واقع جديد

لبكر: لا سيادة مستقبلا لأي دولة عاجزة عن تحقيق الاكتفاء في أساسيات العيش أوضح رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسلا جامعة محمد الخامس، أن جائحة كوفيد 19، كشفت عن العديد من المعطيات المؤثرة في البناء المؤسساتي للدول، وأماطت اللثام عن مقاربات أخرى في قراءة هذا البناء وفي كيفية تقييم الأداء العمومي داخل هذه الدول، حتى «أننا صرنا أمام واقع جديد، سينسف بكل تأكيد، عددا من مداخل قراءاتنا لظاهرة الدولة ويضعنا بالتالي أمام تعاط آخر لها». وأفاد لبكر أن قضية " الاكتفاء الذاتي للدول" واحدة من هذه المبادئ الجديدة التي سنقيم عليها أسس تعريفنا للدولة، إذ كنا دائما نقف في تعريفنا للدولة عند ثلاثية الإقليم والسكان والسلطة السياسية ذات سيادة، لكن السؤال الذي طرحته الجائحة اليوم هو: عن أي سيادة نتكلم في غياب قدرة الدولة عن تحقيق اكتفائها الذاتي في توفير المقومات الجوهرية للحياة، لها ولمواطنيها بالأساس؟ واستطرد أستاذ القانون العام قائلا إن بعض المقومات الطبيعية أو الجغرافية تحولت لدى بعض الدول من أسباب القوة والتأثير والغنى، إلى عملة عاجزة عن الوقوف في وجه المتغيرات الجارفة التي أحدثتها جائحة كوفيد 19، وفي فترة زمنية وجيزة، وتحولت القدرة إلى إنتاج دواء للفيروس أو اكتشاف لقاح ضده أو ابتكار منهجية لاحتوائه، إن لم نقل توفر قنينة أوكسيجين لمريض، هي المحدد الرئيسي في تصنيف قوة الدولة الحقيقية، وأضحى الجميع متطلعا إلى الجهة التي سيأتي الحل على يدها، بعدما أصاب مقوماتها الكساد. وتطرق المتحدث نفسه إلى انعكاسات الجائحة من قبيل انهيار أسعار النفط وقيم التداول بالبورصات التي أغلقت أبوابها على ركود لم يسبق له مثيل، مؤكدا أنه عندما كان الحل هو الدعوة إلى الإغلاق التام، لم يعد الصمود ممكنا، إلا للدول التي بمقدورها تحقيق اكتفائها الذاتي، سيما في العناصر الجوهرية لوجودها، وهي الدواء والغذاء، أي توفير دخل قار للمواطنين يوفر الحد الأدنى من فرص العيش في غياب العمل، وقدرة المنظومة الصحية على احتواء عدد المصابين وإسعافهم بجودة وكرامة، واستعداد البنيات العلمية على الانخراط في المجهودات البحثية لإيجاد الحل و تبادل المعلومات مع غيرها في هذا المجال، بمعنى التحول وفق منظور الاكتفاء الذاتي، من وضعية الاستهلاك إلى وضعية الإنتاج، ثم تطور منظومة التنشئة والتربية على القيم، وهل أفلحت في بناء مواطن، مندمج مع خصوصيات المرحلة وبالتالي التفاعل الإيجابي معها، من خلال الالتزام الواعي بالإجراءات التي تطلب منه. وقال رشيد لبكر إن جائحة كورونا عرت الواقع الحقيقي لعدد من الدول، حتى تلك التي دأبنا على تصنيفها في دائرة الدول العظمى، سيما بعد انهيار منظومتها الصحية، وعجزها عن استقبال المرضى، واضطرارها بالتالي إلى اعتماد مقاربة التمييز بين من يستحق العلاج أولا، وهي كما نعلم مقاربة ضد العلم والأخلاق والإنسانية، وهذا يجعلنا نخلص إلى الفكرة المحورية المتعلقة بالاكتفاء الذاتي، فلا سيادة مستقبلا لأي دولة، عاجزة عن تحقيق هذا الاكتفاء في أساسيات العيش، ومن ثم، فالدرس الأساسي الذي ينبغي للدول استخلاصه من الجائحة، هو الاهتمام بكل السبل التي ستمكنها من تحقيق هذا الاكتفاء، وعدم الركون إلى ثروات "الريع" التي قد تنهار عند أول اختبار، ولعل أولى هذه السبل، تتعلق ببناء الإنسان المواطن، من خلال تعليمه التعليم الحقيقي، المحفز على التفكير والتوقع والابتكار والاندماج في محيطه العام، زمانا ومكانا، فما معنى تعدد المؤسسات والمعاهد إذا كانت في مجملها عاجزة عن المساهمة في تقديم الأجوبة الضرورية عن قضايا الدولة المصيرية. كما أن هذا الاكتفاء، يضيف لبكر، يتأسس أيضا بإعطاء الأولوية في السياسات العمومية للقطاعات الحيوية، التي يجب من الآن التفكير في رفع مخصصاتها من الميزانيات العمومية، لأن الإنفاق في الكماليات غير مبرر تماما في دولة لم تحقق اكتفاءها في الأساسيات. المصطفى صفر

واقع جديد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ليفربول يحسم أولى صفقاته

"كاف" تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات