة وعمقها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أكد محمد وحيد، الباحث في التاريخ والمهتم بحركات التحرر في المغرب العربي، أن سبب سعار النظام الجزائري هو تزايد حالة الاختناق الداخلي والحراك الشعبي، الذي يضيق الخناق على الطغمة العسكرية في قصر المرادية. وأوضح وحيد أن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية نتيجة تهور نظام العسكر يبقى مستبعدا، لأن العالم والمنطقة المغاربية يعرفان تحولات جيو إستراتيجية تلعب كلها في صالح المغرب. في ما يلي نص الحوار: > أصيب حكام الجزائر بحالة السعار بلغت درجة دق طبول الحرب. كيف تقرؤون أسباب هذا العداء التاريخي للمغرب ؟ > السعار الذي أصاب حكام الجزائر(جيشا ومخابرات وبقايا جبهة التحرير)، قديم، ولكنه أكثر حدة اليوم، لسببين رئيسيين، الأول هو تزايد حالة الاختناق الداخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السيئة، التي تخنق النظام، ومن تداعياتها الحراك الشعبي، لأن الجزائريين أدركوا أن الماسكين الحقيقيين بالحكم غيروا فقط واجهة النظام، أما عمقه، فلم يتغير. لذا، حاول قصر المرادية تشتيت أنظار الجزائريين نحو المغرب بالادعاء أنه يهدد الجزائر، وهذه سابقة في التاريخ. ثانيا، زادت حمى السعار منذ أواخر 2020، لما اعترفت إدارة ترامب بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وتواصل عمليات فتح القنصليات بالداخلة والعيون، والاعترافات بمقترح الحكم الذاتي، دون نسيان الإنجازات التنموية، التي تحققت في الأقاليم الجنوبية، وهذا عامل رئيسي أسهم في الإقبال الكبير من قبل السكان على المشاركة في انتخابات ثامن شتنبر الماضي. > لكن هذا العداء له جذور تاريخية مرتبطة بمرحلة ما بعد الاستقلال وحرب الرمال؟ > صحيح، لا يمكن فصل السياق التاريخي عن الشعور بالدونية من جانب النظام الجزائري، إزاء بلد له تاريخ عريق، وكانت حدوده تمتد من الحدود المصرية الليبية شرقا، إلى نهر السنغال جنوبا. ولما كانت الدول الأوربية تخطب ود المغرب لإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية، كانت الجزائر مجرد ولاية تابعة للإمبراطورية العثمانية. ويسعى النظام الجزائري من خلال الكذب على التاريخ، بالادعاء أن المغرب ترك الجزائر تواجه مصيرها لوحدها منذ الغزو الفرنسي في 1830، ولجأ إلى التفاوض المنفرد مع فرنسا في 1955، وترك الثورة الجزائرية تواجه لوحدها الاستعمار الفرنسي، ليطول أمد الصراع، إضافة إلى الزعم بأن اختطاف طائرة الزعماء الجزائريين الخمسة في أكتوبر 1956، تم بتواطؤ أحد رجال القصر، دون نسيان عذابات الضمير الجزائري التي خلفتها هزيمة حرب الرمال في 1963. > اختار حكام الجزائر الهروب من مواجهة أوضاعهم الداخلية المأزومة بالبحث عن مشجب خارجي. ألا ترون أن مصير خطاب الحرب هو الفشل، أمام إصرار الشعب على إقامة دولة مدنية؟ > في 2018، احتلت الجزائر الرتبة 105 من أصل 180 دولة في الشفافية، إذ لا تتجاوز نسبة الشفافية بها 35 في المائة، وشكلت إنجازات الطرق السيارة إحدى فرص اختلاس المال العام، على غرار صفقات التسلح التي جعلت الجزائر الأولى إفريقيا في اقتناء الأسلحة ومراكمتها. كما تعد الجزائر الرابعة عالميا في احتياطي الغاز والسابعة في احتياطي النفط، لكنها مازالت تعاني أزمة التوزيع غير العادل للثروة، واستفادة أشخاص منها بطرق غير قانونية. ويرجع تفاقم المشاكل الداخلية إلى عوامل عديدة، أبرزها التراجع الكبير لعائدات المحروقات، التي تشكل أزيد من 90 في المائة من مداخيل البلاد، والأزمة السياسية الناتجة عن التمديد لرئيس عاجز لعهدة جديدة، فوق كرسي متحرك. > كيف تقرأ تصعيد الحكام الجدد بعد رحيل بوتفليقة، ووصول عبد المجيد تبون إلى الحكم؟ > جاء الثلاثي الحاكم الفعلي، المتكون من الجيش والمخابرات وبقايا جبهة التحرير، بعد إعفاء بوتفليقة، برئيس جديد راهن على انتخابات تشريعية لتكسير شوكة الحراك، لكن الجزائريين كانوا في حالة يأس من حدوث أي إصلاح حقيقي، عكسه الصمت الرهيب، الذي دارت فيه الانتخابات، وظل صوت الحراك هو الحاضر، من خلال لافتات تحمل شعار «لا انتخابات مع العصابات»، وهي الانتخابات التي غابت عنها الأحزاب اليسارية والعلمانية، في حين حضر التيار الإسلامي. ورفع تنامي الحراك قلق السلطة، بعد وصوله إلى منطقة «القبايل»، حيث اتسعت الاعتقالات والأحكام في حق عدد من النشطاء، بلغ ألفين في ظرف أسبوعين، وحاولت النخبة السياسية المحيطة بالنظام، تلميع صورة الحملة الانتخابية، لكن دون جدوى، وتم إبعاد المعارضة عن الإعلام المرئي، وتجاوز عدد المعتقلين في عهد تبون ما سجل طيلة 60 سنة من حكم سابقيه. عمقت انتصارات المغرب الدبلوماسية والسياسية عقدة العسكر. كيف تقرأ عودته القوية إلى إفريقيا؟ > أعتقد أن عهد الملك محمد السادس تميز بإصلاح أخطاء فترة حكم والده، إن على المستوى الداخلي، مثل المصالحة مع شمال المغرب، أو على المستوى الخارجي، بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، بعد سنوات من الغياب استغلها النظام الجزائري لاستقطاب عدد من الدول للأطروحة المعادية للوحدة الترابية، مقابل شطب ديونها. ونجح المغرب في تنويع شركائه داخل القارة الإفريقية، وتمكن الملك من توقيع أزيد من ألف اتفاقية ضمنها اتفاقية مع نيجيريا التي شكلت دوما مع جنوب إفريقيا أهم حلفاء الجزائر. كما نجح في توقيع اتفاقيات مع إثيوبيا باستثمار فاق ثلاثة ملايير دولار، ومشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وهو ما أزعج الجزائر. وأبان المغرب كذلك عن حضور قوي في الشأن الليبي من خلال احتضان الحوار الليبي الليبي، الهادف إلى إعادة بناء الدولة الموحدة، كل هذا أزعج نظام العسكر في الجزائر. خيار الحرب مستبعد > اختار المغرب تجاهل تصريحات العدوان من قبل النظام الجزائري. هل تظن أن خيار الحرب وارد بين البلدين؟ > النظام الجزائري لا يولي اهتماما لدعوات المغرب المطالبة بفتح الحدود، وآخرها خطاب العرش في يوليوز الماضي، وفي المقابل، أعلن رمطان عمامرة، وزير الخارجية الجزائري يوم 24 غشت الماضي عن قرار قطع العلاقات مع المغرب، الذي رد بتأكيد موقفه الداعم لمصالح الشعب الجزائري. وقد بنى النظام قراره على مبررات أقل ما يقال عنها إنها قمة العبث، فلم يكن تاريخ الإعلان عن القرار بريئا، إذ جاء في ذكرى عملية أطلس أسني الإرهابية بمراكش يوم 24 غشت 1994، التي دبرتها المخابرات الجزائرية، وفقا لاعترافات كريم مولاي أحد رجالاتها السابقين. لقد دأب النظام الجزائري منذ1963 على افتعال المشاكل وتصديرها إلى الخارج في اتجاه المغرب وفرنسا، عملا بسياسة مؤسس الاستخبارات عبد الحفيظ بوصوف، القائمة على أن أسهل طريقة لحل المشاكل، هي تصديرها إلى الخارج، ولفت الأنظار عما يجري بالداخل، وهذا سلوك الأنظمة الدكتاتورية. إن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية نتيجة تهور نظام العسكر يبقى بعيد المنال، لأن العالم والمنطقة المغاربية يعرف أن تحولات جيوإستراتيجية تلعب كلها في صالح المغرب وملف وحدته الترابية. في سطور - من مواليد البيضاء - أستاذ باحث متخصص في الحركة الوطنية - أستاذ سابق بالمركز التربوي الجهوي درب غلف - حاصل على الدكتوراه في موضوع « مساهمة في دراسة الحركة الوطنية المغربية... مقاومة الدارالبيضاء 1952-1956. - صدر له «شهداء وجلادون... بحث في ذاكرة المقاومة والاضطهاد الحزبي» «الهلال الأسود... التأسيس والاستئصال 1953-1956 أجرى الحوار: برحو بوزياني

وحيد: انتصارات المغرب أججت سعار الجزائر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وردي: 800 كاميرا ستعزز المراقبة بالبيضاء

افتتاح فعاليات الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية بمشاركة مغربية

مقالات ذات صلة