الحمامات … كلفة سنة من الإغلاق

جزء كبير باشر نشاطه من جديد ومصاريف إضافية تؤرق المهنيين تنفس أرباب ومهنيو الحمامات بجهات المملكة الصعداء، بعدما قررت السلطات العمومية، السماح لهذا القطاع باستئناف نشاطه، بعد سنة من الإغلاق، جرت فيها الكثير من المياه تحت الجسر، وتفاقمت فيها الأزمة حد الاختناق، سواء تعلق الأمر بالمستثمرين أو المهنيين أو العاملين في هذا المجال، من قبيل "الكسالة" و"الطيابات"، وكذا المواطنين الذين احتجوا مرات عديدة على قرار السلطات، وطالبوا بفتح هذه الفضاءات، التي تعتبر من صميم الشؤون الضرورية لمعظم المغاربة. إنجاز: عصام الناصيري/ تصوير (أحمد جرفي) رغم السماح باستئناف الحمامات نشاطها، فإن الأزمة لم تفارق مهنيي القطاع، إذ لايزال كثيرون يعانون بسبب تراكم الديون، والتوقف عن العمل، إضافة إلى التكاليف الإضافية، الناتجة عن سنة من الإغلاق، إذ يتطلب الأمر القيام بعملية صيانة للعتاد، من أنابيب معدنية وقارورات غاز وغيرها. صامدون رغم الأزمة تكبد المهنيون خاصة العاملين البسطاء داخل الحمامات معاناة حقيقية، ومنهم من وصل به الأمر إلى الجوع، والعجز عن أداء واجبات كراء مساكنهم، وفي هذا السياق يقول عبد العزيز، صاحب حمام، إنه "لم يكن هناك حل آخر، وما كان علينا سوى أن نصبر، واليوم جاء الفرج، وسمحت لنا السلطات باستئناف عملنا، وسنحاول أن نتجاوز هذه الأزمة بما أوتينا من صبر وعمل". ويضيف عبد العزيز، أن "هناك بعض المهنيين، الذين أجبروا على دفع تكاليف استئناف نشاطهم، إذ هناك بعض الحمامات التي تجاوز عمر تشييدها 20 سنة أو ما فوق، وهذا النوع يحتاج إلى صيانة عالية، خاصة أن المعدات والبناية تتهالك نتيجة التوقف عن العمل لأشهر، وفي هذا السياق ليس جميع المهنيين لهم القدرة على دفع تكاليف الصيانة، إذ أن البعض لا يملكون قرشا واحدا، فما بالكم بتكبد معاناة الصيانة". وفي الوقت نفسه، يوضح عبد العزيز، أن "هناك من يعتقد أن السلطات أغلقت الحمامات نكاية في أصحابها، بينما في الواقع الأمر مختلف، لأن الدولة تخشى على مواطنيها أن يصيبهم مكروه، ثم إن الأزمة ليست حكرا على المغرب، بل مست جميع سكان العالم، نتيجة هذا الفيروس الذي قلب جميع الموازين". وضعية صعبة وأما بالنسبة إلى العمال البسطاء داخل الحمامات، من "كسالة" و"طيابات"، يقول عبد العزيز، جلهم عادوا لاستئناف عملهم أيضا، فيما البعض الآخر قرر العمل لصالح شخص آخر، أو استبدل حرفته بأخرى. ويشير المتحدث ذاته، إلى أن "هناك بعض المسائل التي لا يعرفها عامة الناس، من قبيل أن البعض يعتقد أن "الكسال" يعمل لصالح رب الحمام، بينما الأمر مختلف، لأن صاحب المشروع، يشغل فقط المكلف بالنار "الفرناطشي"، والشخص المكلف باستخلاص تسعيرة الدخول ومراقبة أغراض الزبائن". وأضاف، أن ""الكسال" يعمل مع زبائنه، الذين يتكرمون عليه ببعض المال، حسب الخدمة التي قدمها لهم، إذ هناك من يعطيه 30 درهما أو 50 أو 100 حسب الزبون، مبرزا أن بعض أرباب الحمامات، تضامنوا مع هذه الفئة، كل حاول أن يساعد قدر الإمكان، الأشخاص الذين كانوا يعملون معه". وأما بالنسبة إلى عودة النشاط، يقول عبد العزيز، إن الدورة الاقتصادية لا تزال متعثرة نوعا ما، خاصة أن الحمامات تشتغل أفضل في فصل الشتاء، ولسوء الحظ أن قرار استئناف النشاط، جاء بعد نهاية هذه المرحلة، لأن أغلب الناس يستحمون في منازلهم، وباستثناء أيام الأحد، التي يقبل فيها التلاميذ والموظفون على الحمام، فإن باقي أيام الأسبوع لا تزال تعرف نوعا من الركود. وأوضح المتحدث ذاته أن هناك من أرباب الحمامات، من قرر رفع تسعيرة الدخول، فيما حافظ جزء آخر على الأثمنة نفسها، لأن زبون الحمام بدوره تضرر نتيجة هذه الأزمة، لكن بالمقابل ي جب على المواطنين الالتزام بدورهم، إذ هناك من يهدر كميات كبيرة من الماء، وكأنه ينتقم من إغلاق الحمامات، وهناك من يفتح الصنبور ويلعب بالماء، علما أنه يجب عليهم التضامن مع أرباب الحمامات، وترشيد استعمالاتهم، لأنه إضافة إلى فاتورة الماء، هناك تكاليف أخرى من قبيل الخشب الذي يسخن هذا الماء أو الغاز. ونفى عبد العزيز استفادته من أي تسهيلات حكومية، موضحا أنه لم يشارك في الاحتجاجات أو شيء من هذا القبيل، مبرزا "أنا شخص أحب "التيقار"، ولست مستعدا للدخول في دوامة القروض، لهذا فإني حاولت أن أجعل مشروعي يقف على رجليه من جديد، دون الدخول في مثل هذه المسائل". معاناة "الكسالة" يقول عبد الله، وهو مكلف بتسيير حمام بدرب غلف بالبيضاء، إن فترة الإغلاق للنسيان، إذ تضرر العمال كثيرا، "منا من اضطر لبيع أثاث بيته من أجل مواجهة تداعيات الأزمة والتوقف عن العمل". وأضاف بنبرة حزينة، أن هذه الجائحة أثرت علينا كثيرا، ومست جيوبنا، كما أن أرباب الحمامات كذلك، عانوا الكثير، إذ أن "الجعابي" وقارورات الغاز تم استبدالها، لأنها لم تعد صالحة". وأضاف أن التوقف عن العمل، يؤدي إلى تراكم مادة "الكالكير"، وهو ما يضر كثيرا بالمعدات، خاصة الذين يستعملون ماء البئر. وأشار عبد الله، إلى أن هناك من رفع من تسعيرة الحمام، غير أن الشخص الذي يعمل لحسابه، قرر الحفاظ على السعر الذي كان قبل الأزمة، مبرزا أنه يمكن أن يرفعه من الأيام المقبلة، "لكن الآن نحن نحافظ على السعر ذاته، رغم أن بعض الجمعيات طلبت منا زيادة 5 دراهم، غير أن رب العمل رفض هذا الأمر، لأن زبائنه متضررون بدورهم". احتجاج وغضب عبر أرباب الحمامات عن غضبهم من تعامل الحكومة مع مطالبهم، إذ أكد جزء منهم أن الحكومة همشت المستثمرين في هذا القطاع، وأصرت على إغلاق الحمامات رغم تحسن المؤشرات الوبائية، وهو ما دفعهم إلى الاحتجاج بالبيضاء، خاصة بعد عدم وفاء الحكومة بتعهداتها، في ما يتعلق بصرف تعويضات لهذه الفئة. وبعد موجة احتجاجات، قررت السلطات العمومية والصحية، السماح لهذا القطاع بالعودة إلى نشاطه المعتاد، مع التقيد بالإجراءات الاحترازية الضرورية، من احترام لنصف الطاقة الاستعابية، والإغلاق نحو الثامنة مساء، والالتزام بالتعقيم والتباعد الجسدي والتنظيف المستمر. وسبق لنادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، أن عقدت اجتماعا مع الجامعة الوطنية لأرباب ومسيري الحمامات التقليدية والرشاشات بالمغرب، وتعهدت بإجراء اتصالات فورية مع الجهات المنكبة على تدبير جائحة كورونا، من أجل فتح حمامات البيضاء، باعتباره مطلبا استعجاليا. أوعشى: تسعيرة هزيلة ربيع أوعشى* > كيف مرت فترة الإغلاق على أرباب الحمامات والعاملين فيها وما أبرز الخسائر التي خلفتها؟ > مرت علينا هذه السنة من الإغلاق مثل إعصار، خلف عجزا ماليا كبيرا، أثر على الأوضاع الاجتماعية لأرباب الحمامات والمستخدمين، وأضرارا نفسية كذلك، ناهيك عن التكاليف المالية الإضافية، التي تتطلبها إعادة صيانة الحمام، وفقا لمعايير النظافة والأمان والاسترخاء. > كيف استعددتم لمرحلة فتح الحمامات وهل تم استئناف النشاط بشكل عاد؟ > يمكن القول إن الاستعداد لاستئناف النشاط المهني، كان وفق المعايير المحددة في البرتوكول الصحي للمملكة، المسطر من قبل الإدارات والسلطات الوصية، وهو ما أثر على النشاط الخدماتي، لأننا نشتغل وفق 50 بالمائة من الطاقة الاستعابية، إضافة إلى أننا لا نتجاوز الغلاف الزمني المحدد، إذ نغلق أسوة بباقي الأنشطة المهنية والتجارية، تمام الساعة الثامنة مساء. وبالتالي أثر هذان الشرطان على نشاط دورة الإنتاج، بشكل سلبي، إذ لا تساعد الأرباح اليومية، على تحقيق الحد الأدنى للاشتغال في الأيام العادية. يضاف هذا إلى الإجراءات الضريبية، التي جاء بها قانون مالية 2021، التي وضعت قطاع الحمامات، تحت ضغط آخر، دون مراعاة أن 2020 كانت سنة مالية بيضاء بدون مداخيل. > هل يجوز الرفع من تسعيرة الحمامات من أجل تعويض الخسارة، علما أن زبائن الحمام بدورهم يعانون ضعف القدرة الشرائية؟ > الحديث بشكل واقعي، يدفعنا للقول إن تسعيرة الحمامات الحالية هزيلة جدا، أمام ارتفاع تكاليف الماء والكهرباء، ومصاريف الحطب، إضافة إلى حجم الضرائب التي يؤديها مهنيو القطاع، الأمر الذي يجعلنا مقتنعين لطرح مسألة تسعيرة الحمام للنقاش، إذ أن كافة المتدخلين والشركاء يدرسون هذا المعطى، وسنعلن بعد ذلك عن مخرجات الحوار، لأن العمل في هذه الظروف بالأسعار نفسها، بدا أنه غير مناسب. * رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات والرشاشات بالمغرب

الحمامات … كلفة سنة من الإغلاق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المغرب وكولومبيا يجددان التأكيد على الإرادة المشتركة للملك والرئيس إيفان دوك لتعزيز الشراكة بين البلدين

الرجاء مهدد بالسكتة القلبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات