“بوليساريو” تجوع سكان المخيمات

تسارع الفضائح والتسريبات مؤشر على أن الجبهة تتحطم ذاتيا دون عامل خارجي بقلم: الفاضل الرقيبي في محاولة لاستعادة وضعية ما قبل 13 نونبر 2020، تسعى قيادات "بوليساريو"، تحت الإشراف المباشر لعسكر الجزائر، إلى فرض جملة من الإجراءات والممارسات لكبح جماح صحراويي المخيم، بعدما شحنتهم بالانتصارات الكاذبة، وحاولت الاستثمار في معنوياتهم، للضغط على جهات دولية من أجل الحصول على المزيد من الدعم المالي، وتسويق مغالطات حول تمرد الشباب داخل المخيمات، زاعمة بأن الأمر يتعلق فقط بمطالبتهم بالعودة إلى الحرب، ضدا على تقاعس الأمم المتحدة، بينما الحقيقة هي أن الشباب غاضبون على الوضعية المزرية واللاإنسانية التي رمتهم فيها الجبهة وعصابة الجنرالات، التي حولتهم إلى مجرد خلايا احتياط لجماعات التهريب الدولي، وبؤر التطرف الديني، الذي تستثمر فيه الجزائر بقوة، لأجل فرض أجندتها في المنطقة. غير أن العودة إلى الوضع، قبل العملية العسكرية المغربية في الكركرات، أمر قد لا يكون بتلك السهولة، بعد حملات التعبئة والتحريض، التي كانت تنفخ فيها الآلة الدعائية الجزائرية، عبر ترسانة من القنوات والمواقع الإلكترونية، التي تناست هموم المواطن الجزائري، الذي بات يحلم بقارورة زيت، وراحت تروج لحرب لا توجد إلا في بلاغات يكتبها "سويدي وكال" بمنزله الفاخر بحي الضباط، المحاذي لـ "السكتور العسكري" في تندوف. وقد بدأت ما يسمى "مديرية الترخيص" في الرابوني باتخاذ أولى خطوات استعادة الوضع، من خلال تحديد عدد السيارات المسموح لها بالخروج من كل مخيم باتجاه الأراضي العازلة وموريتانيا، في خمس عشرة ناقلة فقط، تخضع لتفتيش دقيق من قبل الجمارك الجزائرية للتحقق من استيفائهم الشروط المطلوبة، وعلى رأسها إبلاغ مديريات الأمن بأسباب خروجهم والوجهة المقصودة، إذ لا يسمح بتاتا لمنتقدي القيادة بمغادرة المخيمات، التي تعرف وضعية اجتماعية خطيرة، بعدما تم توقيف أجور المعلمين والأساتذة والعاملين بقطاعي الصحة والإعلام، منذ أكتوبر 2020، في خطوة من الواضح أنها تهدف إلى تجويع السكان لتفرض عليها، بعد ذلك، تخفيض سقف التوقعات والعودة إلى الوضع السابق. خصوصا إذا علمنا أن أفراد ميلشيات "بوليساريو" المسلحة وشرطتها لم يتوصلوا برواتبهم منذ نونبر 2020، في الوقت الذي نزلت فيه حكومة الجبهة ميزانيتها السنوية ليوافق عليها برلمان "الشراويط"، والتي فاقت 300 مليار سنتيم، وهي مبالغ كافية لسد جوع هؤلاء المغرر بهم، لكن هيهات، فهاته العصابة تمتهن كل شيء، إلا السعي في مصلحة الصحراويين فهو أبعد ما يكون منها. أما في ما يخص الملف الخارجي، فتستمر مهازل وخيبات دبلوماسية "التذاكر"، وهذه المرة تعود الفضائح إلى تمثيليات "بوليساريو" بأوربا، حيث تداولت مواقع التواصل رسالة من العربيد محمد سيداتي، يشتكي فيها من تهميشه من ولد السالك، واللص أبي بشرايا في تأبين زميله محمد خداد، الأمر الذي اعتبره البعض حربا على الرجل، ومحاولة تحميله مسؤولية فشل الجبهة في أوربا، غير أن ولد سيداتي خرج عن صمته، وربط أسباب تهميشه إلى خلافات شخصية تتعلق بمطالبته لأبي بشرايا بتسديد ديون تتعلق بمصروفاته عندما كان ممثلا بفرنسا، والتي تصل إلى سبعة وسبعين ألف أورو، أو إعطائه الفواتير المتعلقة بها لتسليمها للسفارة الجزائرية بباريس لكي تتكفل بأدائها، إلا أن أبي بشرايا رفض التجاوب معه، وقاد حملة ضده بمساندة محمد سالم ولد السالك، الذي يبدو أنه تحرر من قيوده بعد وفاة امحمد خداد الذي كان يهمشه، ويحتكر كل صلاحيات دبلوماسية الجبهة. وقد أظهرت هذه الحادثة مدى هشاشة هذا الجهاز المتمرس في صناعة انتصارات الأكاذيب، كما كشفت طبيعة تفكير هذه العصابة وحقيقة أهدافها التي تحركها وهي المال ولا شيء غيره. لقد أظهرت التطورات الأخيرة لدى كل المشككين في حقيقة هذه الجماعة أنها مجرد حركة متعفنة تتحكم فيها نزوات الجنرالات الذين حولتهم، وبمعيتهم بضعة آلاف من الصحراويين، إلى دمى خيطية تحركها في الوقت الذي تشاء، للحصول على مكاسب مادية ومرحلية، غير أن تسارع الفضائح والتسريبات، أخيرا، وبوتيرة متتابعة، إنما هو مؤشر على أن هذه الجماعة تتحطم ذاتيا دون الحاجة لأي عامل خارجي، فسكان المخيم المغلوب على أمرهم، لن يظلوا صامتين إلى الأبد، خصوصا بعد ظهور أولى البشائر من مخيم "الجديرية"، حيث بدأت وقفات احتجاجية منتظمة ترفع خلالها مطالب، ظاهرها اجتماعي وباطنها سياسي، من المنتظر أن تتوسع رقعتها في ظل تجويع عمال الصحة والتعليم.

“بوليساريو” تجوع سكان المخيمات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يارا تغني جينيريك "ولاد العم"

جثة بقناة ماء بأفورار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات