الملك يحدد مكامن الخلل في المنظومة التربوية

أبرز حسن أومريـبط، متتبع للشأن التربوي أن الملك وضع، من خلال خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، الأصبع على الخلل الذي يعيق تطوير المنظومة التربوية بالبلاد. وحدد الملك بشكل شمولي مكامن الضعف والمسببات الأساسية لقصور الفعل التعليمي بالمغرب، الذي أصبح ينتج العطالة، في الوقت الذي يتم فيه تخصيص ميزانيات كبيرة، تذهب سدى، في غياب تخطيط معقلن ومؤسس وفي غياب حكامة جيدة. وذكر الملك في خطابه أيضا بالمنعرج الذي انزلق من خلاله المسؤولون على القطاع في ثمانينات القرن الماضي، بتبنيهم سياسة تعريب المواد العلمية في السلكين الابتدائي والثانوي، والإبقاء على التدريس باللغة الفرنسية في التعليم العالي، ما يشكل عقبة صعبة التجاوز بالنسبة للطلبة.ومن هذا المنطلق، دعا الملك الجميع إلى الانفتاح على اللغات والثقافات الأجنبية إلى جانب اللغتين الرسميتين للبلاد لما لذلك من نتائج إيجابية على التحصيل لفائدة أبناء المغرب.ولعل تخصيص الملك كل فقرات خطابه إلى قطاع التربية والتكوين، وإعلانه إحياء المجلس الأعلى للتعليم بصيغته الجديدة، إشارة قوية على اهتمامه الكبير بالحقل التربوي بالبلاد، اعتبارا لدوره الريادي في تحريك عجلة التنمية، ولأنه رافعة مهمة لتطوير طاقات وقدرات شعبه، وهذا ما يستوجب إعادة النظر في كيفية تدبير ملف التعليم بالمغرب، بعدم تسييسه، وبإعادة صياغة برامج ومناهج تستجيب لواقع المغاربة وظروف عيشهم، وعدم السقوط في الأخطاء المرتكبة في السابق، مع اعتماد مقاربة الاستمرارية في معالجة ملف قضية المغاربة الثانية، بعد قضية الوحدة الترابية، بعيدا عن الاجتهادات المزاجية اللحظية المرافقة لتعاقب الحكومات.يقول المواطن إبراهيم عدي، «أن يخصص جلالته خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب للتعليم، بعد 13 سنة من إصلاح المنظومة التربوية، وأجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فالأمر له دلالات وجه من خلالها جلالته رسائل واضحة، أولها إعلان فشل جميع السياسات التعليمية التي اتبعتها مختلف الحكومات المتعاقبة على الوزارة. وبالمناسبة، حان الوقت لمحاسبة جميع الوزراء والحكومات السابقة التي كان ينتمي لها أولئك الوزراء على حصيلة التجربة، بل، التجارب التي خضع لها التلاميذ المغاربة».وأوضح أن الحكومة مطالبة بعد الخطاب التوجيهي، بتقديم ، حصيلة عمل وزرائها، ومدى تحقيق أهداف الميثاق الوطني للشعب المغربي، خاصة فيما يرتبط بالتعليم الإجباري لجميع المغاربة، وبتعميم التعليم في جميع مناطق المغرب، وبإدماج التعليم الأولي في الابتدائي، وفي توسيع قاعدة التعليم المدرسي الخصوصي، وفي امتلاك جميع المتعليمن، ما قرره المخططون من كفايات ومهارات تمكنهم من ولوج سوق الشغل. وشكل الخطاب الملكي دعوة إلى الحكومة إلى تقييم سلسة الميثاق، باعتبار المقاربات التي اعتمدها مخططوه قد تجاوزها التاريخ، وباعتبار آليات مناهج التنفيذ وأجرأة الميثاق لم تكن مناسبة ومواتية لتحقيق أهداف الميثاق، وهذا ما أكده كل من حبيب المالكي بتأخير الرهانات واخشيشن والعابدة بإقحام مخطط جديد قديم، سمي بالاستعجالي، نفى الوفا أن يكون قد حقق نتائج ملموسة في القطاع، باستثناء ما يتداول داخل دواليب الوزارة والأكاديميات من أن ميزانيات البرنامج الاستعجالي صرفها مخططوه ومنفذوه، دون أن يكون لذلك أثر على الواقع التعليمي.ويرى عزيز ناصر مونتاس، رئيس سابق لجمعية آباء، أن ملف التعليم لم يعد بالإمكان الاحتفاظ به داخل المكاتب أو أروقة الوزارات أو حتى مجالس استشارية. لقد أصبح اليوم، بعد الخطاب الملكي، شأنا مجتمعيا، لكل مغربي أن يقدم تشخيصه وما يراه من اقتراحات وحلول لإخراج هذا القطاع من غرفة الإنعاش التي أدخل إليها، بسبب الإهمال، أو بسبب سلوكات وزير اختلط عليه الأمر بين مهام وزير مسؤول عن قطاع حساس يرتبط به مستقبل الوطن والمواطنين، وبين سلوكات رجل جاء لاستكمال تقاعده وقضاء ما تبقى من الوقت الميت بالوزارة.إن ما تعرض له التعليم من تجارب، منذ عهد عز الدين العراقي ومناظرة إفران سنة 1981 إلى اليوم، شخصه جلالة الملك، عندما عبر عن استغرابه من عدم تمكن شباب منتوج هذه المنظومة التربوية من إيجاد مسالك لسوق الشغل، رغم كل المبادرات التي يتميز بها وقدراته الإبداعية. إن موضوع التعليم لا يمكن معالجته اليوم إلا من خلال تنظيم مناظرة وطنية تكون خلاصاتها نتيجة أعمال مناظرات جهوية، يشارك فيها كل الفاعلين، بمن فيهم الحكومة بورقة عمل والمجتمع المدني والأحزاب والنقابات والفاعل الاقتصادي.من جهته، أوضح محمد أفتحي، (مسير) أن خطاب الملك، واقعي يجسد ويحدد الخلل في قطاع التعليم الذي يعرف تدهورا «مستمرا». فلأول مرة، يقول أفتحي، يوجه الملك نقدا «حادا» وشديد اللهجة إلى حكومته في قطاعات حساسة كالتعليم وقطاع الصناعة التقليدية المرتبط بالقطاع السياحي. إن جميع الإصلاحات والأوراش المفتوحة في التعليم تنتهي بالفشل، لأن جميع الحكومات السالفة تنقصها الرؤية البعيدة المدى، وتعمل وفق برامج محددة تتناسب مع مصالح أحزابها، وتستعملها كأدوات سياسية في حملاتها الانتخابية، ونبه إلى ضرورة إعلاء مصلحة الوطن فوق المصالح الحزبية الضيقة، ولابد أن تؤسس برامج الحكومة المقبلة على أساس استمرارية الأوراش الإصلاحية في كل القطاعات الحيوية.محمد إبراهمي (أكادير)

الملك يحدد مكامن الخلل في المنظومة التربوية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك: الوضع الحالي للتعليم أكثر سوءا

نقابيون يؤكدون خطورة اختلالات التعليم

مقالات ذات صلة