“أليوتس” وضعت حدا للفوضى

سرود رئيس الجمعية الوطنية للصيد البحري قال إن الصيد البحري يمثل 35 % من الناتج المحلي ويوفر 100 ألف فرصة عمل أشار عبد الرحمان سرود، رئيس الجمعية الوطنية للصيد البحري، إلى أنه يتعين التفريق بين مرحلتين في تقييم وضعية قطاع الصيد البحري، مرحلة ما قبل إستراتيجية "أليوتس 2009"، لما كان القطاع يعيش، خلالها، حالة تهميش ويفتقر إلى التنظيم وتسوده الفوضى وغياب القوانين، وما بعد الإستراتيجية، التي حددت خارطة الطريق بالنسبة إلى قطاع الصيد البحري ووضعت حدا للفوضى التي كانت سائدة، ومكنت من وضع القطاع في سكته الصحيحة. وأكد أنه يتعين إيلاء أهمية خاصة لتربية الأحياء المائية، التي تمثل 50 في المائة من الإنتاج العالمي للأسماك، مشيرا إلى أن هناك مشاريع هامة في هذا المجال، يرتقب أن يكون أول محصول لها في السنة الجارية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي > كيف تقيمون وضعية قطاع الصيد البحري على الصعيدين الوطني والمحلي؟ > مر القطاع من مرحلتين، الأولى قبل إستراتيجية «أليوتس» 2009، التي كان القطاع خلالها يعيش حالة تهميش ويفتقر إلى التنظيم وتسوده الفوضى وغياب القوانين المؤطرة للفاعلين، والمرحلة الثانية التي انطلقت مع اعتماد الإستراتيجية، التي حددت خارطة الطريق بالنسبة إلى قطاع الصيد البحري، ومما لا يخفى على الجميع أن الوضعية قبل اعتماد الإستراتيجية كانت مقلقة وتتسم بالاستغلال المفرط للثروة السمكية واستنزافها، وجاءت هذه الإستراتيجية لتضع حدا للفوضى التي كانت سائدة وتسببت في خروج عدد من المستثمرين من القطاع، كما أدى الوضع الذي كان سائدا إلى إفلاس عدد من شركات الصيد في أعالي البحار والصيد الساحلي. ويمكن القول إن النتائج الحالية، بعد اعتماد مخطط "أليوتس»، تؤكد تحسنا واضحا في وضعية القطاع، بعد اعتماد مخططات المصايد على الصعيد الوطني، ووصلت نسبة تنفيذ هذه المخططات إلى 95 في المائة، حاليا، فكل أصناف الأسماك التي تنتج على الصعيد الوطني وتسوق داخليا أو توجه نحو التصدير تتوفر على مخططات تحدد كيفية الحفاظ عليها والفترات، التي يمنع خلالها صيدها والطرق التي يتعين اعتمادها للحفاظ على صغار الأسماك. وهكذا تم إعداد مخططات، على سبيل المثال، للأسماك السطحية، التي تمثل 80 في المائة من الإنتاج الوطني، خاصة في المناطق الجنوبية التي تعرف إنتاجا وافرا، وهناك مخططات أخرى قيد التنفيذ في المناطق الشمالية. > ما أهمية مخططات المصايد؟ > تمثل هذه المخططات أهمية بالغة، إذ توفر رؤية للراغبين في الاستثمار في القطاع، علما أن ضمان المادة الخام يعتبر أساسيا بالنسبة إلى المستثمرين، والأسماك تمثل المادة الأولية للفاعلين في قطاع صيد الأسماك وتثمينها. لذا حرصت الوزارة، خلال اجتماعاتها المتعددة مع المهنيين، على التركيز على كيفية الحفاظ على الثروة السمكية، لأن بدونها لا يمكن الحديث عن الاستثمارات في القطاع. وهناك برامج أخرى على المستوى الوطني، مثل تأهيل مواقع الصيد بالنسبة إلى الصيد التقليدي، إضافة إلى عصرنة وتطوير الصيد الساحلي، علما أن الدولة ساهمت في العملية، إذ وصلت مساهمتها المادية إلى 20 في المائة من الاستثمارات في مجالات التأهيل والعصرنة، كما تم إحداث الأسواق الجديد للأسماك على الصعيد الوطني، سواء بالمدن الساحلية أو الداخلية. > ما هي انعكاسات البرامج المعتمدة على القطاع؟ > ساهمت البرامج المعتمدة في وضع القطاع على السكة الصحيحة وأولته المكانة التي يستحقها في النسيج الإنتاجي الوطني، ما عزز جاذبيته للاستثمارات، فهناك مستثمرون كثر أصبحوا يهتمون به، ويتجلى ذلك من خلال الإقبال الكبير على طلبات العروض، التي تعلن عنها الوزارة الوصية، إذ أن طلبات تهم ستة مشاريع، على سبيل المثال، تلقى اهتماما ملحوظا، إذ يتقدم أزيد من 50 مستثمرا للتنافس عليها، ما يعكس الاهتمام المتزايد بالقطاع وتطور جاذبيته، وسجل تحسن، أيضا، في ما يتعلق برأس المال المستثمر، الذي تضاعف ثلاث مرات أو أربع، مقارنة بالسابق. وارتفعت قيمة مراكب الصيد، إذ انتقل سعرها من 10 ملايين سنتيم إلى أزيد من 150 مليونا، حاليا، في الداخلة، كما أن الباخرة التي كان ثمنها لا يتجاوز 3 ملايين درهم، أصبح سعرها، حاليا، يصل إلى 12 مليون درهم، كما انتقلت قيمة بواخر الصيد في أعالي البحار من 5 ملايين درهم إلى 30 مليونا، كل هذه المؤشرات تؤكد أن القطاع استعاد عافيته وقوته. وعرف القطاع نقلة نوعية مقارنة بين مرحلتي ما قبل 2009 وما بعدها، وأصبح المغرب نموذجا بالنسبة إلى عدد من البلدان الإفريقية. ويمكن القول إن حصيلة الإستراتيجية، التي انتهت في 2020، كانت موفقة، وسندخل المرحلة الثانية مع نهاية السنة الجارية. > ماذا تحقق على صعيد جهة أكادير؟ > يمثل قطاع الصيد البحري 35 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي المحلي، ويعد أقوى محرك اقتصادي على صعيد الجهة، إذ تحتضن أكادير، باعتبارها قطبا مينائيا، 84 مصنعا، مختصا في التصبير والتجميع والتجميد والتصدير، كما أن أسطول الصيد في أعالي البحار يرسو بميناء أكادير، إضافة إلى 300 باخرة للصيد الساحلي وأزيد من ألف قارب تدخل الميناء، الذي يستقبل يوميا ما بين 25 ألف عامل و 30 ألفا، دون الحديث عن اليد العاملة التي تشتغل في المعامل المستقرة في المناطق الصناعية، ما يعكس وزن القطاع الاقتصادي والاجتماعي على الصعيد المحلي. ورغم أن الأسطول يصطاد في المناطق الشمالية والجنوبية لأكادير، فإن عمليات التفريغ والبيع تتم على صعيد ميناء أكادير، إضافة إلى المصانع ووحدات التخزين، ما يعكس مكانة جهة أكادير في هذا المجال، تليها جهات أخرى، مثل العيون والداخلة وطانطان، ثم المناطق الشمالية. > كم يصل العدد الإجمالي لمناصب الشغل التي يوفرها القطاع؟ > يوفر القطاع أزيد من 600 ألف منصب شغل، على الصعيد الوطني، وتعيش منه أزيد من 4 ملايين مغربي بشكل مباشر، ويمثل 2.8 في المائة من النتاج الداخلي الإجمالي. ويشغل القطاع، على الصعيد المحلي، أزيد من 100 ألف منصب شغل، ويساهم، كما أشرت سابقا، بنسبة 35 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي المحلي. الميناء... عائق المهنيين > ماهي الصعوبات التي لا يزال الفاعلون في القطاع يواجهونها على الصعيد المحلي؟ > يعد الميناء أحد العوائق التي يواجهها المهنيون، إذ تظل طاقته الاستيعابية محدودة، بالنظر إلى نشاط القطاع، ويشمل الميناء ثلاثة أنشطة، تتمثل في التجارة والسياحة والصيد البحري، ما يجعله غير قادر على مواكبة التطور، الذي يعرفه قطاع الصيد. وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن وزارة التجهيز لا تواكب مشاريع وزارة الفلاحة والصيد البحري، التي تسير بسرعة 180 كيلومترا في الساعة، في حين أن وزارة التجهيز تسير بسرعة 20 كيلومترا، فليست هناك مواكبة، ليس فقط بأكادير، بل في مجموعة من الموانئ المغربية، والتي تشكل أكبر عائقا بالنسبة إلى المهنيين. ويتجلى العائق الثاني في الجانب التنظيمي داخل الميناء، الذي يعود، أيضا، لوزارة التجهيز عن طريق الوكالة الوطنية للموانئ، إذ هناك اكتظاظ كبير يتسبب في فوضى لغياب تنظيم فعال داخل المرفق المينائي، فعلى سبيل المثال عندما ترسو باخرة لتفريغ "الغازوال» بميناء العيون يتوقف النشاط به لمدة ثلاثة أيام، ما يتسبب في وقف أنشطة الصيد البحري وكل الوحدات المرتبطة بها، ما يكبد الفاعلين في القطاع خسائر هامة، وعندما تكون أجواء البحر غير ملائمة وتعود بواخر الصيد في أعالي البحار، فإن الميناء يصبح غير قادر على استيعاب الأسطول، ويمكن تجاوز هذه المشاكل بإجراءات تنظيمية بسيطة. تربية الأحياء المائية... تجربة جديدة > انطلقت بالمغرب تجربة تربية الأحياء المائية، ما هي الآفاق المنتظرة لهذا النشاط الإنتاجي، باعتباركم أحد الفاعلين في القطاع؟ > كما لا يخفى على أحد، فإن تربية الأحياء المائية، ستصبح، خلال عشرين سنة المقبلة، أهم من الصيد البحري، علما أن 50 في المائة من الإنتاج العالمي للأسماك، حاليا، تأتي من قطاع تربية الأحياء المائية، وتعتبر الصين رائدة في هذا المجال، متبوعة بأمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوربية، والمغرب، ووعيا منه بأهمية هذا المجال، أطلق دراسات حول الموضوع في 2011، لتحديد المناطق الجاهزة لاستقبال مشاريع تربية الأحياء المائية، وأنجزت هذه الدراسات بتنسيق مع الجهات والجماعات المحلية، بالنظر إلى أن كل هذه المناطق تابعة للسلطات المحلية، ما يفرض وجود تنسيق بين كل الأطراف المتدخلة. وخلصت الدراسات إلى تحديد مجموعة من المناطق المؤهلة لاحتضان هذه الأنشطة الإنتاجية. وهكذا، وعلى مستوى جهة سوس ماسة، هناك أربع مناطق مهمة ويتعلق الأمر بإمسوان، وإيموادا، وتفنيت ومنطقة قريبة من سيدي إفني، لكنها محسوبة على الجهة، وهذه المناطق ذات أهمية بالنسبة إلى الاستثمار في تربية الأحياء المائية، وتحتضن مشاريع تربية المحار "les moules»، إضافة إلى تربية الأسماك. وتم إطلاق طلبات العروض للراغبين في الاستثمار في القطاع، شارك فيها عدد من المستثمرين. ويعتبر هذا القطاع مهما جدا وآلية جديدة لتوفير مناصب الشغل، خاصة أنه فتح المجال للمقاولين الشباب والتعاونيات النسائية، إضافة إلى الشركات بكل أحجامها، فهناك شركات عملاقة استثمرت في المجال، إلى جانب أخرى صغيرة ونساء وشباب. إنتاج يناهز 10 آلاف طن > ما حجم الإنتاج المرتقب لهذا القطاع الجديد؟ > يرتقب أن يصل الإنتاج السنوي إلى 10 آلاف طن، إذا أنجز الفاعلون في القطاع برامجهم الاستثمارية، وهناك على مستوى الجهة 16 مشروعا، كل واحد منها يوفر ما لا يقل عن 20 فرصة عمل، حاليا، علما أن الأمر يتعلق بمرحلة الانطلاقة، لأن تربية الأحياء المائية مختلفة نوعا ما عن قطاع الصيد، إذ أن مناصب الشغل تحدث تدريجيا، إذ يتم تجهيز الضيعة الأولى لتربية الأحياء المائية وتشغيل العدد الذي يلزم تسييرها ويتم رفع العدد مع توسع المشروع، ومن المنتظر أن يتضاعف عدد العاملين بالقطاع بشكل ملحوظ، في أفق خمس سنوات المقبلة. > هل هناك مستثمرون أجانب في هذا المجال؟ > هناك مستثمرون أجانب من إسبانيا وفرنسا، إضافة إلى مستثمرين مغاربة، ويتعين على السلطات دعم القطاع، عبر تجهيز المناطق التي ستحتضن المعامل، التي ستعطي للمنتوج قيمة مضافة، وعلى الوزارة أن تواكب هذا المشروع الجديد على المستوى الوطني، الذي يتطلب تقنيات، وبحثا علميا مدققا، لأن المجازفة الكبرى في هذا القطاع، هي ضمان تتبع علمي بشكل دوري، لأن هذه المناطق يمكن أن تتعرض للعدوى والتسممات، كما أن التيارات البحرية يمكن أن تحمل معها بعض أصناف البكتيريا، ومن هنا تأتي أهمية البحث العلمي، الذي يتابع بشكل دوري المناطق المخصصة للتربية ويحدد التي لا تصلح لهذا النشاط، علما أن هناك، حاليا، مواكبة علمية، لكن يتعين تعزيز البحث العلمي لأن عدد المشاريع سيعرف ارتفاعا، ما يفرض بذل مجهودات مضاعفة لضمان التأطير المناسب لمثل هذه الأنشطة الإنتاجية. القرب من البحر سيكون الإنتاج جاهزا، بالنسبة إلى شركتنا، في نهاية يوليوز، إذا كانت كل الظروف مواتية، ويتعين دعم هذا القطاع، وإيلائه أهمية خاصة سواء من قبل الوزارة، أو الجهات. وتجدر الإشارة، بهذا الصدد، إلى أن الإشكال المطروح، حاليا، يتمثل في توفير المنطقة الصناعية التي ستحتضن المصانع الخاصة بمعالجة منتوجات هذا القطاع، إذ تم توفير أماكن للتربية داخل البحار، لكن ينقص، حاليا، إعداد مناطق لاستقبال الشركات التي ستعمل على تحويل المنتوج، ويتعين أن تكون قريبة من البحر، لتتمكن للشركات المستقرة بها من استعمال مياه البحر، الذي يستعمل في إعادة تهييء هذه المنتوجات، لذا يتعين مراعاة القرب من البحر في تهيئة مثل هذه المناطق. وفي إطار التنسيق مع الولاية تم، مبدئيا، تخصيص منطقة بتيكرت لتجهيزها، وما يزال المشروع في إطار الدراسة. في سطور: - من مواليد 1976 بأكادير - الرئيس المدير العام لمجموعة "طيبة" - مستثمر في عدد من القطاعات مثل التصبير والتجميد والتجارة - مصدر لعدد من البلدان الأوربية والأسيوية - أطلقت مجموعته خلال 2019 مشروعا لتربية الأحياء المائية

“أليوتس” وضعت حدا للفوضى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مقتطفات

احتجاجات في نصف نهائي الكأس النسوية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات