إجراءات كورونا … فاسيون هجروا التبضع

تدهور القدرة الشرائية حول المدينة العتيقة إلى مكان أشباح تدهورت القدرة الشرائية للفاسيين بشكل غير مسبوق تزامنا مع إجراءات فيروس كورونا، القاتلة لمصادر عيشهم، وما ترتب عنها من كساد شامل لكل القطاعات والحرف والمهن. ووجدت فئة كبيرة من الأسر نفسها عاجزة عن تدبر مصاريف يومية بسيطة، وزاد رقم المتسولين وفئاتهم بشكل مخيف بنقط الجذب والسخاء خاصة قرب المساجد والمحطات. صور تبكي العيون دما حسرة على مصادر عيش ماتت وقتلت قدرة الآلاف على شراء بسيط حاجيات لا محيد عنها، ما يمكن الوقوف عليه بالأسواق الشعبية والنموذجية بأحياء تخفي دموع فئة تتسلح بالقناعة وعزة النفس ولا ترضى مد اليد توسلا ولو ماتت جوعا أو اقتاتت بقليل الطعام دون تلبية شهوات بطون يهددها الفراغ قبل الفيروس القاتل. "باش غادي نعيش؟. تمنيت الموت وما نعيش هد الحالة" كلمات تزلزل كل قلب رحيم، نطقها أحمد متسائلا عن أي قدرة للشراء وحتى العيش في زمن قتلت في كورونا كل شيء حتى التكافل والقيم الإنسانية النبيلة. ويضيف "كتبقى فيه هدي وخوها" مشيرا بأصبعه لابنته الصغيرة التي تركت الفصل لتساعده في دفع الكرسي المتحرك دون عجلة حياتها المشلولة. لم يعد أحمد قادرا على المشي واستجداء عطف وصدقة زبناء المقاهي والمطاعم، بطنه "مفتوحة" في انتظار عملية جراحية لا قدرة له على تكاليفها وهو العاجز عن تدبر قوت أسرته، بعدما فقد العمل والصحة كغيره ممن حكمت عليهم ظروفهم الاستثنائية التسول حيث لم يعد للمحسنين ما يتصدقون به، هم أنفسهم تضرروا وتقلصت مداخيلهم وقدرتهم الشرائية. "القدرة الشرائية مرتبطة بالرواج والدخل الفردي، وانخفاضها المريب تضررت منه أسر كثيرة" يؤكد عبد العالي سائق سيارة أجرة صغيرة، أب ل3 أطفال، موردا مثلا بحالة قطاع يمتهنه وتقزمت مداخيله عكس الأيام العادية وعلاقة بالتدابير المتخذة، وبشكل أثر على قدرته الشرائية وتبضعه بالكيفية والجودة المطلوبة. يحكي عبد العالي المجاز في القانون، عن معارف له يعيشون ظروفا لا يحسدون عليها، موردا قصة قريبه الصانع التقليدي في صناعة الشرابل بالمدينة العتيقة، حرفة ماتت سريريا في غياب السياح وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن ما لم تنتعش مجددا في رمضان والعيد، فيحيى أمل المئات من أمثاله فقط "الله للي حس بيهم" يصف صانع تقليدي مستاء. "المدينة القديمة أصبحت مدينة أشباح. لا المحلات مفتوحة ولا الأزقة مبتهجة. كل شيء مات بسبب كورونا. السياح غائبون والحركة مشلولة والجيوب مثقوبة والحديث عن قدرة شراء، ترف" يحكي "إدريس ب." ابن حي السعادة واصفا بحسرة حالة فضاء تجاري بلا رواج "هبطت ليها شدتني البكية، درت وطلعت شدني البؤس. كورونا قضات الغرض". وما لم يقتله الفيروس، قتله الكساد وأزمة جعلت أسرا "قاضية باللي عطا الله" في غياب الدخل أو تقلصه بالنسبة لفئة عريضة من الفاسيين سيما من الطبقات المتوسطة والفقيرة التي تعيش من السياحة والصناعة التقليدية ومهن دفنها كورونا حية طيلة سنة . حميد الأبيض (فاس) ميكروطروطوار التضامن خفف الأزمة صراحة القدرة الشرائية انهارت بشكل شبه تام خلال الأشهر الأولى لانتشار جائحة كورونا، فجميع الأسر تضررت بدون استثناء حتى موظفو القطاع العام تضرروا بشكل أو بآخر، بسبب ارتفاع أثمنة بعض المواد، وعطالة أفراد من أسرهم، بعدما توقفت العديد من الشركات أو المؤسسات الصناعية، فصار لزاما عليهم إعانة هؤلاء في إطار التضامن الذي يميز المغاربة... ومن مظاهر انهيار القدرة الشرائية، تراجع أرقام المعاملات لأصحاب المحلات التجارية خصوصا في الأحياء الشعبية وشبه الشعبية، إذ أن تاجر أو بقال الحي يعتبر بمثابة قياس للقدرة الشرائية. وبالإضافة إلى ذلك فإن تاجر الحي لعب دورا أساسيا خلال فترة الحجر الصحي باعتماد منطق منح المواد الاستهلاكية مع تأخير الأداء، نظرا للأزمة التي تمر منها الأسر، وبالتالي فإنه ساهم في التخفيف من آثارها، وعوض أن تتم مكافأته، عمدت الحكومة إلى إقرار نظام المساهمة المهنية الموحدة، والذي سيزيد من تعميق أزمة التاجر أو البقال، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الحكومة عوض أن تفتح نقاشا مع قطاع ساهم في التحفيف من الأزمة التي عصفت بالقدرة الشرائية للمواطن، اختارت أن تنزل عليه بقوانين ستنعكس سلبا على المستهلك بالدرجة الأولى. تراجع المصروف كشفت الجائحة عن أزمة عميقة لدى الأسر، التي تضررت بفعل جائحة كورونا، إذ انهارت القدرة الشرائية للمواطنين، وتراجع معدل مصروفهم اليومي، فمثلا المواطن الذي يستهلك أسبوعا كيلوغرام لحم، صار يستهلك النصف أو أقله. فالإغلاق الذي صاحب كورونا، كشف بالملموس عن العدد الكبير من المواطنين الذين يشتغلون بالأجرة اليومية ويعيلون أسرا تتكون من العديد من الأفراد، وبالتالي فإن الإغلاق يعني توقفهم عن العمل، وهو ما تضررت معه قدرتهم الشرائية. ورغم الدعم الذي قدمته الدولة، لبعض الفئات الاجتماعية، وكذا بعض المبادرات الإحسانية، فإن كل ذلك لا يمكنه أن يحدث توازنا ماديا لهذه الأسر، وظلت القدرة الشرائية للمواطن متضررة. كما أن الفئات الميسورة نسبيا تضررت قدرتها الشرائية، وأصبحت تلتجئ إلى الادخار، خصوصا وأن فترة استمرار هذا الوباء لا يتنبأ بها أحد. ورغم الرفع من قيود الحجر الصحي، ولو بشكل جزئي خلال الأشهر الأخيرة، وتباشير موسم فلاحي جيد، فإن القدرة الشرائية لازالت متضررة، على اعتبار أن فئات عديدة متخوفة من القرارات التي قد تتخذها الحكومة، بالعودة إلى الإغلاق الشامل، خصوصا مع اقتراب رمضان، وظهور حالات لكورونا المتحور. وأعتبر كما هو حال العديد من التجار والمهنيين، أن أي إغلاق شامل – خصوصا في رمضان – يعني الإجهاز الشامل على القدرة الشرائية للمواطن البسيط. استقاهما: محمد العوال (آسفي)

إجراءات كورونا … فاسيون هجروا التبضع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإجراءات الاحترازية ... شلل قطاعات حيوية بالشمال

بورصة البيضاء...ارتباك في وتيرة التداولات عند الافتتاح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات