لهبيل: الرقمنة رهان حاسم في تكوين المهندس

مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية أكد أن مخطط الجيل الأخضر سيصبح رقميا أكد فريد لهبيل، مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، أن المؤسسة نجحت في ربط التكوين بحاجيات سوق الشغل، خاصة في كل ما يتعلق بمهن التحول الرقمي. وأوضح لهبيل في حوار مع «الصباح» أن شركات ذات صيت كبير ورائدة في الأمن المعلومياتي قررت إدماج العديد من مهندسي المدرسة في فرع لها بالمغرب. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: محمد المرابطي (وجدة) / تصريرأحمد العلوي لمراني > في البداية، نود معرفة دور المدرسة في تكوين المهندسين وعلاقتها بسوق الشغل بالجهة؟ > المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية مؤسسة مركزية وإستراتيجية في التكوين على مستوى الجهة، أولا وعلى مستوى الوطني، وطبعا هي المدرسة الوحيدة التي تكون مهندسين في مجالات علمية، كالهندسة الصناعية أو الكهربائيةوفي مجال علم البيانات الرقمية...الخ. بعد تعييني بالمؤسسة منذ ثلاث سنوات،اكتشفت أنها منغلقةنسبيا على نفسها، لذا عملنا على الاهتمام بثلاث ورشات، أولاها العمل على إيجاد توافق بين التكوين، وما يتطلبه سوق الشغل، وثانيها انفتاح المؤسسة على العالم السوسيو اقتصادي والمحيط عامة، وثالثها إمكانية الولوج دوليا إلى تطوير مهارات تقنيات التواصل وغيرها، على اعتبار أن هذه المحاور الثلاثة، هي الأهم في تكوين المهندس المستقبلي. أما في ما يتعلق بمسألة التوافق بين التكوين وسوق الشغل، فكانت لدينا شعب موجودة،حافظنا عليها ووطدناهاوضبطناها أكثر،ولكن أحدثنا ثلاث شعب جديدة في مجالات الرقمنة، لأنها مهمة جدا،كي يتحقق التحول الرقمي، وربما ستلاحظون أن جائحة «كوفيد 19» أظهرت أن الدول التي صمدت وقاومت فعلا، هي الدول المتقدمة في مجال الرقمنة، وهذا أمر مهم، وسيعزز فكرة التوجه نحو تعزيز ثقافة الرقمنة في التكوين، لدى مدرسة المهندس. لذا، أحدثنا ثلاثة تخصصات جديدة، هي شعبة علم البيانات الرقمية وشعبة الأمن المعلومياتي وشعبة متعلقة بأنترنيت الأشياء (IOT )، ولاحظنا فعلا أن هذه الشعب شهدت إقبالا كبيرا من قبل الطلبة في المدرسة، وهي شعب مطلوبة جدا في عالم الشغل. > ماذا عن إدماج الخريجين المدرسة في سوق الشغل؟ > بصراحة الأمر مشجع جدا بالنسبة إلى عدد من التخصصات والشعب، وبالنسبة إلى التخصصات الرقمية التي تم إحداثها، أتوقع، حسب المعطيات المتوفرة لدي من خلال الشركات التي أعرفها، أن يرتفع منسوب التشغيل بشكل كبير . ولابد من الإشارة إلى أن بعض التخصصات بالمدرسة لم تعد تساير سوق الشغل بالمستوى المطلوب، فنحن نهدف إلى ربط التكوين بسوق الشغل أساسا، وهناك آفاق واعدة في المجال الرقمي، ولابد للمؤسسات أن تولي اهتماما للتوظيف الرقمي في التسيير والتدبير. >كيف تتعامل الشركات مع مدرسة توجد بعيدة عن مركز النشاط الاقتصادي بالبيضاء؟ > التعامل موجود وهذا أمر مؤكد، وقد ربطنا علاقات تعامل وتشارك قوية، حتى أن شركات ذات صيت كبير في هذا المجال ورائدة في الأمن المعلومياتي على سبيل المثال، قررت إدماج العديد من المهندسين،وربما أكثر من إمكانيات المدرسة، حسب مسؤوليها الذين يتابعون بشغف مستوى التكوين في هذه المجالات الجديدة. وهناك على سبيل المثال شركة متعددة الجنسيات ورائدة في المجال الأمن المعلومياتي، لها حضورقوي في عدد من الدول الكبرى، أعربت عن رغبتها في توظيف عدد من المهندسين، من خريجي المدرسة، لأنها ترغب في فتح فروع لها بالمغرب. ورغم تنسيق المؤسسة مع مراكز مختلفة ومختصة في تشجيع الاستثمار إيجاد أنشطة اقتصادية، إلا أن هذه الشركات الرقمية تفضل التعامل مع مهندسين في المؤسسة، لأنها ترغب في توظيف كفاءات وأصحاب شهادات محددة، حتى تضمن التخصص الدقيق المطلوب لديها . > هل ترون أن التكوين بالمدرسة سيساعد فعلا على الحضور الفعال للطالب المهندس بهذه المؤسسات؟ > نعم، وهذا أمر لا شك فيه، حتى أوضح لكم الأمر بشكل أفضل، فالتكوين ليس هو مجزوءات وأطر تدريس فقط، بل أعمق من ذلك، ونشترك جميعا في تكوين المهندس بشكل أو بآخر، فهذه الشركات التي ذكرتها تراهن على هذه الشعب التي أحدثناها، ونجد لديها فعلا رغبة في تقديم المساعدة في الدروس والتكوينات، حتى أن إحداها قررت استقبال كل طلبة السنة الرابعة والخامسة للتدريب لديها، والمدرسة تشتغل لفائدة الجميع بمصاحبتهم، وتضع رهن إشارتهم هذه التكوينات بالطبع . المدرسة في خدمة الفلاحة > ذكرتم سابقا أن المدرسة منفتحة على محيطهاالسوسيو اقتصادي، اين وصلت علاقات التعاون؟ > سأكون دقيقا في هذه النقطة، مع تقديم نماذج إن سمحتم، طبعا الجهة الشرقية تختلف نسبيا عن بعض الجهات المتقدمة، ولكن هناك فاعلين اقتصاديين مؤسساتيين يتعاونون مع المدرسة، مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي لم يبخل مطلقا علينا، في أي دعوة للمصاحبة والدعم، وكذا عدد من المؤسسات الترابية كمجلس الجهة، إضافة إلى مصاحبة ودعم المركز الجهوي للاستثمار. وصراحة كل هذه الفعاليات، لم تتردد في دعم المدرسة، وتسجيل حضورها إلى جانبنا، واسمحوا لي أن أقدم مثالا أعتبره نموذجا ناجحا جدا، باعتبارالمجهود المبذول فيه ونتائجه الكبيرة، وهو ميدان الفلاحة الذي يعتبر نشاطا رئيسيا بجهة الشرق، لأن برنامج المغرب الأخضر أحدث البنية التحتية كالسدود والقنوات على سبيل المثال، لكننا نحتاج حاليا للفلاحة الرقمية التي ستكون السوق المستقبلية. وحسب تقديري الشخصي، فبرنامج الجيل الأخضرسيصبح رقميا ، لذا فنحن في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة استبقنا هذا الأمر، ونظمنا ملتقيات وورشات لتبادل المعرفة ضمت عددا من الفاعلين في المجال الفلاحي، لتحديد نوعية العوائق الملحوظة في باب التسويق وخرجنا بخلاصات، وبمشروعين أولهما يتعلق بتحسين عمليات الري، وكذا تتبع ومراقبة الغطاء النباتي والمراعي وهذه مهمة للتركيز عليها،فنحن نشتغل مع الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وكذا مع وكالة التنمية الرقمية بالمغرب، وكذا مع الجمعية الوطنية لمربي الأغنام التي لها وزن مهم على صعيد هذا الأمر، وهذا ما يدل على أننا نشترك في عملنا مع كل الفاعلين في الميدان الأنسب للتعاون، لذا فقد أحدثنا ورشات فلاحية مع الفاعلين في هذا الميدان. وبالمناسبة، سوف تظهر قريبا منصة إلكترونية للتجارة الرقمية من أجل تسويق المنتوج الفلاحي، تضم مركز برمجيات الحاسوب التابع للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وقد تمت دعوة المدرسة لتقديم شهادة في الموضوع بالمجلس الإداري للوكالة. فالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة تدرك أن الفكر الرقمي يجب أن يعمل بقوة خارج المؤسسة، لأن الذكاء الرقمي يقتضي توظيفه لحل الإشكالات في الواقع الحياتي الإنساني وتلبية الحاجيات، وفعلا، اقترح الفرع المغربي لمنظمة الأغذية والزراعة الحصول على نموذج المنصة المحدثة للتسويق الفلاحي، لتعميمها بكامل التراب المغربي، وكذا بإفريقيا. تشجيع الابتكار > كيف تنظرون للتحولات التي تعرفها الجهة، وحاجياتها من الكفاءات والموارد البشرية المؤهلة ؟ > بالطبع، عرفت الجهة تطورا كبيرا على مستوى البنيات التحتية، إذ هناك استثمارات ضخمة خاصة في مجال النقل الجوي بمطاري وجدة والعروي، أضف إلى ذلك مشروع الميناء بالناظور، الذي سيمنح دعما حقيقيا للمشروع الاقتصادي للمنطقة، وتزايد عدد المنشآت الفندقية والسياحية، دون أن ننسى التطور الملحوظ في الطرق السيارة والمزدوجة، حيث تتوفر المنطقة في كل جغرافيتها حاليا على شبكة مواصلات جيدة . واعتقد أن الرقمنة هي رافعة تنمية جميع هذه القطاعات، ونحن في المدرسة تتوفر لدينا خدمات من الممكن تقديمها في هذا الشأن، ومن الممكن أن تشكل قيمة مضافة حقيقية سواء في ما يتعلق بالسياحة أو النقل أو غيرهما. فكل القطاعات معنية بالرقمنة، وبالتالي من الواجب على المعنيين بالأمر بالجهة، التفكير بجد في إحداث برنامج، أو مرصد جهوي يمتلك رؤية وإستراتيجية، ومنهجية لتفعيل كل القطاعات رقميا. إن ثقافة فهم الرقمنة مازالت ضعيفة، فأغلب الناس يعتقدون أن الرقمنة هي تكديس الوسائل، بينما الرقمنة في الحقيقة، هي فكرة مبتكرة، وإستراتيجية لما نطمح إلى الوصول إليه. بالطبع تأتي الوسائل المادية لاحقا، فميدان الرقمنة يحتاج إلى حاملي المشاريع، على عكس باقي القطاعات، وأتصور شخصيا الصعوبات الكبيرة التي سنصادفها، إن لم يكن هناك حامل للمشاريع يعرف جيدا قيمة المشروع، ويسهر على الاستراتيجية. وسارعت وزارة التعليم العالي بإحداث القطب الرقمي وهيكلته، وهو عمل تنبغي مواكبته، واعتماد آليات لتقويته وتفعيله، وهذا دور التقني والمهندس. وهناك مشكل يتعلق بالتباين بين التكوين التقني الجيد نسبيا، والتوفر على باقي المهارات والكفاءات التكميلية، مثل تملك مهارة الذكاء الاجتماعي، الذي سيساعد المهندس على فهم ثقافة الآخر، وإلا سيجد صعوبة في التعامل مع محيطه، خاصة أن ثقافة العولمة تفرض ذلك. شراكات وانفتاح > أحدثتم داخل المدرسة ورشة للشراكات والانفتاح على التكوين خارج الوطن. ما هو نوع الشراكات وأهميتها بالنسبة إلى المهندس؟ > صحيح هذا الأمر، لأنه حيوي بالنسبة إلى الطالب المهندس وللمدرسة كذلك بالنسبة إلى الانفتاح على اكتساب المهارات عن طريق التنسيق الدولي، وقد تم تعزيزه وتقويته في السنوات الثلاث الأخيرة، لذا فطلبة السنة الرابعة بمدرستنا يمكنهم إتمام تكوين السنة النهائية بالخارج أو عن طريق الحصول على الدبلوم المزدوج. نظام رقمي بوجدة *كيف تتصورون مستقبل التحول الرقمي بالجهة؟ * هناك نظام ترابطي رقمي بوجدة وبجهة الشرق عامة، وتوجد في قلب تطويره المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة، التي تلعب دورا محوريا في تنشيط وتنظيم ما يتطلبه العمل مع الشركات التي تهتم بهذا المجال. وأنا متفائل جدا بالتطور الحاصل في اكتساب الرقمنة والعمل من اجل تعميمه،ومثالي في ذلك بركان التي أصبحت تشجع على تقوية حضور طائرات «الدرون» المسيرة في العمل والفلاحة والمراقبة المجالية وغيرها،وهذا ما دفعني إلى العمل مستقبلا على مشروع إحداث مركز جهوي للكفاءات حول الطائرات المسيرة، الذي سيحتاج إلى تأطير قانوني، وسوف يكون مهما جدا، ونحن في انتظار الموافقة الرسمية على المشروع للشروع في تفعيله على أرض الواقع.

لهبيل: الرقمنة رهان حاسم في تكوين المهندس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لفتيت يمنع الولاة والعمال من العطلة

حرب اللوائح الانتخابية تستعر

مقالات ذات صلة