البيضاء … أوراش على المجهول

السكان يترقبون موعد انتهاء الأشغال والمجلس الجماعي يتوعدهم بمزيد من مشاهد الخراب تحولت البيضاء في السنوات الأخيرة، إلى ورش أشغال مفتوح، إلى درجة أصبح البعض يعتقد أن قدر المدينة هو أن تبقى دائما "مقلوبة"، إذ ألفوا أصوات الجرافات، وروائح التزفيت وكثرة الرافعات. إنجاز: عصام الناصيري /تصوير (أحمد جرفي) الغريب في البيضاء، أن جميع الآجال التي تحدد في بداية المشروع لا تحترم، إذ أن بعض المشاريع حددت مدتها في سنتين، لكنها تجاوزت خمس سنوات، كما هو الأمر بالنسبة إلى الكرة الأرضية والكورنيش والمدينة القديمة ومارينا، وغيرها من المشاريع التي يبدو أنها ستنتهي يوما ما. أما خطوط الطرامواي بالبيضاء، فقصة معاناة أخرى، إذ أن أشغالها مستمرة منذ اليوم الأول لتبني العاصمة الاقتصادية هذا المشروع، إذ ما تزال الجرافات إلى حدود اليوم تحفر المسالك، وهناك أسوار قصديرية غامضة تحيط ببعض المساحات لأشهر وسنوات، دون أن يعلم البيضاويون ما يقع بالداخل، ووقت التخلص من تلك المشاهد المقرفة. وسط المدينة لا يرحب بكم في جل مدن العالم يكون وسط المدينة قبلة السياح، وأول مكان يرتاده الزوار، لكن وسط البيضاء يفضل عدم زيارته، لأنه لا يعبر أبدا عن الوجه الحسن للعاصمة الاقتصادية للمملكة، إذ أن جل معالمه مسيجة بأسوار قصديرية بشعة، من الكرة الأرضية، التي حفرتها الآليات وتركتها مبعثرة منذ سنوات، وكل مرة يزورها عامل أو اثنان للتأكد من أنها ما زالت تعطي انطباع البشاعة، ويتركها أشهرا أخرى، رغم أنها مشروع بسيط وصغير لن يكلف الشركة المكلفة بإصلاحه شهرا واحدا. قرب الكرة الأرضية، هناك معلمة "المكانة" أو برج الساعة، بدوره تم تخريب أجزاء منه وترك لحاله، ولم تعد الساعة تظهر للزوار، إذ أخفتها الشركة بلحاف غامض، وأصبح يبدو مثل برج من زمن حضارة الرومان، فلا الشركة تركته على حاله كما كان، ولا قامت بإصلاحه. وأما المدينة القديمة وأسوارها التاريخية، فتعيش الواقع نفسه، منذ أشهر أو سنوات ترى عاملا معلقا فوق قطع خشبية، يقوم بخربشات على السور، وحده من يفهمها وينزل بعد ذلك ويذهب إلى حال سبيله، دون أن يتغير فيه شيء. والغريب في أشغال وسط المدينة، أنها عمليات ترميم بدائية، إذ كيف يمكن تكليف عمال عاديين، يشتغلون بآليات بدائية، ويدعي المجلس أنه يقوم بالترميم، إذ أن الذي يمر بجانب هؤلاء العمال، الذين يعلقون بين الفينة والأخرى بالسور، يتحاشى النظر إليهم، إذ يشعر الشخص بقرب انهيار تلك الأخشاب التي يقف عليها، أو أن تسحبه بعض الحبال العشوائية، التي التفت برجليه ويسقط أرضا. كورنيش عابس هذا المشروع بالضبط، يجب أن يحاكم بخصوصه كل المشرفين عليه، لأن الأشغال بدأت فيه منذ سنوات طويلة، دون أن يظهر فيه أي فرق، إذ كلما مر الزائر بجانبه يجد عمالا يقلمون بعض الشجيرات ويشذبون بعض النباتات الرتيبة، وبعد شهر أو شهرين يلاحظ أن القائمين على المشروع، اقتلعوا تلك الأشجار والنباتات وعوضوها بنوع آخر، لأن تلك الأنواع لا تعيش قرب البحر، الأمر نفسه بالنسبة إلى السياج الذي اجتاحه الصدأ، وتم تعويضه بآخر. بجانب الكورنيش، هناك الممر تحت أرضي، الذي يربط مسجد الحسن الثاني بشارع الجيش الملكي، فرغم أنه مشروع ضخم، فإنه متعثر هو الآخر، وتطرح أسئلة كثيرة حول عدم تسريع أشغاله، إذ عاينت "الصباح" وجود بعض العمال هناك، لكنهم لا يشتغلون وكأنهم يحرسون المكان فقط، وفي بوابته من جهة شارع الجيش الملكي، ركنت بعض الآليات الضخمة، واستحوذت على الطريق، وتتماطل في إنهاء المشروع، وتخليص الشارع من مشاهد الخراب. الطرامواي يخدش وجه المدينة إذا كانت خطوط الطرامواي، حلت جزءا مهما من مشكل النقل العمومي بالعاصمة الاقتصادية، فإنها أيضا شوهت وجه البيضاء الجميل، إذ أن الخطوط الإضافية، أصبحت بمثابة كابوس بالنسبة إلى السكان والأحياء التي تمر منها، فبالإضافة إلى إعدام الأشجار التي مرت هذه الخطوط مكانها، فإنها زادت من حدة الازدحام، وساهمت في زيادة حجم الضوضاء. تستمر الأشغال اليوم في خطوط الطرامواي، في عدد من المقاطعات، ورسمت صورا مزعجة في الشوارع، إذ أن شارع محمد السادس، تحول إلى ورش مفتوح، ويبدو أنه سيظل على حاله لسنوات أخرى، لأن الطريقة التي تشتغل بها الشركة مبهمة، ولا تساعد أبدا على الانتهاء من مدة الإنجاز في وقت وجيز. وتعتمد هذه الشركة على تهيئة جزء بجزء، إذ يتم تسييج عشرات الأمتار، وتبدأ فيها الأشغال ثم الانتقال إلى أخرى، كما أن عملية التهيئة تتضمن مراحل متعددة، منها الحفر ثم التزفيت، وبعد ذلك يتم تثبيت السكة وأعمدة الكهرباء. وتمتد الأشغال على طول شارع محمد السادس انتهاء في شارع "الطاح"، فرغم أن هذه المنطقة تجارية ومركز اقتصادي في المدينة، إلا أنها معطلة في الوقت الحالي، وتساهم في فوضى عارمة بهذا الشارع. وهناك أيضا فوضى في شوارع الجولان، وادريس الحارثي ومحمد بوزيان بعمالة سيدي عثمان، بسبب خطوط الطرامواي، ونقل بعض قنوات الماء الصالح للشرب من قبل شركة التدبير المفوض، وهو ما جعل من البيضاء، قطعة من الخراب، نتيجة الأشغال العمومية التي لا تنتهي.

البيضاء … أوراش على المجهول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حارس تشيلسي يلتحق بالمعسكر

وثائق "مبهمة" في ملف عصابة القاضي

مقالات ذات صلة