حصيلة الأولمبياد… ألعاب عجاف

مشاركة ضعيفة في أغلب الرياضات والبقالي يشكل الاستثناء بصمت الرياضية المغربية على مشاركة متواضعة في دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو، التي اختتمت، أمس (الأحد)، بعد اكتفائها بالرتبة 63 عالميا حسب الميداليات، بحصولها على ميدالية ذهبية واحدة. ولم تكن المشاركة المغربية بطوكيو في مستوى تطلعات الجمهور المغربي، والآمال التي عقدت عليها، من أجل تحقيق نتائج أفضل، بعد المجهودات، التي بذلت من قبل اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية. وخلفت المشاركة المغربية ردود أفعال غاضبة من قبل الجمهور المغربي، سيما أن أغلبها لم يستطع الصمود في وجه المنافسين، والبعض الآخر خرج بشكل مذل، أثار حفيظة الجميع، في مقدمتها الملاكمة التي أسالت الكثير من المداد. وينتظر الجميع تقييم حصيلة المشاركة المغربية من قبل المسؤولين، لوضع الأصبع على مكامن هذا الإخفاق. الملاكمة تسقط بـ "الكاو" سقطت الملاكمة المغربية سقوطا مدويا خلال دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو، بعد أن كانت الرياضة الوحيدة، التي حازت ميدالية نحاسية بدورة ريو دي جانيرو في 2016، بواسطة محمد ربيعي، في الوقت الذي عادت باقي الوفود خاوية الوفاض. واتضح أن سقوط الملاكمة ينطبق عليها المثل الشعبي، "من الخيمة خرج مايل"، في إشارة إلى الصراعات والمشاكل المثارة، بحكم عدم تمكن أي ملاكم من تجاوز الدور الأول، بعد أن مثل المغرب بسبعة ملاكمين. وتلقى الملاكمون المغاربة العديد من اللوم على المستوى الضعيف الذي ظهروا به في طوكيو، غير أن ما أثير حول مشاركة يونس باعلا، في وزن أكثر من 100 كيلوغرام، يبقى الحدث الأبرز في منافسات الملاكمة، الذي ميز أولمبياد طوكيو، بعد اتهامه بمحاولة عض منافسه الييلاروسي. كما شكلت مباراة محمد الصغير، التي عرت واقع الملاكمة المغربية، أحد أبرز المشاهد الصادمة في هذه الدورة بالنسبة إلى المغرب، بعد خروجه من الدور الأول بتوقيف من الحكم، وعدم تمكنه من الصمود إلى نهاية المباراة. واستأثرت الملاكمة المغربية باهتمام كبير قبل الألعاب وبعدها، بالنظر إلى التمرد، الذي قاده الملاكمون المغاربة، ورفضهم التوجه إلى روسيا للاستعداد، والشيء نفسه بعد نهاية المنافسة، إذ لم ترق إلى طموحات الشعب المغربي، الذي منى النفس بتحقيق إنجاز ريو على الأقل، سيما أن الملاكمين كان يتعين عليهم خوض مباراتين على الأقل لبلوغ الدور ما قبل النهائي. ضعف التنافسية طبعت المشاركة المغربية في دورة طوكيو تنافسية ضعيفة، بالنظر إلى خروج أغلب الرياضات الممثلة في الأولمبياد، وعددها 18 نوعا رياضيا من الأدوار الأولى، ولم تتمكن إلا رياضات قليلة من تجاوز الدول الأول، لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة. ومن أبرز الرياضات التي تمكن منافسوها من تجاوز الدور الأول فقط، التايكووندو وركوب الأمواج، إضافة إلى ألعاب القوى، التي تمكنت من إيصال عدائين إلى الدور النهائي، وبعض العدائين تجاوزوا الدور الأول، في الوقت الذي عانت فيه أغلب الرياضات عدم الصمود في وجه المنافسين. ولعب ضعف الاستعدادات دورا كبيرا في تدني مستوى المشاركة المغربية، بحكم أنها لم ترق إلى المستوى العالمي، إذ ساهمت جائحة كورونا في عدم تمكن جل الرياضات من خوض تجمعات ومباريات ومنافسات دولية خارج أرض الوطن، ودفعت الكثيرين إلى الاكتفاء بتجمعات محلية، غابت عنها مواجهة منافسين من أنحاء العالم، لتقييم مدى استعداد الرياضيين المغاربة. ووجهت انتقادات إلى أطر الجامعات الرياضية المغربية المشاركة في الدورة، بسبب عدم تقديمهم برامج تدريبية، تواكب التقدم الحاصل في مجال تخصصهم، إضافة إلى تطوير الجانب البدني لديهم، إذ ظهر على جل الرياضيين بطوكيو العياء، ولم يسايروا منافسيهم من حيث الصمود إلى الدقائق الأخيرة، فضلا عن ضعف الجانب التقني لدى الرياضيين، بعد أن انهزم بعضهم بأخطاء بسيطة، كما هو شأن أسماء نيانيغ، التي انهزمت في الدور الأول بخطأ تقني بسيط. القوى تنقذ الموقف في أغلب المشاركات بالألعاب الأولمبية شكلت ألعاب القوى الوطنية الاستثناء، إلا في الدورة الماضية، التي خرجت خاوية الوفاض، وإن كان الأمر ليس جديدا، بحكم أن دورات ماضية خرج منها المغرب دون ميداليات. ويعتبر الكثيرون أن ألعاب القوى أنقذت ماء وجه الرياضة المغربية، بعد أن توج سفيان البقالي بالذهبية في سباق 3 آلاف متر موانع، غير أن العديد يعتبرون أن مشاركة ألعاب القوى، لم تكن في المستوى، بحكم أن مجموعة من العدائين لم يحققوا ما كان منتظرا منهم، وينطبق هذا الأمر على رباب عرافي، التي واجهت مشاكل في 800 متر و1500، ليتبين أنها تدخل بدورها في خانة ضعف الاستعدادات. وجاء استثناء ألعاب القوى، بالنظر إلى أن أغلب العدائين تمكنوا من تجاوز الدور الأول، في 1500 متر ذكورا، وفي 800 متر ذكورا وإناثا، إضافة إلى وصول سفيان البقالي ومحمد تيندوفت إلى السباق النهائي في 3 آلاف متر موانع. ووضعت ألعاب القوى برنامجا، يهدف في الوقت ذاته، إلى منح العدائين الشباب الفرصة لكسب التجربة، والتحضير لأولمبياد باريس، سيما في 1500 متر و800، وهو ما يتعين الاشتغال عليه من الآن، من أجل دفعهم إلى تحسين مستواهم، والظهور بشكل مشرف في المنافسات المقبلة، والاشتغال للحصول على نتيجة إيجابية في بطولة العالم المقبلة بأوجين. وتبين أن إستراتيجية ألعاب القوى، تسير في الطريق الصحيح، من خلال التتويج بميدالية في دورة طوكيو، ومساهمتها في رفع العلم الوطني وعزف النشيد الوطني في سماء الملعب الأولمبي. دهشة البداية شكلت دهشة البداية، أحد العوامل المؤثرة على الرياضيين المغاربة، ليس فقط الجدد، والذين خاضوا التجربة لأول مرة، بل حتى بعض الرياضيين المتمرسين، الذين سبق لهم المشاركة في دورة ريو، خاصة الملاكمون، الذين أثارت مشاركتهم الكثير من التساؤلات، حول التراجع الملحوظ لمستواهم. ويمكن إجمال الدخول المرتبك للرياضيين المغاربة في المنافسة، إلى ضعف الإعداد الذهني، إذ غاب عن البعثة المغربية بطوكيو، مختص في هذا المجال، والاكتفاء بالاهتمام بالجانب البدني، بوجود بعثة طبية، أشرفت على الجانب العضوي، وعلى تحاليل الكشف عن فيروس كورونا من البداية. ولاحظ جميع المتتبعين، الارتباك الحاصل لجل الرياضيين، وضعف تركيزهم خلال المباريات، وعدم القدرة على الدخول في المنافسة من البداية، وانتظار مبادرة منافسيهم، قبل القيام بردة فعل متأخرة، ولا يبدون مقاومة، إلا بعد ضياع النقط في الجولات الأولى من النزالات، وهو ما لم يكن من الممكن تداركه، بعد فوات الأوان. ودفع ضعف التجربة لدى العديد من الرياضيين، إلى السقوط المبكر لأغلب الرياضيين، في السباحة والتايكووندو والكرة الطائرة الشاطئية والترياتلون والدراجات، التي شكلت أول المغادرين من دورة طوكيو، إضافة إلى رياضات الكراطي والملاكمة بالنسبة إلى البعض ذكورا وإناثا، والرماية الرياضية وكانو كايك، علما أن بعض الرياضات عرفت منافسة قوية مثل الفروسية وألعاب القوى، التي عانت المشكل ذاته في بعض التخصصات، سيما أن أغلب العدائين صغار السن، وجاؤوا من أجل اكتساب التجربة لدورة 2024 بباريس، باستثناء رباب عرافي وسفيان بوقنطار، اللذين يعدان من الجيل القديم. الجانب التنظيمي طالما اشتكت الرياضة الوطنية ضعف الاهتمام بالجانب التنظيمي، غير أنها في دورة طوكيو، سجلت تنظيما محكما من قبل اللجنة الوطنية الأولمبية الحالية، وتمكنت من بلوغ مستوى تنظيمي، يضاهي سابقتها، التي توفرت على أطر في المستوى الكبير، الشيء الذي يؤكد أن المسؤولين الحالين اكتسبوا تجربة بعد دورة ريو. لكن المشكل التنظيمي ظهر على مستوى الوفود الرياضية المشاركة، من خلال عدم أخذ الوقت الكافي للسفر إلى طوكيو، وتفادي إكراهات الفارق الزمني بين اليابان والمغرب، سيما أنه شكل أحد أبرز العوامل المؤثرة على مشاركة جميع الأنواع الرياضية. ولم يستطع الرياضيون التأقلم مع الأجواء المناخية، بعد أن تبين عدم استحضار هذا الجانب، أثناء تحديد رحلاتهم إلى طوكيو، وهو ما عجل بعودتهم سريعا، في الوقت الذي تعين عليهم وضع برامج تناسب ارتفاع الرطوبة ودرجة الحرارة، واختيار أماكن الاستعدادات باتباع أسلوب يعتمد آخر ما وصل إليه العلم الحديث. وأثار هذا الجانب اهتمام جميع الرياضيين، خاصة الذين يجرون المنافسات في الهواء الطلق، باستثناء رياضات فنون الحرب، التي أجريت منافساتها بقاعات مكيفة، ولا يؤثر فيها عامل الحرارة. لحظات مؤثرة عرفت المشاركة المغربية بطوكيو لحظات مؤثرة، امتزجت فيها دموع الفرح والخيبة، واختلفت فيها مشاعر الرياضيين، بين البكاء فرحا وبالفشل في تحقيق ما كان ينتظر منهم. ولعل أبرز اللحظات المؤثرة، تلك التي عرفتها ألعاب القوى، إذ في الوقت الذي ذرف فيها البقالي دموع الفرح أمام وسائل الإعلام الوطنية، بعد تتويجه باللقب الأولمبي، انهارت رباب عرافي بالبكاء على ضياعها حلما، لطالما سعت إليه. والشيء نفسه بالنسبة إلى أسماء نيانغ، لاعبة الجيدو المغربي، التي لم تستطع تمالك نفسها من البكاء، بعد فشلها في تجاوز الدور الأول، ورأت حلمها ينهار سريعا، رغم أنها ضحت من أجله عشر سنوات، وغادرت من أجله عملها وأهلها. ويبقى عزف النشيد الوطني ورفع العلم المغربي في سماء طوكيو، من أجمل اللحظات، التي عاشها المغرب في الأولمبياد، إذ لم يتمالك العديد من المغاربة مشاعر الفرحة، التي انتابتهم منذ ليلة التتويج. كما تقاسم الصحافيون المغاربة رفقة زملاء لهم من جميع أنحاء العالم، ورفقة البعثة المغربية مشاعر الفرحة وخيبات الأمل، والتحسر على المشاركة المخيبة لجل الرياضات، في الوقت الذي ينتظر الجميع الأمل في مستقبل بعض الشباب، الذين أبانوا إمكانيات عالية، وبصموا على مشاركات تعد بالكثير مستقبلا، إضافة إلى تقاسم لحظات مؤثرة مع الزملاء، الذين يخضعون للحجر الصحي بطوكيو، بسبب فيروس كورونا. ومن أبرز اللحظات المؤثرة، الصورة التي ظهر بها الملاكمون في الأولمبياد، وما خلفتها من ردود أفعال في العالم، والتضامن بين جميع أعضاء الوفد المغربي في القرية الأولمبية، وأثناء اللقاء في ما بينهم بقاعات التداريب، وأثناء اللقاء بالجالية المغربية المقيمة باليابان. إعداد: صلاح الدين محسن (موفد الصباح إلى طوكيو)

حصيلة الأولمبياد… ألعاب عجاف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

توخيل يحتفظ بزياش

25 ألف تسمم يستنفر الصحة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات