كرة السلة… نقطة الصفر

الجامعة ضيعت سنوات بالمحاكم أكثر منها في القاعات و»فيبا» مدعو للتدخل دخلت كرة السلة الوطنية في نفق مظلم، يصعب الخروج منه، دون تدخل جهات خارجية، بسبب الاختلالات الخطيرة التي تعتريها، وعجز تسويتها من قبل القضاء العادي والإداري أو من قبل وزارة الثقافة والشباب والرياضة، أو من خلال إجراء مصالحة بين الأطراف، وإعادة الكرة البرتقالية إلى الشرعية. وكشف الوضع الحالي لكرة السلة الوطنية، أن تسميتها برياضة المثقفين، لا ينطبق على واقع الحال بالمغرب، بالنظر إلى التطاحنات بين مختلف الأطراف، وتضارب المصالح. بطولة عشوائية إن الطريقة التي أعطيت بها انطلاقة البطولة الوطنية للموسم الرياضي الجاري، كشفت أن أسرة كرة السلة الوطنية، بعيدة عن الممارسة الاحترافية التي تدعيها، سيما أنها انطلقت دون مراعاة أبسط الشروط القانونية، في مقدمتها قانون المنافسة، ووجود لجان قانونية منتخبة بطريقة شرعية، سيما لجنتي البرمجة والحكام، فضلا عن اللجان القضائية للبت في الطعون والاعتراضات، إضافة إلى بروتوكول صحي معتمد من قبل السلطات. ولعل الاحتجاجات التي تعرفها البطولة الوطنية، بسبب الاختلالات في البرمجة والتحكيم، أكبر دليل على عشوائية البطولة الوطنية، وكشفت أن الغاية من إطلاقها في تلك الظروف، هو إقناع القطاع الوصي بوجود منافسة، تستحق عليها الجامعة تسلم المنحة السنوية، التي تعد مربط الفرس في كل هذه الفوضى، التي تعرفها البطولة الوطنية، إذ تبين أن البرمجة والتحكيم يخدمان مصلحة بعض الفرق. محاكمات لا تنتهي منذ 2016 أصبحت كرة السلة الوطنية تلعب في المحاكم الوطنية، أكثر مما تلعب في القاعات الرياضية، بالنظر إلى كثرة القضايا المعروضة على القضاء. وسجلت كرة السلة الوطنية ما لا يقل عن عشر قضايا معروضة على المحاكم، أغلبها لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، التي أصدرت أحكاما بوقف الجموع العامة، بعد أن حاول المكتب المديري للجامعة عقدها دون التقيد بالمساطر القانونية. ومن أبرز الملفات المعروضة لدى محكمة جرائم الأموال، ملفان ضد جامعة السلة، الأول وصل مرحلة متقدمة بعقد جلسات استماع إلى الرئيس مصطفى أوراش والمتهمين معه، والثاني رفعته الوزارة باسم اللجنة المؤقتة، التي أعادت الرئيس من النافذة، بعد أن أخرجته الوزارة من الباب الكبير، بسبب عملية الافتحاص التي أشرفت عليها، وكشفت اختلالات مالية خطيرة، واتهمته بالاختلاس وتبديد أموال عمومية. ومن جملة الملفات المعروضة على المحاكم، الطعن في الجمع العام الأخير، من قبل أمل العيون وجمعية تازة لكرة السلة، والذي بسببه ألغت المحكمة أشغال الجمع العام، وأخرجت اللجنة المؤقتة من صمتها، ودفعتها إلى الظهور مرة أخرى، بعد أن ادعت أطراف أنه لم يعد لديها وجود، من أجل إخراج رأسها من عنق الزجاجة، التي وضعت نفسها به، إذ أن هذا الملف سيعرف الكثير من المفاجآت. موقف الوزارة أظهرت اللجان المؤقتة التابعة لوزارة الشباب والرياضة تواطؤها مع المكتب المديري الحالي، فبعد فشل اللجنتان الأولى والثانية في حل المشكل، اضطرت اللجنة الثالثة إلى ضرب جميع القوانين والأعراف، وأعادت أوراش إلى رئاسة الجامعة، بعد أن كان عليها متابعته لدى محكمة جرائم الأموال. ورغم أن القطاع في عهد رشيد الطالبي العالمي، الوزير الأسبق لوزارة الشباب والرياضة، كان أول من اختار متابعة جامعة السلة، بسبب الاختلالات المالية الخطيرة، وإجراء افتحاصين لماليتها، الأول عن طريق شركة دولية، والثاني من قبل خبير قضائي، إلا أنه بعد انتهاء ولاية الوزير المذكور، سجل القطاع تدخلا سلبيا بعد فترة الوزير السابق لحسن عبيابة، الذي كان أول من وضع شكاية لدى محكمة جرائم الأموال لمتابعة أوراش بالمنسوب إليه، إلا أنه في عهد الوزير الحالي عثمان الفردوس، تبين أن لديه رأيا آخر، بعد أن أعاد أوراش، وتجاوز جميع الخطوات التي قام بها أسلافه. وتواطؤ الوزارة يتضح من إصرار بعض موظفيها الاشتغال مع أوراش المتابع من قبلها، كما هو الشأن بالنسبة إلى محمد مطاش، الذي تحول بقدرة قادر من مسؤول باللجنة المؤقتة إلى مسؤول إداري بالجامعة، في خرق للأخلاق المهنية، دون أن تعمل الوزارة على توجيه أي ملاحظات، بخصوص هذا الأمر. غرفة التحكيم يستحق عرض ملف كرة السلة على غرفة التحكيم الرياضي وقفة تأمل كبيرة، لمعرفة المواجهات الضارية حول هذا الملف، بعدما اضطر رئيس الغرفة إلى تغيير اللجنة المشرفة عليه، بسبب تجريح الأعضاء السابقين. ويتبين أن غرفة التحكيم تواجه بدورها بعض الانتقادات، بسبب تأخرها في تحديد جلسات الملف، سيما أنها لا تسير بوتيرة متوازية، وتمنح الفرصة للتأخر في البت في الملف، إلى حين انتهاء البطولة الوطنية، المقرر البت في شرعيتها. وتعول أطراف كرة السلة على حسم غرفة التحكيم الرياضي في البطولة، التي عرفت انطلاقتها الكثير من ردود الفعل الغاضبة، سيما أنها لم تراع العديد من المقتضيات القانونية، في مقدمتها سن المتبارين، وانطلاقها دون قانون المنافسة، فضلا عن العديد من الخروقات المتعلقة، بالسماح للفئة المتحكمة في الجامعة بالبت في الملفات القانونية للأندية، والإقرار بصعود أو نزولها دون سند قانوني، ودون وجود لجنة مختصة. ولعل نتائج ما يسمى بطولة وطنية، تعكس بشكل كبير الارتجال في اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب، إذ لأول مرة في تاريخ كرة السلة الوطنية، تسجل نتائج "خارقة" في المباريات، تصل في بعض الأحياء إلى فارق يزيد عن 70 أو 60 نقطة، وهذا ناتج عن قرارات صعود ونزول أندية من قسم إلى آخر، دون التقيد بالمساطر القانونية. الأندية واللاعبون ضحايا إن الممارسات الخطيرة التي عرفتها كرة السلة في السنوات الأخيرة، ذهب ضحيتها الأندية واللاعبون، الذين فضل العديد منهم الهجرة، على انتظار انطلاق منافسة مازالت تتقاذفها ردهات المحاكم. وعانت الأندية واللاعبون مواسم صعبة جدا من الناحية الرياضية والاجتماعية، وضعتهم أمام مصير مجهول، وساهمت في اتخاذ مجموعة من المسيرين قرار التنحي بشرف، قبل تلطيخ ماء الوجه، ودفعت لاعبين إلى الاعتزال، قبل فوات الأوان. كما أن التخبط الذي تعيشه كرة السلة الوطنية، دفع العديد من المستشهرين إلى الهروب، وأدخل الجامعة والأندية في أزمة مالية خانقة، يصعب التخلص من آثارها على المدى القريب. مطالبة "فيبا" بحل الأزمة بات الاتحاد الدولي لكرة السلة "فيبا" مطالبا بالتدخل لتصحيح اختلالات جامعة السلة، وتصحيح مسارها، بعدما دخلت نفقا مظلما، جراء اقتحامها ردهات المحاكم في أكثر من مناسبة. وعجزت وزارة الثقافة والشباب والرياضة عن تسوية قضايا الجامعة، كما فشلت أجهزة التحكيم في إعادة الأمور إلى نصابها في السنوات الأخيرة، ما أفقد هذه اللعبة مصداقيتها، سواء محليا أو قاريا، ناهيك عن تراجع حضورها الدولي بسبب قلة التنافسية. وكشف مصدر مطلع أن الاتحاد الدولي أصبح مدعوا أكثر من أي وقت مضى للتدخل في شؤون الجامعة، بالنظر إلى كثرة الاختلالات المرتكبة، وصراعات فرقائها، الأمر الذي جعلها تقضي سنوات طويلة بردهات المحاكم، أكثر منها في الملاعب والقاعات الرياضية. ولم يستبعد المصدر نفسه، إمكانية لجوء الاتحاد الدولي إلى تجميد عضوية الجامعة، وأنديتها وفئات المنتخبات الوطنية، في حال استمرار خرق القوانين المنظمة، والتطاول على تسيير وتدبير شؤون هذه اللعبة. وسبق للاتحاد الدولي أن وجه ضربة موجعة لجامعة السلة في 2013، بسبب تدخل محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة في شؤون الجامعة، بعدما ألغى اللجنة المؤقتة حينها، بسبب فرض مساطر معينة تتعارض مع القوانين الجاري بها العمل، والتي تقضي برفض أي تدخل سياسي في القطاع الرياضي. ورطة بسبب المنتخبات الجامعة خالفت قوانين «فيبا» بتعيين أصحاب دبلوم الدرجة الثانية وجدت جامعة كرة السلة نفسها في ورطة حقيقية، جراء تعيين مدربين على رأس المنتخبات الوطنية دون التوفر على الكفاءة والأهلية، من أجل تقديم الإضافة المطلوبة لهذه اللعبة. وعلمت "الصباح" أن العديد من المتدخلين وجهوا انتقادات شديدة اللجهة إلى مصطفى أوراش، رئيس الجامعة، بعد تعيين أطر غير مؤهلة من أجل تدريب المنتخب الوطني، في إشارة منها إلى لبيب الحمراني وأحمد قجاج. وقالت مصادر متطابقة إن المدربين المذكورين حاصلان فقط على دبلوم التدريب من الدرجة الثانية، لذا لا يسمح لهما بالإشراف على المنتخب الأول، حسب قوانين الاتحاد الدولي لكرة السلة. واستغربت المصادر أسباب إبعاد سعيد البوزيدي من تدريب أسود السلة، وهو الذي يتوفر على شهادة التدريب من مستوى عال، مقابل تعيين مدربين يفتقدون الخبرة اللازمة، في الوقت الذي يتوفر فيه المغرب على أطر مؤهلة. وأسندت إلى لبيب الحمراني، مدرب الجيش الملكي، مهمة تدريب المنتخب الوطني، بمساعدة أحمد قجاج، الدولي المغربي السابق، ونور الدين رضوان معدا بدنيا. من ناحية ثانية، شرع المنتخب الوطني في التحضير للتصفيات المؤهلة إلى نهائيات البطولة الإفريقية (أفرو باسكيط 2021)، المقرر إقامتها في كيغالي برواندا في الفترة الممتدة ما بين 24 غشت وخامس شتنبر المقبلين. ويخوض منتخب السلة مباراته المتبقية أمام أوغندا في ثامن يوليوز، من أجل الحسم في التأهل إلى نهائيات "أفرو باسكيط". واحتفظ المدرب الجديد ببعض اللاعبين، ممن حملوا القميص الوطني في السنوات الأخيرة وشاركوا مع المنتخب الوطني في العديد من التظاهرات الرياضية، إضافة إلى عناصر جديدة، إذ ضمت اللائحة كل من مصطفى خلفي وعبد الحكيم زويتة ورضى علي حراس وسفيان كوردو وعثمان الكانا وعبد العالي الحريشي وياسين حايلة ومحمد شوعا وسفيان بنهميم وأسامة بنعبو وجهاد بنشليخة وحمزة فولاني وعمر العناني وعبد الكريم الهوى وأنس الموساوي وبدر أزوكا ووائل حبيبي ومحمد الشاوي وسفيان نديم وزكرياء المصباحي. إعداد: صلاح الدين محسن وعيسى الكامحي

كرة السلة… نقطة الصفر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لقطات

غريزمان: عودة بنزيمة فاجأتني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات