تحويـلات المهاجريـن تضامنيـة

مونة أستاذ الأنثروبولوجيا أكد أن 10 في المائة منها توجه للاستثمار في العقار أكد خالد مونة، الباحث المتخصص في قضايا الهجرة, أن مغاربة العالم ساهموا بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني، من خلال ضخ العملة الصعبة. وأوضح مونة، أن عودة مغاربة العالم هذه السنة، سيكون لها صدى كبير، خصوصا على قطاع السياحة، الذي عاش ركودا خانقا منذ أزيد من سنة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني > يعول المغرب على عودة مغاربة العالم لتحقيق انتعاش اقتصاده، كيف تقدرون هذه العملية في ظل تداعيات كوفيد ؟ > أود التذكير بأن مغاربة العالم ساهموا بشكل كبير في إحياء الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، فحسب المعطيات الرسمية وصلت تحويلات مغاربة العالم 68 مليار درهم سنة 2020. ففي ظل الشروط المفروضة اليوم، بسبب جائحة «كوفيد 19» على تنقل السياح الدوليين، يشكل مغاربة العالم فرصة لإنعاش الاقتصاد الوطني. ورغم الصعوبات الموجودة في عملية التنقل، وارتفاع سعرها قبل تدخل عاهل البلاد، كان هناك اقبال على شراء التذاكر. بطبيعة الحال هذه العودة سيكون لها أثر كبير، خصوصا على قطاع السياحة، الذي عاش ركودا وأزمة خانقة، منذ أزيد من سنة. هذاراجع بالأساس للتغير الحاصل في التركيبة الثقافية لمغاربة العالم سواء منها الجيل الثالث أو الهجرات الأخيرة، التي تتسم بكفاءات عالية. ولا تقتصر العودة نحو الوطن فقط على زيارة العائلة، بل أيضا قضاء أوقات معينة في أماكن سياحية. فكل الدول السياحية فتحت أبوابها في هذه المدة، مع نوع من التمييز، فالدول الأوربية تحاول الحد من عملية قضاء العطلة الصيفية خارج الاتحاد الأوربي من أجل إنعاش اقتصادها, وفي الوقت نفسه تضع قيودا على الوافدين انطلاقا من التمايز بين اللقاحات، إذ أن أغلب تلك الدول لا تقبل سوى اللقاحات الغربية، وحتى «استرازينيكا» يتم التمييز فيه بين الإنجليزي والهندي الصنع. خلاصة القول، وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي، أصبح مغاربة العالم عنصرا مركزيا في إنعاش الاقتصاد الوطني. > توجه حوالي 10 في المائة من تحويلات مغاربة الخارج نحو الاستثمار في العقار. لماذا لا يساهم مغاربة العالم في قطاعات منتجة؟ > هذا صحيح، فتسعون بالمائة من هذه التحويلات موجهة نحو التضامن العائلي. أولا، يجب فهم هذه العلاقة مع العقار، أي شراء الأراضي والشقق من قبل مغاربة العالم. فهذا الأمر يعود بالأساس للفكرة القائمة عند البعض حول «أسطورة» العودة للمغرب في يوم من الأيام. أضف إلى ذلك، أن الهجرة المغربية نحو إسبانيا وايطاليا، رغم التحول الذي تعرفه اليوم مع الجيل الثاني، بعض أفرادها ينتجون السلوك نفسه للهجرات التقليدية مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا الخ، والتي عاشها الجيل، الذي انتمي إليه في فترة ثمانينات القرن الماضي. فتملك العقار يصبح معيارا لنجاح مشروع الهجرة، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته في خريبكة والفقيه بن صالح، إذ أن ثمن العقار أغلى من البيضاء، وهناك منافسة شرسة حول من يشتري أكبر وأكثر. إذن هناك معطى مرتبط بطبيعة الهجرة ومكوناتها السوسيولوجية. هذا السلوك لن تجده عند الجيل الثاني والثالث والرابع، والذي يطرح إشكالا آخر، وهو غياب الرابط مع المغرب، إذ أن كل أفراد الأسرة الواحدة يعيشون في بلد الاستقبال والولادة. > ماذا عن استثمارات مغاربة العالم بالمغرب؟ > في ما يخص الاستثمار، وحسب القراءة الأولية للبحث الذي نقوم به حول هجرة الكفاءات داخل شبكة نمار، والتي تضم أهم الخبراء والباحثين في مجال الهجرة بالمغرب، لا يعود سبب ضعف الاستثمار لغياب فرص الاستثمار، بل لصعوبات وتجارب عاشها أحد الأقارب أو الأصدقاء من مغاربة العالم. إن تجربة المستجوبين في البحث، تحيل بشكل مباشر للصعوبات الإدارية والعقليات السائدة داخل الإدارة، والتي تعمل على تعطيل كل محاولات الاستثمار. فرغم وجود الشباك الوحيد، ما زالت الممارسات البيروقراطية موجودة، وأيضا بعض أشكال الابتزاز التي يتعرض لها مغاربة العالم، فتجعلهم ينفرون من فكرة الاستثمار، أضف إلى ذلك، عدم معرفتهم بآليات التقاضي بالمغرب، في حالة النزاع، وعدم ثقتهم في منظومة القضاء. صحيح أن المغرب يعتبر استثناء في مجال تدبير علاقته بمواطنيه الذين يعيشون خارج أرض الوطن، إذ تعمل مجموعة من المؤسسات على خلق آليات التواصل معهم، لكن ليست لها مهام متعلقة بتتبع استثمارات مغاربة العالم، أو حل مشاكلهم في مجال الاستثمار. ينضاف إلى ذلك التمييز الذي يعيشونه في المغرب، بصفتهم مستثمرين من أصول مغربية، مقارنة بمستثمر أجنبي، الذي يحظى بالتعاون من قبل الإدارة المغربية. > دأب بعض مغاربة العالم على جلب سلع ومتلاشيات للاتجار بها في العديد من الجهات. ألا ترون أن تشديد المراقبة سيؤثر على هذا النشاط ؟ > هذا النشاط مرتبط ببعض المهاجرين، ولا يخص إلا فئة قليلة، ارتبط في السنوات الأخيرة بالأزمة الاقتصادية التي عرفتها بعض الاقتصادات الأوربية، خصوصا في إسبانيا وإيطاليا. فقد كان جلب بعض السلع والمتلاشيات مخرجا لهؤلاء المهاجرين الذين وجدوا أنفسهم في أزمة اقتصادية. من أجل الاستمرار في أوربا دخل هؤلاء المهاجرون، في ما نسيمه في أدبيات الهجرة بالهجرة العابرة للأوطان. ‏وتعيدنا هذه السلوكات لسنوات خلت، حيث كانت المجتمعات المغاربية تنتظر المهاجر بفارغ الصبر، لأنه ينقل لها كل شيء من قبيل التلفاز والثلاجة والصابون والقهوة الخ... أضف إلى ذلك أخبار المجتمعات الأوربية. فمجتمعاتنا لم تعد تنتظر المهاجر، لأنها عرفت تقدما اقتصاديا وكل شيء متوفر، إذ لم يعد المهاجر يلعب حلقة الوصل بين مجتمعات شمال إفريقيا والمجتمعات الغربية. وحتى المتلاشيات التي يأتي بها بعض المهاجرين، والتي كانوا يجمعونها من أمام الأبواب، أصبحت تباع في تلك البلدان، إذ يبيعها مواطنوها للمغاربة، كما هو الحال في إسبانيا. وقد أصبحت الخردة، كما تسمى في السوق مورد عيش لكل الأشخاص الذين فقدوا مصدر رزقهم الأساسي. صحيح أن تشديد المراقبة أصبح يشكل نوعا من العقاب لهذه الفئات الهشة, التي تعيش على هامش الهامش داخل نمط اقتصادي هش. سوق الأضاحي مرتبط بالعرض والطلب > تتزامن عطلة الصيف مع عيد الأضحى، كيف تتوقعون أثار هذه العودة على الأسعار؟ > لا أعتقد أن عودة مغاربة العالم لها تأثير على سوق المواشي، فالسوق محكوم بمعطيات العرض والطلب والسنة الفلاحية، هل كانت جيدة تسمح بتوفير ما يكفي من العلف للاحتفاظ بالمواشي أم أننا أمام أزمة فلاحية، يجب على الكساب التخلص من المواشي والتي إن بقيت ستشكل عبئا ماليا عليه؟. ربما سيعرف السوق نوعا من ارتفاع الأثمان، بسبب ارتفاع الطلب، لكن سوق الأكباش في عيد الأضحى يعرف تقلبا كبيرا وسريعا من مدينة إلى أخرى، وليس له ارتباط مباشر بعودة مغاربة العالم. ومجمل القول فإن حضور مغاربة العالم في المغرب، والذي يتزامن مع عيد الأضحى، يشكل متغيرا ضعيفا أمام سوق الماشية الذي تحكمه معطيات مناخية وميكرو اقتصادية. في سطور - أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة مولاي إسماعيل - أستاذ زائر بعدد من الجامعات بفرنسا - باحث في مركز الرباط للدراسات الاجتماعية - مختص في قضايا الهجرة - صدر له كتاب «بلاد الكيف، السلطة والاقتصاد عند كتامة»

تحويـلات المهاجريـن تضامنيـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"سوطيما" تكسب معركة التصنيع

"مرحبا 2021"... إنعاش وصلة رحم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات