ملعب الفتح… سبق السيف العذل

النادي حاول تعزيزه بمشاريع رياضية وسوء التواصل وعدم احترام المساطر جعلاه زوبعة سياسية أثارت عملية هدم ملعب الفتح بالرباط، الكثير من ردود الأفعال الغاضبة، بالنظر إلى الرمزية التاريخية لهذه المعلمة الرياضية، وبسبب عدم الاطلاع على المشروع، الذي تعتزم مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، وضعه بديلا للملعب. ويرتبط ملعب بيلفيدير بالذاكرة الرياضية الوطنية، بحكم أنه احتضن العديد من المباريات الدولية، واستقبل مجموعة من الأندية والمنتخبات العالمية، كما أنه شهد على مشاركة العديد من الشخصيات الوطنية والعالمية في أبرز التظاهرات، التي احتضنها ما يقارب قرنا من الزمن. واضطرت سلطات الرباط إلى وقف أشغال الهدم، التي طالت جوانبه، بسبب التجاوزات التي عرفتها، الشيء الذي بات يستوجب فتح تحقيق، بحكم أن جميع التصريحات أكدت عدم توفر الفريق على رخصة الهدم. وضعية الملعب حمل ملعب بيلفيدير أسماء مختلفة، بعد أن حمل اسما واحدا منذ سنوات، ويتعلق الأمر بملعب الفتح، لارتباطه بنادي الفتح الرياضي، الذي يستفيد حاليا من استغلاله، بناء على عقد كراء يمتد 99 سنة، مع السماح للفريق بامتلاكه بصفة رسمية، بعد انتهاء هذه المدة. كما يطلق على هذه المعلمة أيضا ملعب بيلفيدير، نسبة إلى المعمر الفرنسي الذي كان يملك البقعة الأرضية التي بني فوقها، سيما أن هناك أنباء عن وجود مشاكل بين ورثته وبين السلطات حول امتلاك الأرض. والاسم الثالث الذي يعرف به الملعب، هو ملعب باب الرواح، نسبة إلى وجوده بالقرب من أحد الأبواب التاريخية للعاصمة. ويستغل الفتح ملعب بيلفيدير منذ حوالي 70 سنة، بناء على عقد كراء طويل المدة، مقابل تعويض رمزي لسلطات العاصمة. وبني الملعب في 1929، من قبل أحد المعمرين، يطلق عليه جوزيف مويينا، كان يشغل منصب رئيس الأولمبيك المغربي، الذي يملك بدوره ملعبا للتنس بجوار الملعب الرئيسي، ولا يملك الفريق حق التصرف فيه، دون مراعاة الشروط المنصوص عليها في العقد، كما كان الشأن خلال عملية الهدم التي طالت السور الخارجي. كرونولوجيا الهدم كشف لحسن العمراني، نائب عمدة الرباط، أن الملعب يعد معلمة رياضية، في ملك جماعة الرباط، بين شارعي ابن خلدون وابن حزم، وأنه في 10 فبراير الماضي حصل نادي الفتح الرياضي على ترخيص من جماعة الرباط، لإنجاز أشغال صيانة بالمعلب، وتتضمن الكهرباء والترصيص والصباغة والأرضيات والنجارة والجبص، وأشغال التجديد، المقرر أن تطول مجموعة من المرافق الموجودة به. وأضاف العمراني أنه في 9 يونيو الجاري شرع نادي الفتح في هدم بنايات ومدرجات الملعب، وفي اليوم الموالي أمر محمد الصديقي، عمدة العاصمة، بإنجاز معاينة عن طريق مفوض قضائي، وإنجاز معاينة ثانية للمخالفة، بواسطة قسم التعمير بالجماعة، والتي أثبتت أن الأشغال مخالفة لمضمون الترخيص، سيما أنها شملت السور الخارجي للملعب. وأوضح العمراني أنه في اليوم ذاته راسل عمدة الرباط السلطات المحلية، لإخبارها بالمخالفات التي ارتكبها نادي الفتح، والموجودة في المعاينتين اللتين أنجزهما مفوض قضائي، وقسم التعمير، مشير إلى أنه راسل رئيس النادي، وطالبه بالتوقف عن الأشغال غير المرخصة، وإشعار السلطات بذلك. بعد ذلك، اضطر المكتب المديري للفتح، إلى إصدار بلاغ يؤكد فيه أسباب هدم جزء من البنايات التي يوجد بها الملعب، يعود إلى وجود تصدع في الحائط الخارجي، وأنه بناء على ذلك، اضطر إلى هدمه، من أجل إعادة بنائه، خوفا من سقوطه وتسببه في إصابة المواطنين، الشيء الذي كشف أيضا وجود تصدع داخل إدارة المكتب المديري للفريق، بحكم أن عملية الهدم لم تكن بعلم جميع مكوناته، وأن هناك من عارض الأمر، بسبب مخالفته للقانون، وهو ما كشف عنه بلاغ المكتب المديري، بشكل ضمني. المعارضة تحتج أبدت المعارضة بجماعة الرباط استياءها من عملية الهدم، وبادرت إلى انتقاد الأغلبية، ومعها مسؤولي الفتح الرياضي، الذين خالفوا مضمون الترخيص المسلم لهم من قبل السلطات. وأكد عمر الحياني، عضو بجماعة الرباط عن فيدرالية اليسار، في تصريح لـ "الصباح"، أن اعتراف النادي والجماعة بأن رخصة الإصلاح لا تتضمن عملية الهدم، التي انطلقت في 9 يونيو الجاري، يعد خرقا للقانون. وكشف الحياني أن المعارضة أعطت الأمر بوقف عملية الهدم، وليس مجلس الجماعة، وأنها كانت وراء وقف أشغال الهدم، سيما أنها بلغت الشارع الرئيسي، في مكان يعرف رواجا كبيرا، وحركة دائمة للمواطنين وحساسة جدا، الشيء الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول سبب تغاضي مجلس الجماعة عن الأمر، في الوقت الذي يعلم بعمليات هدم بسيطة في أماكن يصعب الوصول إليها. وصرح الحياني أن جوهر المشكل هو التستر على عملية الهدم، رغم أنها بادية للجميع، ذلك أن المعارضة سباقة إلى فضحها يومين قبل توقف الأشغال، وأن الادعاء بوجود تشقق لتبرير عملية الهدم، لا أساس له من الصحة، لسببين، الأول هو أن رخصة الهدم غير موجودة أصلا، والثاني هو أن وقوع تشقق يتطلب وضع سياج حول المنطقة المتضررة، وتكليف مكتب دراسات بإنجاز دراسة لإصلاح الضرر، دون وقوع مشاكل، غير أن مسؤولي الفريق حاولوا إجراء عملية الهدم بشكل سريع وعشوائي. مشاريع رياضية عكس ما سعى البعض الترويج له، حول رغبة الفتح في إنجاز مشاريع مربحة بالملعب، فإن المشروع كما اطلعت عليه "الصباح"، يتضمن الحفاظ على ملعب كرة القدم، وعدم المساس به، وأن الأشغال تهم إحداث أربعة مستودعات ملابس، عوض الثلاثة الموجودة حاليا، إضافة إلى إحداث مركز إيواء، يتوفر على غرق لإقامة اللاعبين. كما يشمل المشروع الحفاظ على المدرجات، وإعادة تحديثها، وعدم المس بأي مرفق آخر، إضافة إلى إعادة تكسية الملعب بالعشب الطبيعي، بعد الانتهاء من أشغال الصيانة. وتشتمل أشغال الصيانة أيضا القاعة المغطاة بوعنان، المحاذية للملعب، إذ يتضمن المشروع إحداث أربعة ملاعب مكشوفة خاصة بكرة السلة، من أجل تمكين المواطنين من استغلالها في الأنشطة الرياضية، وأن الأمر لا يتعلق بوجود مشاريع فندقية، أو سياحية. وسعى الفتح من خلال هذا المشروع إلى جعل ملعب بيلفيدير منطقة خضراء، تتضمن مشاريع رياضية يستفيد منها منخرطو الفريق والمنطقة ككل، وإضفاء الطابع الترفيهي على المكان، غير أن ضعف التواصل داخل النادي، ساهم في ترويج العديد من المغالطات، منها تحويل المنطقة إلى مشاريع اقتصادية وسياحية، قبل أن يصدر توضيح متأخر من المكتب المديري، يؤكد حالة الارتباك التي وقع فيها المسؤولون، وكاد يتحول الأمر إلى خدمة أجندات سياسية معينة، مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية. إفراغ وإلغاء اضطرت إدارة الفريق إلى إفراغ الملعب من الأسر، التي كانت تقطن فيه، واقتناء سكن اقتصادي لكل أسرة، بالتنسيق مع مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، التي تكلفت بمفاوضة جميع الأطراف، حتى تمكنهم من سكن آخر، سيما أن الأشخاص المستفيدين من العملية، ما زالوا يشتغلون بالفريق. كما أوقفت إدارة الفريق عملية استفادة لاعبي مدرسة التكوين من الحصص، التي كانوا يتلقونها بالملعب، إذ كانت تبرمج لهم ثلاث حصص أسبوعية، أيام الأربعاء والسبت والأحد، وشكلت مداخيل مدرسة الفريق، أبرز الموارد المالية التي تدر الكثير على مالية الفريق، وتحتضن أزيد من 400 طفل بملعب الفتح لوحده، دون الحديث عن أكاديمية الفريق وملعب غابة هيلتون. إضافة إلى ذلك، فإن ملعب الفتح استغل من قبل أندية أخرى، أبرزها جاره الجيش الملكي، الذي اضطر إلى التنقل للعب بالقنيطرة، خلال ما تبقى من مباريات البطولة الوطنية، بعد إغلاق مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط للإصلاحات، ذلك أن ملعب بيلفيدير، وهي التسمية المفضلة لدى جماهير الفريق العسكري، احتضن على مدى سنوات مباريات الفريق، بعد إغلاق المركب. وألغى الفتح جميع البرامج التي ينظمها بملعب بيلفيدير، إلى حين تسوية ملف الإصلاحات، وإعادة تجديد مرافقه، الشيء الذي لن يكون في القريب العاجل، في الوقت الذي ينتظر أن تتحمل أكاديمية الفريق مؤقتا عبء الإغلاق الاضطراري للملعب، واحتضان جميع العمليات الرياضية التي أقيمت فوق أرضيته. إنجاز: صلاح الدين محسن

ملعب الفتح… سبق السيف العذل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لهاتك عرض فتاة بمكناس

دركي البورصة يخصص 5 ملايين للبحث العلمي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات