في إمكانية التعايش العربي الإسرائيلي

د. مصطفى راشد في بداية تولي البابا فرنسيس مقاليد السلطة البابوية في دولة الفاتيكان في إيطاليا، كنت مدعوا لمؤتمر عن كيفية التعايش السلمي بين الأديان، في ضيافة البابا وبحضور توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، والعديد من الشخصيات الدولية المؤثرة في السياسة الدولية. وكان دوري في إلقاء كلمتي التي كنت سوف ألقيها بالعربية، لأنني لو ألقيتها بالإنجليزية، لن تكون بمثل دقة العربية، إلا أنه تقدم شخص في الحال لم أكن أعرفه من قبل وقال إنه سوف يتطوع مترجما من العربية إلى الإنجليزية، وبالفعل فعل المتطوع ذلك بدقة وبراعة وأمانة وأوصل فكرتي ومفهوم الإسلام عن احترام عقائد الآخرين وأن الإسلام الصحيح ينادي بحرية العقيدة ويؤمن بالمسيحية واليهودية بنفس الإيمان بالإسلام، وأن من قتل نفسا بغير نفس كأنما قتل الناس جميعا. ولأنني أعرف الإنجليزية، لاحظت أن الرجل المتطوع بالترجمة أمين في ترجمته. وفي البداية اعتقدت أنه من إخوتنا العرب، ثم عرفت بعد ذلك أنه الدكتور مردوخاي كيدار من إسرائيل، فشكرته (أصبح بعد ذلك زميلي في منظمة سفراء السلام العالمي التابعة للأمم المتحدة)، وشعرت وقتها بشعور قديم كان يوجد بداخلى رغم استشهاد سبعة من عائلتي فى حروب مع إسرائيل، وهو أن التعايش بين العربي والإسرائيلي أمر ممكن وبسيط وحتمي، ويجب أن يكون بشرط أن توجد الإرادة وأدوات ومعطيات صادقة على أرض الواقع، يلمسها الإسرائيلي والفلسطيني ويؤمن بها كلاهما. وكي يتحقق ذلك، نحن نرى أن تبدأ إسرائيل في إعلان مشروع سلام حقيقي يساوي بين الإسرائيلي والفلسطيني تماما، وأن تكون المشاركة السياسية وفي الانتخابات حقا يتساوى فيه الجميع، وإن كان مثل هذا المشروع سوف يواجه الكثير من الصعوبات في البداية، خصوصا من قبل المتطرفين من الجانبين، فبسبب غباء هؤلاء دامت حروب استمرت أكثر من 70 عاما دون تقدم خطوة واحدة، فكان لزاما عليهما التعايش السلمي والاندماج كمواطنين متساوين تحت أي اسم، وليكن الجنة الجديدة، لأن مشروع تقسيم فلسطين لدولتين لن يفيد أحدهما، فمساحة إسرائيل أو فلسطين صغيرة جدا، لكن بتعاون الكل وحب الكل للكل تكون مساحة كبيرة تحتوي الكل في حياة ومصير مشترك مثل كل البلاد متعددة الأعراق والديانات. فإذا كانت إسرائيل أو فلسطين بها 12 عقيدة، فأستراليا التي أقيم بها حاليا لديها أكثر من مائتي عقيدة وديانة، والكل يعيش في حب وسلام ومساواة، لوجود قانون يساوي بين الجميع ويعطي الحقوق للكل بالتساوي، رغم أنهم ليسوا أصحاب الأرض الأصليين، فأصبح أكثر من 80 جنسية وعرقا ولغة على أرض أستراليا يعيشون في حب للأرض التى تحويهم وتؤويهم وتحملهم، بغض النظر عن اسم الدولة واندماج مع المواطن الأصلي ( الأبورجنيل)، فالوطن هو الذي يقدم لي الأمن والعيش بكرامة وسلام ويوفر لي ولأسرتي السكن والطعام والأمان والعلاج والتعليم وفتح الطريق لمن يحمل الموهبة في أي مجال. لكن ما فائدة وطن صغير يتصارع أفراده على لقمة العيش مع وجود حكومة ديكتاتورية تسرق أموال الشعب وتتاجر بمعاناته ولا يجد سكنا أو علاجا أو طعاما أو تعليما. وعلينا أن ننتبه لوجود عائلات فلسطينية نصفها يحمل جواز سفر وجنسية إسرائيلية هم عرب 48 والنصف الآخر بغزة بجواز فلسطيني، لذا نحن نرى الانقسام والتقسيم ليس هو الحل الصحيح، ولكن الحل في دولة واحدة يتساوى فيها الفلسطيني والإسرائيلي ويكون الإنتماء للأرض والاسم المكتوب فى الجواز لن يضر ولن ينفع في ظل التساوي تحت ظل القانون، لأن دولة إسرائيلية أو فلسطينية لا تساوي ولا تعطي الحقوق والحريات ولا عدل فيها، يكون عدم وجودها أفضل مهما كان اسم هذه الدولة. وعلينا أن ننتبه أن الدنيا تتغير بسرعة فى ظل تكنولوجيا الفضاء والأنترنت ومشاركة من يعيش في القطب الجنوبي من يعيش في القطب الشمالي أفكارهم وتوافقهم في الرأي في قضايا الأرض مع من يعيش بأقصى الشرق ومن يعيش بأقصى الغرب، وسيأتي وقت تصبح فيه كل دول العالم متحدة تحت راية واحدة ورئيس واحد منتخب بغض النظر عن أصوله السابقة دون اعتبار لدينه أو جنسيته أو لغته الأصلية، مثلما يحدث في هيأة الأمم المتحدة. لذا نحن ننتظر مشروع سلام حقيقي من حكومة إسرائيل أو تقبل الحكومة منا نحن منظمة سفراء السلام العالمي التابعة للأمم المتحدة، أن نقدم هذا المشروع بمشاركة سفراء المنظمة من أبناء الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني وباقي شعوب العالم. ونحن مستعدون ومعنيون بمثل هذا المشروع بحياد وأمانة تحت مبادئ الضمير الإنساني وحق العيش بسلام، وهو ميثاق المنظمة. * (المنسق العام لمنظمة سفراء السلام العالمي)

في إمكانية التعايش العربي الإسرائيلي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العلاقات المغربية الإسبانية... بداية جديدة

الانتخابات وصناعة الأوهام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات