خير النصوص وشر النفوس

شبح اندحار الأداء التشريعي في ظل قيادات تعتبر المقاعد غاية وليست وسيلة يواجه البرلمان الحالي تهم التخلي عن الشروط الكفيلة بتجنب شبح اندحار تشريعي ورقابي، بفعل تراجع بعض نواب الأمة والمستشارين عن أداء الأدوار المنوطة بهم على أكمل وجه، خاصة في ظل فرضية استمرار ظاهرة الغياب وغياب التقييم الحقيقي للسياسات العمومية والأداء المحدود للدبلوماسية البرلمانية. ومازالت السلطة التشريعية بعيدة عن طبيعة المقتضيات الدستورية الواردة في دستور 2011، التي جعلتها تضطلع بوظائف دستورية مهمة، لكن السلطات المخولة لها لم تنعكس على مستوى الممارسة التشريعية بشكل إيجابي، وهو ما يعبر عنه رشيد لزرق أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرية بأنه «عطل ليس في النصوص بل في نفوس»، في إشارة إلى وجود أميين كثر في صفوف النواب والمستشارين، هو واقع ينفي وجود إشكال في القانون كما يتم الترويج لذلك، بل يكشف عن واقع حزبي ومسؤولية من يعطي التزكية لمرشح يفترض فيه أنه ينزل مشروعا حزبيا. وتوجد مهام البرلمان في قلب جدل فقهي يذهب أصحابه حد ضرورة جعل شرط في الترشح للبرلمان يستوجب تحديد إلزامية أن يكون للمرشح مستوى تعليمي جامعي قصد الحصول على العضوية في المجلسين، بذريعة أن وظيفة المشرع لا تستقيم مع الجهل بالقانون. ورغم معقولية الطرح المذكور إلا أنه يتعارض مع الدستور، خاصة وأن الفقرة الأولى من الفصل 30 منه أعطت لكل مواطنة و مواطن، «الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية،والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية» . كما أن تقييد الترشح للبرلمان بشرط التعليم يتعارض مع الدستور لأن المؤسسة التشريعية وفق الخيار الديمقراطي توجب أن يكون المجلس مرآة تعكس المجتمع بكل فئاته المتعلمة وغير المتعلمة. ويصل النقاش المطروح إلى حقيقة مفادها أن سبب الضعف الوظيفي للسلطة التشريعية، العطب الذي يوجد في المنظومة الحزبية التي أوكلت لها صلاحيات تأسيس التعاقد الدستوري باعتباره مدخلا للإصلاح كما نصت على ذلك الفقرة الأولى من الفصل 7 التي تعتبر أن « الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية». ومن تجليات الضعف في البرلمان ومسبباته في الوقت نفسه، أن قيادات حزبية لا يهمها سوى جمع عدد من المقاعد وليس همها هل هؤلاء النواب والمستشارون قادرون على الدفاع عن مشروع حزبي، فلو كانت الأحزاب تتوفر على مشروع لتقلصت دائرة سيطرة المال الفاسد في منح التزكيات، ولتقوى الضغط في اتجاه تسريع وتيرة المتابعات في قضايا الفساد، خاصة في ظل واقع لا يخفي بيع التزكيات على حساب ترقي مكانة الأطر والطاقات والكفاءات. ويمنح الدستور للبرلمانيين وظائف كثيرة، لا تقتصر فقط على الرقابة من خلال توجيه الأسئلة الشفهية والكتابية، بل تتجاوز ذلك إلى مهمة التشريع ومناقشة مشاريع القوانين واقتراحها، وهي مأمورية تتطلب ، مجموعة من الشروط والمعايير، أهمها القدرة على الاقتراح والإلمام بالمشاكل المجتمعية ومناطق الفراغ القانوني، وأيضا القدرة على تكييف القوانين مع متطلبات التطور المجتمعي، وبما أن القيام بهذه المهام، يتطلب مستوى تعليميا عاليا، فإن بنية وهيكلة السلطة التشريعية تنعكس سلبا على مستوى الأداء حينما لا تتوفر فيه الشروط المهنية والتكوين التعليمي المطلوب. ياسين قُطيب

خير النصوص وشر النفوس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اليسار... الفرص الضائعة

سكان الحسيمة يطالبون بإبعاد لوبي العقار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات