“شناقة” خربوا قطاع الدواجن

مربو الدجاج يعتبرون أنفسهم ضحايا إلى جانب المستهلكين مطالبين بوضع حد لفوضى التلاعب بالأسعار «ولينا مهددين بالحبس والسيزي»... "بعنا كاع الأملاك ديالنا غير باش ما نحطوش إدينا"، من بين العبارات التي حملتها صرخات عدد من مربي الدواجن الذين قالوا وهم يغالبون دموعهم، إنهم يتأسفون لحال إخوانهم المربين الذين دخلوا السجن، معلنين مواساة أسرهم المكلومة، متمنين الافراج عن باقي المبحوث عنهم، بعدما تسبب تدهور قطاع الدواجن والفوضى التي تنهكه في سجن عدد كبير من المستثمرين "الكسابة" وإفلاس آخرين. إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد الحق خليفة) قال عبد الله العبداوي، مربي دواجن بالجديدة، ونائب رئيس المكتب الجهوي بالسوالم للجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، إن السجن أو الإفلاس أصبحا شبحا يطارد المربين في حياتهم اليومية، مشيرا إلى أن الجميع في قاعة الانتظار بسبب عدم تحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأضاف العبداوي، في تصريح ل"الصباح"، "عكس ما يُشاع حول أننا نستفيد من غلاء وارتفاع أسعار بيع الدجاج وضرب القدرة الشرائية للأسر خاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة، فإن الحقيقة الضائعة تتمثل في أننا نعاني أيضا، إذ نتحمل تكاليف عالية لإنتاج دجاج ذي جودة مطلوبة عن طريق اقتناء الأعلاف التي تنهك ميزانيتنا، قبل أن نصدم أثناء التسويق بضربات قوية من قبل الدخلاء على الميدان والسماسرة الذين يخفضون ثمن البيع بأساليبهم قبل الاستفراد في عملية التوزيع لرفعه مرة أخرى إلى أن يصل إلى المستهلك بضعف الثمن الذي تم به بيعه من قبل المربين، وهو ما يجعلنا والمستهلكين من الضحايا على وجه سواء". غياب المعطيات من بين المشاكل التي يعانيها المربون، غياب المعطيات والمعلومات الضرورية حول وضعية السوق، إذ أكد المتضررون أنهم يتوصلون بمعلومات مضمونها أن كمية "كتاكيت دجاج اللحم" قليلة بالسوق، وهو ما يشجع "الكسابة» على شرائها من أصحاب «المحاضن» بهدف تربيتها لتصير دجاجة في أفق إعدادها للتسويق. وكشف العبداوي أن المربين بعد مجهوداتهم الجبارة التي تتمثل في إيلاء عناية خاصة ب»الكتاكيت» سواء من ناحية الأكل أو التطبيب أو توفير ظروف التربية بالاعتماد على تقنيين محترفين، يصدمون خلال عملية التسويق، أن هناك فائضا في إنتاج الدواجن أغرق السوق، ما يدفعهم إلى بيعها بثمن أقل في سوق الجملة أو لبعض المشترين الذين هم في الواقع سماسرة، ما يكبدهم خسائر جسيمة. الحقيقة الغائبة من بين الحقائق التي يعتبرها مربو الدواجن ضائعة بين ثنايا السوق السوداء وتواطؤ أصحاب "الفلوس" أو ما يطلق عليه "كتكوت دجاج اللحم" أي الموجه للاستهلاك وليس لإنتاج البيض، أن المربين أسرى للعرض والطلب، اللذين يتحكمان فيهم ويحولانهم إلى ضحايا وسطاء وموزعين يبحثون عن الأرباح بأي طريقة كانت. وقال محمد ميدو، مربي الدواجن بمنطقة البئر الجديد، إن الدجاج يباع في المعدل بسعر ما بين 10 دراهم ونصف و 11 درهما ونصف للكيلوغرام ويجب أن يصل إلى المستهلك بـ13 درهما، لكن المشتري يتفاجأ أن الثمن لدى تجار التقسيط يتراوح ما بين 16 درهما و 17، ما يعني أن السماسرة والوسطاء يحصلون على ستة دراهم ربحا. ووجه ميدو أصابع الاتهام إلى غزو السماسرة والوسطاء لهذا القطاع، مشيرا إلى أن ذلك أثر على ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلك المغلوب على أمره وتسبب في خسائر جسيمة بالنسبة إلى المربين الذين يتحملون تكاليف غالية في الإنتاج قبل أن يصدموا بانخفاض ثمن البيع في سوق الجملة، مضيفا "بعد أن تصل تكاليف الإنتاج في الضيعة ما بين 14 درهما إلى 15 يضطر المربي إلى بيع الدجاجة بين 10دراهم ونصف و11 درهما ونصف، وهو ما يعني البيع بالخسارة تفاديا لخسائر كبرى يمكن أن تعصف بمشروعه». وكشف المتحدث نفسه، أن جودة الأعلاف تتحكم في مدة تربية الكتاكيت لتصير دجاجا قابلا للتسويق، مشيرا إلى أنه في حال التوفر على أعلاف ذات جودة فإن مدة التربية لا تتجاوز 40 يوما، في حين إذا كانت متوسطة الجودة فإن مدة "الكسيبة والتربية" تتجاوز 50 يوما، وما يعنيه ذلك من مصاريف أداء أجور العاملين والمأكل والتطبيب وغيرها. مضاربات وضيعات عشوائية يعاني المربون بسبب انتشار الضيعات العشوائية التي تربك حسابات إنتاج "كتاكيت اليوم الأول" وبالمقابل فإنهم يخضعون للمراقبة الصارمة وتطبيق القانون 49/99 المنظم للقطاع ، فقط على الضيعات المرخصة والتغاضي عن الضيعات العشوائية التي تعتبر سوقا إضافيا غير خاضع للضبط. وأماط المهنيون اللثام عن جرائم إغراق سوق الجملة بما يسمى ب"الدجاج البياض" الذي انتهت وظيفته في إنتاج البيض، بأسعار زهيدة مما يشكل منافسة غير شريفة للمنتوج الأصلي المخصص للاستهلاك، في حين أنه في بعض الدول المتحضرة يوجه هذا النوع من الدجاج إلى التحويل الصناعي لأعلاف الكلاب والقطط ومختلف أنواع الحيوانات اللاحمة. وأشار ميدو إلى أنه لا يمكن وضع الإنتاج في سكته الصحيحة واستقرار أسعار الدجاج، إلا بتحرك السلطات المسؤولة من وزارة ومصالح تابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) بتنسيق مع السلطات المحلية، للقيام بتحركات ومراقبة مكثفة لأماكن تربية الدجاج، لمحاربة الضيعات العشوائية وغير المرخصة التي تعمل لإنعاش السوق السوداء، تزامنا مع تسويق المنتوج الذي يعرف عمليات مضاربة للتلاعب في ترويجها وتوزيعها، حتى يتم زجر المخالفين لمقتضيات القوانين المعمول بها في هذا الصدد والتصدي لهم. مطالب مستعجلة من المطالب الأخرى التي يشدد عليها المربون، رفع الرسوم الجمركية على الأعلاف والمواد والآليات والأدوية التي تستعمل في تربية الدواجن، وكذلك إلغاء الضريبة على القيمة المضافة التي تشكل 10 في المائة من ثمن الأعلاف، تضامنا مع المربين في هذه الأزمة الخانقة المترتبة عن تداعيات كوفيد 19 وارتفاع المواد الأولية المستوردة، كما يطالبون بتفعيل البرنامج المركزي لمراقبة الكتاكيت لدى المحاضن وتتبع مسارها والتشدد في تطبيق الفراغ الصحي لدى الضيعات المرخصة بعد محاربة الضيعات غير المرخصة. وشدد مربو الدواجن على أنهم يساندون تحركات الجهات المسؤولة حتى يتم رفع الضرر عنهم، مؤكدين أنهم يشكلون الحلقة الأضعف في القطاع وتسويق المنتوج للمستهلك بثمن معقول يراعي قدرته الشرائية، باعتبار الدجاج مادة أساسية ومصدرا لبروتين رخيص الثمن. والتمس المربون من الجهات الوصية ضرورة وضع إستراتيجية وطنية للخروج بالقطاع من هذه الأزمة المتفاقمة على أن يكون المربي المهني الشريك الأساسي في تسطيرها لضمان تنفيذها على نحو أفضل، "بعد أن صنف قطاع الدواجن ضمن القطاع الفلاحي فإننا نطمح للاستفادة من الدعم إسوة بإخوتنا الفلاحين"، مشددين على أنهم سيظلون جنودا مجندين متفانين في تأمين الأمن الغذائي خدمة للوطن. فوق طاقتك لا تلام إذا كان ارتفاع أسعار الدجاج بشكل صاروخي في أسواق المدن، تجاوز حاجز 17 درهما للكيلوغرام، بعدما كان المعدل في حدود 13 درهما، في رمضان الماضي، ما جعل المستهلك يوجه أصابع الاتهام إلى مربي الدواجن، باعتبارهم يستهدفون المس بالقدرة الشرائية للمواطنين المغلوبين على أمرهم، فإن عددا من مهنيي القطاع أوضحوا أنهم غير مسؤولين عن تلك الزيادة الصاروخية، باعتبارهم أيضا ضحايا لجشع مضاربين ولوبيات تبحث عن الربح والاغتناء السريع. وشدد المربون على أنهم تحملوا خسائر كبيرة طيلة جائحة كورونا لسنة ونصف سنة، ما جعلهم يتضررون كثيرا من ذلك، مشيرين إلى أن الوسطاء ساهموا بشكل كبير في تضارب أثمنة الدجاج بالتقسيط، وهو ما يقتضي التعجيل بحماية "الكسابة» من تلاعبات المتطفلين على القطاع قبل فوات الأوان، مادام أن للصبر حدودا. كما أن الجهات الوصية تدخلت بعد أزمة كورونا وضغطت على المحاضن للوصول إلى اتفاق لضبط مستوى العرض والطلب الخاص بـ"كتاكيت اليوم الأول"، لكن المربين تفاجؤوا خلال مارس وأبريل الماضيين، بإخلال المحاضن بهذا الاتفاق وإغراق السوق بعدد كبير من الكتاكيت يفوق الطلب، ما عمق أزمة المربين. ويشدد المربون على الجهات الوصية بضرورة تطبيق مضامين الاتفاق وتمديده سنة أخرى حتى تنجلي الأزمة. التلاعب في إنتاج "الكتكوت" يعاني مربو الدواجن بسبب الارتفاع المهول لأسعار الكتكوت، التي تزامنت مع تزايد أثمنة الدجاج في السوق خلال الفترة السابقة، بفعل استغلال المحاضن للطلب الكبير على الكتاكيت الذي أججت الإشاعة التي تفيد أن المحاضن ملتزمة بالاتفاق أملا في تعويض جزء من خسائرهم، قبل أن يجدوا أنفسهم ضحية للمضاربة في الأسعار. وأوضح مربو الدواجن أن سعر «كتكوت اللحم" يتراوح ما بين خمسة دراهم و6 دراهم ونصف درهم، في السوق السوداء في غياب لتطبيق القانون الملزم للمحاضن بعدم بيع الكتكوت إلا للضيعات المرخصة، ما فتح الباب للسماسرة للتلاعب بالأسعار، واستغلال تهافت المربين على الكتكوت بعد أن بدت لهم بعض بوادر الانفراج. كما لفت أعضاء الجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، الانتباه إلى أن الزيادة المذكورة غير مبررة، خصوصا في المرحلة الحالية، التي عرف فيها المربي انتكاسات كبيرة جراء تداعيات أزمة كورونا، وما خلفته من خسائر مادية على المربين وضرب القدرة الشرائية للمستهلكين على حد سواء. وحذر عدد من مربي الدواجن من تداعيات مناورات اللوبيات التي تجمع بعض أصحاب المحاضن والسماسرة، خاصة وأن لا أحد يعرف الأرقام الحقيقية لعدد «كتاكيت اللحم" الموجودة الآن. وأورد المصدر نفسه أن مربي الدواجن يعيشون هذه الأيام بين مطرقة انخفاض أسعار بيع الدجاج في أسواق الجملة، وسندان ارتفاع أثمنة «كتكوت اللحم"، ومضاربات السماسرة، وهي العوامل التي زادت من تفاقم معاناة المربين، الذين عانوا الأمرين، طيلة سنة ونصف جراء تداعيات كورونا، وما تلاها من خسائر مادية جسيمة تنذر بكارثة ستنعكس سلبا على الأمن الغذائي للمغاربة. إفلاس وسجن كشف عدد من المربين وهم يغالبون دموعهم في حديث ل"الصباح"، أن هذا الوضع أدى إلى إفلاس العديد من «الكسابة» ودخول نسبة منهم في مشاكل مع البنوك بسبب القروض التي حصلوا عليها، وهو الأمر الذي دفع أغلبهم إلى وقف إنتاج الدجاج أو تخفيضه. وأشار العبداوي نائب رئيس المكتب الجهوي للسوالم للجمعية المغربية لمنتجي لحوم الدواجن APV ، إلى أن عددا من مربي الدواجن استبشروا خيرا بالرفع التدريجي للحجر الصحي عن المغاربة والسماح باستئناف أنشطة الأعراس والحفلات والتجمعات والمطاعم والأسواق، لتعويض الخسائر التي تكبدوها طيلة جائحة كورونا، قبل أن يصعقوا بوضع مؤلم يتمثل في لجوء عدد من أصحاب محاضن «كتاكيت اللحم" إلى رفع الإنتاج، مفضلين بيعه بكثرة وإغراق السوق، دون أن يهتموا لأمر المربين الذين يتكبدون خسائر جسيمة جراء هذا السلوك المنافي لأخلاقيات المهنة والشاركية في إطار الفيدرالية البيمهنية والتنافس الشريف. إشاعات مدمرة شدد مربو الدواجن على أنه إضافة إلى عاملي التلاعب في إنتاج الكتاكيت والأسعار من قبل المضاربين والسماسرة، فإن الإشاعة تعد بمثابة صب الزيت على النار، ما يتسبب في تدهور قطاع الدواجن وإنهاك المربين الذين تكبدوا خسائر انتهت بهم للإفلاس وآخرين إلى السجن في مشاهد درامية. ومن بين الإشاعات التي زادت من تأزيم وضعية مربي الدواجن، ما تضمنه تحقيق تم بثه في إحدى القنوات التلفزيونية العمومية، من معلومات مفادها أن هناك دجاجا نافقا يباع بأسواق الجملة بثمن 5 دراهم للدجاجة الواحدة موجها للاستهلاك البشري عن طريق بيعه لبعض أصحاب المطاعم والوجبات السريعة الذين يعطلون ضمائرهم وحسهم الإنساني بهدف تحقيق الاغتناء السريع.وأوضح مربو الدجاج أن الصحافي الذي قام بالتحقيق لم يراع أخلاقيات المهنة التي تقتضي التأكد من المعطيات الواردة لديه، كما أنه تعمد توجيه بائع الدجاج النافق لهدف ترويج المغالطات، دون أن يسأله عن الفئة المخصص لها، مشيرين إلى أنه لو تم سؤال باعة الدجاج النافق لأجابوا أنه موجه للكلاب وليس للبشر. وقرر مربو الدجاج بالمغرب مراسلة إدارة القناة والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، من أجل الرد على تلك المغالطات التي أضرت بمهنيي القطاع وجعلت المواطنين يضعون أيديهم على قلوبهم، خوفا من تعرضهم للتسمم، معتقدين أن الدجاج الذي يستهلكونه بالمطاعم غير صالح للأكل.

“شناقة” خربوا قطاع الدواجن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قالوا

تطورات في محاكمة ودادية سكنية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات