بيع مفروشات ومعدات لعيون “الحولي”

أرباب أسرمعوزون يفعلون المستحيل هربا من نظرات الجيران «اللهم نبيع حوايجي ولا نولي ضحكة العادي والبادي»، «على قبل فرحة دراري الصغار غانكريدي باش ما نخليش ولادي بلاش»، «مع هاد الأزمة غانبيع فراش الدار ومانبقاش بلا عيد»... من بين العبارات التي أصبحت حديثا يوميا بين الأزواج المنتمين إلى فئة الفقراء والمعوزين والمتضررين من جائحة كورونا. مع حلول تباشير عيد الأضحى، تلجأ عدد من الأسر الفقيرة إلى بيع ما تملك لتدبر مصاريف اقتناء كبش العيد، ورغم الإحراج الذي يسببه لجوء بعض الأشخاص إلى عرض أثاث البيت بالأسواق وفي الشارع العام، إلا أن توفير مبلغ مالي يغنيهم عن التسول ويقيهم شماتة الأعداء وسخرية الجيران، يجعل رب الأسرة يبيع ما يملك، من أجل شراء الأضحية لإسعاد أطفاله وإحياء مناسبة "العيد الكبير" الذي لا يمكن تأجيله مهما كانت الظروف. ضنك العيش العربي، رب أسرة، يبلغ من العمر 47 سنة، يشتغل رصاصا، ويقطن ببيت متواضع بليساسفة بالبيضاء، اعتاد تدبر مصاريف اقتناء كبش العيد ولوازمه من توابل ومواد غذائية وفحم، بالموازاة بين ما تمكن من جمعه من مهنته وبين ما اقترضه من أصدقائه المقربين وإكراميات عدد من زبنائه الذين يتعاطفون معه. ولأن العربي كباقي المغاربة يصر على التشبث بطقس العيد رغم الصعوبات المالية والمشاكل الصحية وقلة ذات اليد، اضطر هذه السنة بسبب تداعيات جائحة كورونا، إلى التوجه إلى جنبات سوق "ولد مينة" بالحي الحسني لبيع أثاث المنزل وبعض الملابس، لشراء كبش العيد. وكشف العربي في تصريح ل"الصباح"، أن لجوءه إلى بيع أثاث البيت وملابسه الخاصة وبعض الأشياء الثمينة، يعود إلى رغبته في توفير بعض المال لاقتناء أضحية العيد، في ظل غياب دخل مادي مستقر، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار الأضاحي التي تأتي للموسم الثاني في ظل جائحة كورونا التي أزمت وضعية الأغنياء فما بالك بالفقراء وذوي الدخل المحدود. سؤال معلق وجوابا عن سؤال لماذا يحرص المغاربة خاصة الطبقة الفقيرة على التضحية بالغالي والنفيس من أجل اقتناء كبش العيد، رغم أن الإسلام دين يسر أعفى من لم يستطع إحياء السنة المؤكدة، أوضح المتحدث نفسه الذي كان يغالب دموعه "قدسية العيد الكبير تجعلنا لا نستسلم للحالة المادية مهما كانت متأزمة، كما أن الأضحية لدى مغاربة اليوم إما أن ترفع مقامك أو تنتقص من مكانتك أمام الجيران". وأضاف الأب لثلاثة أطفال، "اللهم نبيع حوايجي وفراش الدار ولا نولي ضحكة وسط الجيران، كون كنت بوحدي ما نتسوقش ولكن اللي عندو الدراري الصغار وما ضحاش راه غايولي شوهة وسط الحومة والعائلة"، مضيفا "نعيش تحت رحمة مجتمع يهتم بالمظاهر، ولأنني لا أرغب في رؤية أبنائي يعيشون نوعا من الكآبة لأن أطفال الحي سينظرون إليهم على أنهم فقراء ويصبحون عُرضة للسب والسخرية، أفضل أن أبيع ما أملك حتى لا أرى دمعة واحدة من مقلتي فلذات كبدي ولكي لا أهدم مقومات بيتي باعتباري رب أسرة تعول علي من بعد الله". هموم العيد ليس العربي الكائن بليساسفة، من يعاني مع حلول تباشير عيد الأضحى، فالوضع نفسه يعيشه إدريس الشاب الثلاثيني الذي يعمل موظفا بشركة خاصة بسيدي معروف، والأب لطفل يبلغ من العمر 5 سنوات، الذي يلجأ إلى طريقة مختلفة عن العربي لتدبر مصاريف كبش العيد. وكشف إدريس، أن الحمل الثقيل بالنسبة إلى معظم الأسر خاصة منها الفقيرة والمتوسطة الدخل، هو كيفية اقتناء كبش العيد، مشيرا إلى أنه رغم اشتغاله بشركة خاصة إلا أن أجرته لا تكفيه باعتباره يكتري شقة ب3000 درهم إضافة إلى مصاريف الكهرباء والماء والمواد الغذائية والتي يحتاجها بيته الصغير ومصاريف التنقل وملابسه وحاجيات زوجته وطفله وبعض الكماليات من التنزه خلال العطل الأسبوعية. تفاديا للقيل والقال أوضح إدريس أنه تجنبا للقيل والقال في حال لم يقتن الأضحية وكذا سخرية عائلته وما يمكن أن يتسبب في حدوث مشاكل مع زوجته تهدد استقرار أسرته الغالية، فإنه التجأ إلى الاقتراض من البنك رغم تبعات "الكريدي" لتوفير مصاريف اقتناء الأضحية وباقي مستلزمات العيد. وشدد إدريس على أنه رغم إيمانه بأن عيد الأضحى سنة مؤكدة وليس فرضا لمن لم يستطع إليه سبيلا، إلا أنه لا يقدر على التخلف عن هذه الشعيرة، مضيفا "يصعب في ظل تحول العبادات إلى عادات إقناع مجتمعنا المغربي بعدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لأنهم يرون أن ذبح الأضحية شيء مقدس مهما كان الثمن، لذلك اللهم نتسلف ونتكلف ولا نولي ضحكة وسط الجيران والعائلة، حتى أتخلص من نقاش "واش شريتي الأضحية ولا موحال غاتعيد؟" محمد بها

بيع مفروشات ومعدات لعيون “الحولي”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإعدام لقاتل شقيقتيه وابن بالتبني بمكناس

الوداد يرجئ احتراف الحسوني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات