أزمة “كورونا” … قطاعات انهارت وعائلات دمرت

مدير "كباري" أصبح يبيع "زيت العود" وممون حفلات أصيب بسكتة قلبية بعد أن عجز عن الوفاء بالتزاماته في الوقت الذي عرفت قطاعات عديدة انتعاشا بفضل أزمة "كورونا"، أثر تفشي الوباء في بلادنا على قطاعات أخرى، توقفت تماما منذ أكثر من سنة، مما أدى إلى إفلاسها وانهيارها وتشريد عدد كبير من الأسر والعاملين والمستخدمين الذين كانت تشكل مورد رزق بالنسبة إليهم. أول القطاعات المتأثرة بالأزمة، الملاهي الليلية التي أقفلت أبوابها منذ مارس من السنة الماضية، وما زالت الضبابية تسود حول توقيت عودتها من جديد. وإذا كان عدد كبير من أصحابها وملاكها راكم الكثير من الثروات على مر السنين، تسمح له بأن يعيش في بحبوحة لسنوات أخرى مقبلة، فإن جميع مستخدميها يعيشون اليوم على عتبة الفقر، بعد أن فقدوا جميع مواردهم وأصبحوا عاطلين عن العمل. عصام، واحد من هؤلاء المستخدمين. كان يشتغل في واحد من أشهر "الكباريهات" في البيضاء، قبل أن تضطره "كورونا" إلى "قلب الفيستة»، ليتحول في ظرف شهور، من «مدير يهش وينش» العاملين والزبائن، وله كلمته المسموعة داخل الملهى الليلي، إلى بائع «زيت العود». يقول في اتصال مع "الصباح": "لا يمكن أن أظل عاطلا عن العمل. فلدي مصاريف وأسرة وأبناء من مسؤوليتي أن أوفر لهم جميع متطلبات العيش. لذلك لجأت إلى البريكول وبيع الزيت البلدية، فأنا لا أتوفر على شهادات جامعية ولا أفهم في أي مهنة أخرى، ولا أعرف سوى حياة وشغل الليل". سألناه إن كانت أموره على ما يرام، مع التجارة الجديدة، فقال "الحمد لله على كل حال. صحيح أن العديد من الأمور تغيرت. وأصبحت أقطن في بيت العائلة بعد أن عجزت عن أداء مصاريف الكراء، وانتقل أبنائي من الدراسة في الخاص إلى المدارس العمومية، لكننا عايشين في انتظار الفرج". من جهتها، تعيش عائشة، حارسة مرحاض في أحد الملاهي الليلية الشهيرة في العاصمة الاقتصادية، وضعية سيئة جدا بسبب أزمة "كورونا". فهي أم لابنة مراهقة، باعت الغالي والنفيس من أجل أن تدخلها مدرسة خاصة لتحصل على دبلوم جيد يؤهلها إلى إيجاد عمل محترم، لتجد نفسها اليوم عاجزة عن أداء مصاريف الدراسة لابنتها، دون الحديث عن واجبات كراء المنزل، التي تراكمت عليها، وتهديد صاحبه بطردها في أي لحظة. تشتغل عائشة اليوم في البيوت بشكل غير منتظم، من أجل توفير لقمة العيش لها ولابنتها، خاصة أنهما "مقطوعتان من شجرة". تقول في لقاء مع "الصباح": "استفدت من 800 درهم التي خصصتها لنا الدولة في الشهور الأولى من الحجر الصحي. لكنها لم تكن كافية لأداء مصاريفنا. فقد كنت أحصل على أجرة لا بأس بها من صاحب الملهى الليلي الذي كنت أشتغل به، إضافة إلى البقشيش الذي كنت أحصل عليه من الزبائن، خاصة السكارى، الذين يزداد كرمهم في الساعات الأخيرة من الليل". مأساة تسببت أزمة "كورونا"، في مأساة عائلية حقيقية لأسرة تعودت على العيش الرغيد، لتجد نفسها بين عشية وضحاها، مفلسة تماما بعد منع إقامة الأعراس والجنائز والمناسبات الخاصة. فرب الأسرة ممون حفلات، لديه الكثير من المصاريف المتعلقة بالأقساط البنكية التي يسددها كل شهر، سواء الخاصة بالسكن أو بالسيارة أو بتمدرس الأبناء في مؤسسات تعليمية خاصة، أو ببعض القروض الاستهلاكية، إضافة إلى أجور المستخدمين والممونين والمزودين، والذي وجد نفسه عاجزا عن تسديدها بعد توقف الحركة والنشاط الاقتصادي لشركته. اعتقد الرجل، مثلما تحكي شقيقته، التي كانت تشتغل معه، في لقاء مع "الصباح"، أن الأمور ستتحسن في ما بعد، لكن كلما طالت مدة الحجر، كلما زادت ضائقته المادية. تقول "رفض البنك إقراضه المال. أصبح الدائنون يطالبونه بعد مدة بأموالهم. باع المبردات والتجهيزات التي كان يشتغل بها في الحفلات. خسر آخر فلس من مدخراته، لأنه كان مصرا على أداء أجور عماله ومستخدميه الذين اشتغلوا معه لسنوات. زادت المشاكل داخل البيت بسبب متطلبات الزوجة والأبناء الذين لم يتفهموا الوضع الجديد". بعد شهور من بداية تفشي الوباء، وبعد أن وصلت الأمور حدا لا يطاق، وأصبح صديقنا عاجزا عن الوفاء بالتزاماته، خاصة بعد أن رفع البعض قضايا يطالبون فيها بأموالهم، أصيب باكتئاب حاد ولزم الفراش، قبل أن يتولاه الله برحمته، ويموت بسكتة قلبية مفاجئة. نورا الفواري نورا الفواري

أزمة “كورونا” … قطاعات انهارت وعائلات دمرت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وزارة الصحة تؤكد انتشار السلالة البريطانية لكورونا في 7 جهات

وفاة الفنانة الحاجة الحمداوية

مقالات ذات صلة